تعدد الرواتب..
ظُلِمَّ السجناء السياسين مرتين؛ الأولى في حكم البعث والعذابات التي تحملوها في زنازين الديكتاتورية, والثانية عندما حكم حزب الدعوة وأستخدم مظلوميتهم كورقة من أوراق الفساد, إذ ساوى بينهم وبين المزوّرين بل كان مثلوا الحزب في البرلمان ومكاتب الحزب, تحث على التزوير, فأعتبر السياسي وصاحب الرأي والموقف مثله مثل أرباب السوابق من المجرمين وقطّاع الطرق, والغاية من هذه الجريمة الكبرى بناء قاعدة للحزب عن طريق التزوير الإحتيال والعبث بأموال الدولة..
وأي جريمة تفوق شراء الولاءات بأموال البؤساء والمعذبين؟!..
لقد قام حزب الدعوة منذ بداية حكم المالكي بزجّ عشرات الآلاف في مؤسسة السجناء, تحت يافطة "إنصاف ضحايا النظام البائد".. أصل المبدأ يمثّل ضرورة تتطلبها العدالة الإنتقالية؛ بيد أنّ الممارسة كانت متضمّنة لكارثتين:
الأولى/ الإنتقائية في التوثيق, إذ إنّ أسماء كثيرة دخلت السجن بتهم سياسية وتعرضت للإضطهاد وبسبب عدم ولائها للدعوة أستبعدت ولم توثّق, بينما هناك آلاف لم تنطبق عليهم الشروط تم توثيقهم كــ(سياسيين) بعد ضمان إنتمائهم للدعوة!
الثانية/ الذين تم توثيقهم كسجناء, أعتبرت الفترة منذ تاريخ سجنهم ولغاية سقوط النظام, فترة خدمة فعلية بالنسبة للذين حصلوا على وظائف عن طريق تأييد مؤسسة السجناء, إضافة إلى تمتعهم براتب (سجين سياسي).
وكمثال حي: شقيق أحد أعضاء البرلمان عن حزب الدعوة, تخرّج من كلية أهلية في عام 2010, وتم تعيينه بشهادة البكالوريوس مع إضافة خدمة فعلية وإحتساب شهادته المؤرّخة في 2010, منذ 1981. والآن يتمتع براتب من دائرته, وراتب آخر من السجناء..!
السجين أعلاه, حصل على وظيفته وسنوات الخدمة, كتعويض عن مرحلة الحبس والإضطهاد ويبدو الأمر منطقياً, غير أنّ راتب السجناء الذي يكفي خمسة عوائل يعد سرقة وبالتواطئ مع الحكومة.. جميع السجناء مثل صاحبنا المتحوّل, فبعد أن كان رجل موقف أصبح سلعة, ولعمري إنّ سجنه أكثر حرية من لوثة غمط حقوق الأيتام والفقراء..
إنّ ظاهرة تعدد الرواتب لا تقتصر على السجناء؛ إنما هي أحدى وسائل حزب الدعوة لبناء سلطتهم المستوحاة من قرينهم حزب البعث.
مقالات اخرى للكاتب