لنتكلم بصراحة؛ في العراق اليوم لا توجد ضوابط للعملية الإعلامية بأي شكل من الأشكال خاصة وأن الإعلام أصبح غير تقليدي وتجاوز فكرة حدود الدول السياسية التي لم تعد معترف بها؛ وأن الفوضى الإعلامية والتخبط وضعف وحداثة خبرة الكوادر الصحفية في الإعلام العراقي ادى دوراً سلبياً لدعم أفكار داعش والجماعات الإرهابية التي تروج لنفسها ونحن جميعاً كصحفيين نروج لها سواء عن قصد أو جهل، ولابد أن نحدد دور الإعلام فى هذه المرحلة المهمة فنحن أمام نوع آخر من الإرهاب ولابد من التعامل بوعي ولابد أيضاً من ترتيب أولوياتنا بما يخدم المصلحة الوطنية لاننا في موقف محرج وصعب للغاية.
ولا ضير ابداً الاستعانة بخبراء لاننا بحاجة إلى تدريب خاصة في حقل الإعلام الجديد، لانه يتضح للمتابع لوسائل الإعلام العراقية أن الإعلاميين في العراق بحاجة لتدريب وتأهيل في موضوع الموازنة بين حرية الإعلام والمسؤولية الوطنية والاخلاقية تجاه العراق.
والمعادلة تبدو معقدة نوعا ما؛ فحق المواطن في المعرفة هو جوهر العمل الإعلامي وهو مطلب مهم لكل العراقيين وغيرهم، وهو ما يتطلب الحصول على المعلومات من مصادرها لتحقيق الصالح العام والأمن القومي، لكن هل حرية الإعلام ليست بلا حدود غير مسؤولة.
إن الحرب التي يخوضها العراق اليوم مع داعش والتي تصنف ضمن حروب الجيل الرابع هي اصعب واعقد أنواع الحروب وهي تعتمد على الإعلام بالدرجة الاساس، لذا فمواجهة الإرهاب عن طريق الإعلام ضرورة، لكن بحرفة ومهارة، وليس بالتحشيد وقتل الوقت بساعات من الحوارات والاغاني الوطنية المملة، لأننا أمام نوع جديد من الإرهاب الداعشي مختلف تمامًا عن الإرهاب في زمن القاعدة، حيث أن تنظيم القاعدة الإرهابي وأفراده والإرهابيين الذين يقتاتون على أفكاره الاجرامية التكفيرية، استخدموا الإنترنت من قبل كموقع لنشر المواد بصورة مجهولة، وأن تنظيم داعش والأفراد التابعين له، باتوا يستخدمون شبكات التواصل الاجتماعى بصورة مباشرة، لإيصال رسالة بلغة يفهمها أقرانهم من الإرهابيين في جميع دول العالم، في وقت عجزت الدولة العراقية على مخاطبة العالم بجرائم والمصائب التي سببها داعش بالعراق.
إن العراق في حالة حرب شرسة تهدد وجوده كدولة!، لكن هل الإعلام العراقي يدرك مخاطر تلك الحرب وحجمها؟ وهل استطاع إيصال ذلك للمواطن العراقي؟.
أذا ما هو المطلوب؟ برأيي المطلوب من الإعلام العراقي الكثير لكن الأهم هو لابد أن يعد لهذه الحرب خطة طويلة الأجل وليس فقط مجرد تغطية لواقعة إرهابية يتم تناولها فقط كـ ردة فعل؛ لكن كما نوهت في مقدمة المقال الإعلام العراقي لا تحكمه أية ضوابط مهنية أو وطنية، لذا نحن اليوم بحاجة إلى مراجعة انفسنا خاصة في الهيئة العراقية لخدمات البث والأرسال، عليهم زيادة العمل على التوجيه من خلال المتابعة المستمرة والعلمية لوسائل الإعلام العراقية.
إن الإعلام هو السلاح الرئيس لتنظيم داعش، وهذا التنظيم يستخدم جميع وسائل الإعلام في الترويج لأهدافه، ويتمتع التنظيم الإرهابي بقدرة كبير على إعداد (رسائل مثيرة) تدعم أهدافه الإرهابية في العراق وبقية دول العالم.
فلا بد من وضع نقاط محددة ومواعيد فعلية يجب أن يؤدي فيها الإعلام دوره لنقل المعلومة، كما أن هناك أوقاتً يجب فيها الصمت لصالح الأمن القومى للبلاد.
وهنا انوه على أنه لا فرق بين الإعلام الرسمى والخاص، عندما تتم مناقشة أمور تخص الدولة وأمنها، وعلى الإعلاميين ضرورة تحري الدقة وتحمل المسئولية تجاه قضايا البلد المصيرية وفي مقدمتها أمنه القومي، فخلال عملي في قناة العراقية (التلفزيون الرسمي) كنت ادخل في نقاش طويل مع الزملاء في الإعلام الخاص على المسؤولية الاجتماعية للإعلام العراقي وعلى أختلاف ملكيته، فحينما يتعرض العراق لخطر لا تقع مسؤولية الدفاع عنه على الاعلام الرسمي؛ لكن الكل يعرف أن كثير من وسائل الإعلام وخاصة الفضائيات هي أسست من اموال اقليمية ودولية لخدمة أهداف الدول الممولة لها.
إن داعش لا يمتلك وسائل إعلامية ولكن تستغل الإعلاميين بقصد أو دون قصد بنشر أخبارهم، ويجب على الإعلام بشكل عام أن يكون لديه وعي؛ وعليه يجب على الدولة العراقية وضع خطة إعلامية محددة للتعامل الأحداث العاجلة من خلال (خلية الإعلام الحربي) خاصة وأن العراق في حالة حرب، حتى لايقع المواطن العراقي تحت تأثير الإعلام الآخر سواء داخل العراق أو خارجها، وبما أننا تحدثنا عن قلة خبرة أغلب الإعلاميين في العراق تجاه التعامل مع الإرهاب إعلامياً فبات من الضروري تكثيف برامج لتدريب الإعلاميين لزيادة مهارات الصحفيين والإعلاميين في التعامل مع أدوات العصر.
مقالات اخرى للكاتب