اي مهنة انتاجية او غير انتاجية هي علاقة اجتماعية تربط الناس بعضهم بالبعض الآخر. واي مهنة ستكون محترمة بقدر احترام صاحبها لتلك العلاقة بينه وبين الناس، فان اختار صاحب المهنة ان لا يحترم العلاقة المهنية التي يرتبط من خلالها بالمجتمع وجعلها علاقة غش وخداع، سيجابه بالازدراء كرد فعل حتمي، اذ ان المجتمعات التي تجابه عدم الاحترام بالتبجيل، هي مجتمعات تستحق الازدراء، مجتمات ميتة وقد قال الشاعر المتنبي
من يهن يسهل الهوان عليه..... مالجرح بميت ايلام
الدين لا يختلف عن بقية المهن ، فهو ايضا علاقة بين رجال الدين وبين المجتمع، فان احترم رجال الدين هذه العلاقة وبنوها على الصدق والصراحة، وهبهم الناس احتراما ومنزلة، اما اذا اختاروا ان تكون تلك العلاقة متسمة بالكذب والغش والخداع، فسيكون الهزوء والاستخفاف بالدين وبرجاله امرا حتميا.
في عز القيض وفي اشتداد الحر وازمة الكهرباء وازمة الماء، وفي ظل اتساع الفجوة بين معيشة المواطنين وبين معيشة المسئولين والسياسين، خاصة اولئك المحسوبين على التيارات الدينية، انتشرت على صفحات التواصل الاجتماعي صورة للشيخ الاسلامي خالد العطية، الغني عن التعريف لا لعمل وطني او تميز ديني ولا لنبوغ علمي، لكن لعملية جراحية اصلح فيها بواسير مؤخرته على حساب ميزانية الدولة بما يقارب من سبعين الف دولار، فكانت اغلى عملية اصلاح دبر في التاريخ الحديث والقديم.
يظهر الشيخ الاسلامي خالد العطية في صورة قيل انها التقطت له في استراليا، حيث الماء والخضراء والوجه الحسن. ولانه في استراليا، ولأن العمامة والجبة لا تمنحه تقديرا استغفاليا، ارتدى زيا اوربيا، قميصا وبنطالا وحذاء لماعا وتسريحة شعر حرص ان تكون منسجمة مع ملابسه الاوربية بعد ان نزع من اصابعه المحابس ووضع ساعة ذهبية في يده اليسرى والقى سبحته قرب نفاضة السجائر وافتر حلقه عن بابتسامة كانها لأمرة غبية حمقاء.
الشيخ الذي يستلم الاف الدولارات فقط لأنه يمتهن الدين، وامتهان الدين في المجتمعات المتخلفة مهنة مربحة وسهلة ومريحة جدا، خلع العمامة وتخلى عن الوقار ووقف متسكعا في المنتزهات يلتقطون له الصور في وضعيات متعددة كنجم سينمائي معتزل.
انه لا يختلف عن محمد العريفي، الشيخ الاسلامي الوهابي الذي بعد ان نصح المصريين بالجهاد، ذهب الى لندن ليجاهد حسب طريقته الخاصة، فصاحبنا العطية ينصح جمهور الغافلين بالزهد والاقتداء بآل البيت ويقضي اوقاته مرة في لندن واخرى في استراليا.
خالد العطية، الذي قابلته جماهير الديوانية عندما كان يروج لحملته الانتخابية بهتاف نفطات الشعب فدوة لبواسيرك، ثمنته الحكومة ومنحته منصب رئيس هيئة الحج والعمرة، ذلك ان العراق هو دولة العالم الوحيدة التي يتعاظم فيها مكان الغشاشين والمزورين، اما الفاسدون الهاربون فانهم ينعمون في الدول الاوربية باموالهم المسروقة دون خوف من محاسبة.
الشيخ خالد العطية يذكرنا بـ (حريم) السعودية، فهن يحرصن على ان يرتدين الزي الاسلامي الكامل، لكن ما ان تقلع الطائرة حتى يتخلصن من اعباء الحجاب والنقاب. بالطبع نساء السعودية يختلفن كثيرا عن الشيخ العطية، فهن منسجمات مع انفسهن ويسعن للتخلص من وضع مفروض عليهن، اما هذا الشيخ، فهو متناقض مع نفسه ومع دينه، فبدلا من قضاء اجازته عند اضرحة الاولياء الصالحين والآمة المعصومين او الاستزادة من رفقة الله في بيته الحرام، وخاصة بعد ان اصبح رئيسا للهيئة، نجده شاغلا وقته بما يلهي عن ذكر الله، بالتجوال والسياحة في بلاد الكفار حيث تباع المشروبات الكحولية وتكثر المواقع الاباحية والبارات والنوادي الليلية، تلك التي يبذل هذا الشيخ وامثاله جهودا جبارة من اجل منعها في العراق، فان يذهب اليها متعنيا كما يذهب المسلم لبيت الله، فليس لنا الا القول، لقد هزلت ورب الكعبة.
بالطبع سيعود هذا الرجل الى العراق ويرتدي عدة الشغل، الجبة والعمامة والمحابس والمسابح وسيكوي جبهته بحبة بطاطا حارة وسيظهر بمظهر الزاهد الورع وسيذرف الدموع السخية في عاشوراء!!! ولا عزاء للمغفلين
مقالات اخرى للكاتب