في فترة من الزمن كنت قد كتبت مقالاً في حق الشيخ - أحمد الكبيسي – وكان ذلك مني شكراً وتقديراً لهذا الشيخ في موقفه من - معاوية بن أبي سفيان - ، لكني اليوم ندمت ندامة الكُسعي على ذلك الإحترام والوصف ، لعلمي إن الكثير من رجال الدين لا يستحقون الإحترام ولا يجب علينا ذكرهم بشيء نُعاب عليه فيما بعد ، ولكني في ذلك كنت مشجعاً ودافعاً له ولغيره ولمن يريد طريق الصلاح والإصلاح ، ان يكون عقلانياً بدرجة ومبتعداً عن الزوايا الضيقة والأحكام المسبقة بدرجات ، وهناك مع معاوية رأيته كذلك ، ولكني أعترف إن خطأً ما وقع مني جعل مني إنساق في وصفه بما لا يليق ، وذلك لأن الرجل المذكور سريع التقلب سريع الغضب ومزاجي وغير دقيق في الأحكام ، وهو في مواقفه ينتقل من حال إلى حال فتارةً تابع لمزاج وأخرى رغبةً في شهرة أو إقتفاء أثر كما في تفسيره للكلمة وأخواتها في الكتاب المجيد .
هذا الشيخ ومن فرط عدم الدقة وقلة التوازن راح يتهجم على الشيعة بصورة غير لائقة وغير مطمئنة لحاله وسلامة عقله ، فالشيعة اليوم والشيعة الأمس والشيعة الغد ليسوا صفوية كما يزعم سياسيوا الفتنة ، بل هم أتباع لعلي بن أبي طالب مع تفاوت عندهم في الفهم وفي الوعي ، وتلك هي حال الدنيا وحال الناس كما هم السُنة في تعددهم وإختلافهم ولهذا فلا يجوز نسبتهم إلى السلاجقة أو إلى الأيوبيين ، ولا يجوز لك التنطع في كلام المراجل عن الدفع بالشيعة أو إلقائهم بالبحر حتى لا يظل منهم واحد في العراق .
عن هذا كان ندمي وأسفي على ظني الذي ذهب أدراج الرياح ولم يجد له أذن واعية ، وهنا أستذكر كلام للكاتب الرائع - مؤمن سلام - وهو يحلل جزء من شخصية رجل الدين ، وأتذكر قول الشيخ - محمد عبده مفتي الديار المصرية - رحمه الله ، عن الشخصية الإنتهازية ونفاق البعض من رجال الدين ، وأظني اليوم ملزم بالوقوف عند هذا الحد من رجال الدين ، وممن يحاول ان يجد له موطئ قدم وهو يسمع ويتحرق ويتمنى لو كان له في ذلك صولة وحال أو ان يكون كذلك معهم مع أولئك ، نعم هي روح الإنتهازي والوصولي نجدها لدى البعض إذ لمست فيهم تلك الروح فهم ينعقون مع كل ناعق .
وليعلم الجميع إني لست هنا مدافعاً الشيعة و عن الحق الشيعي فذلك أمر ليس شأنه هنا بل هناك في المباحث العلمية والحلقات الدرسية المحضة ، ولكني وجدت نفسي في مأزق وأنا أسمع كلام هذا الشيخ في قناة العربية سمعته يكثر من قولها – أقولها بصراحة - ، ولم أجد في كلامه أيةُ صراحة ، إنما وجدت الحنق والترديد المؤسف لكلام عصابات القتل والجريمة من داعش وأخواتها ، وليعلم إن هذه الداعش أو الدواعش زائلة لا محالة بحكم الواقع وبحكم التاريخ وبحكم عزيمة الرجال والنساء الشرفاء ، وهي عزيمة لا تلين ووجدت فيها البأس والشدة هذا في الشمال لدى الأكراد ، وهي عزيمة حاضرة بقوة لدى جنودنا البواسل تلك القامات الشامخة ، ستزول داعش حتماً طال الزمن أم قصر ويبقى العراق الواحد بشعبه هذا المتعدد المتعايش رغم كل هذا الكلام والصراخ ورغم حشرجات أنفس الضعفاء .
نعم إني نادم على وصفي لرجل بصفات لا يستحقها ، فالعقلانية صفة كبيرة ومهمة وهي لازمة ومستمرة ولا تزول إلاَّ بزوال العقل ، وكنت أظن إن من يوصف بها سيحميها ويدافع عنها بالكلام وبالحكمة وبالموعظة الحسنة لا بطرد الشيعة أو القضاء عليهم في العراق ، ومع ذلك أقول للكبيسي : تب إلى نفسك وأعترف بخطئك ولا تلاحق كلام أهل الدجل والثرثرة فتفشل ، وأحمي ما تبقى من عمرك فإنك في أرذله ولا تصدع حياتك وماتبقى منها - فالله يمهل ولا يهمل - .
مقالات اخرى للكاتب