" تَوّجهَ تاجرٌ الى الصين ، لجلب بضاعة يستربح منها .. قضى عدة أيام وبلغتْ كلفة الذهاب والإياب والإقامة والطعام والمساج .. وقضايا أخرى ، حوالي العشرة آلاف دولار أمريكي .. وعقدَ صفقة لشراء " خيوط وأزرار متنوعة " بقيمة خمسة آلاف دولار . عاد الى بغداد ووصلت بضاعته بعد مُدة .. وإستغرقَ شهراً حتى تمكَنَ من بيع الخيوط والدُكَم ، بسعر ثلاثة آلاف دولار ! .. حيث تبَينَ انها من نوعيةٍ بالغة الرداءة . المُفارَقة ان أقرباء التاجِر دّوخوا أهل الحّارة قبل وأثناء سفره الى الصين ، حول البضاعة العجيبة التي سوف يجلبها من وراء البحار والتي سيربح منها مئات الآلاف من الدولارات وسوف يقوم بتوزيع الخيرات على الجميع ! " .
قصة صاحبنا التاجر أعلاه ، تشبهُ من بعض النواحي ، سفرة رئيس الوزراء " نوري المالكي " الى الولايات المتحدة الأمريكية .. فعلى ذِمّة ( أحمد الجلبي ) ، ان تكلفة زيارة أو سفرة المالكي والمرافقين له ، الى أمريكا ، بلغتْ حوالي المئة مليون دولار أمريكي ! .. والجلبي عندما يقول ذلك ، فليسَ من فراغ ، فالرجُل ذهب لمراتٍ عديدة ضمن وفودٍ الى الولايات المتحدة وغيرها ، بل كانَ أحياناً رئيساً للوفد ، ويدري كَم هي المصاريف التقريبية .. إضافةً الى أنه عاش هناك لسنواتٍ طويلة ولهُ فيها علاقات مُتشعبة .
المُهِم .. هي " البضاعة " التي سوف يشتريها المالكي خلال زيارته الميمونة .. فأهلهُ وأقرباءه ، طّبلوا كثيراً قبل وأثناء الزيارة .. وقالوا ، ان الزعيم سوف ينتصر بالتأكيد في غزوتهِ الأمريكية ، وسوف يحصل على طائرات إف 16 .. بل رُبما يستطيع إقناع الأمريكان بتزويده ببعض إف 17 أيضاً ! ، ورّوجوا أنه من المُحتَمَل ان لايعود المالكي الى بغداد ، بطائرته الرئاسية الفخمة ، بل بإحدى طائرات إف 16 الحربية !! . وقالوا ، ان أوباما سوف يرجوهُ ويتضرَع إليهِ ، أن يقوم بِدَور الوسيط ، بينه وبين الرئيس الإيراني روحاني " ولّمحَ أوباما أن أبوهُ في الأصل شيعي !! " . وتمنى أوباما أن يُساهم المالكي في حل المشكلة السورية . وأضافوا ، ان المسكين أوباما ، طلبَ ان يجتمع مع المالكي ، منفرداً في لقاءٍ غير رسمي ، لكي يحصل منه على إرشادات ونصائح ، في كيفية التعامل مع الجمهوريين في الكونغرس ، بناءً على تجربة المالكي الثرية ، في كَسر شوكة خصومه خلال السنوات الماضية ! .
يُقال ان المالكي أبدى إستعداده لمُساعدة أوباما .. لكن بِشرط : أن يُسّلمهُ الرئيس الأمريكي ، جميع السيديهات المُسجلة طيلة سنين ، في عمليات التجسُس على المالكي نفسه وقادة العملية السياسة الآخرين .. وهي بالطبع تسجيلات حّساسة من عدة نواحي ! .. وكذلك إشترط المالكي أيضاً ، ان يتدخل أوباما بِحزم ، لدى الفُرقاء العراقيين ، من اجل إقناعهم بتنصيب المالكي ، لدورةٍ ثالثة . يُقال ان أوباما طلب مُهلة لكي يتشاور مع مستشاريه حول هذه الشروط ! .
........................
التاجر الغشيم أعلاه .. خسرَ أموالهُ الشخصية ، فلقد صرف خمسة عشر ألف دولار في سفرته الصينية ، وباع بضاعته في بغداد بثلاثة آلاف .. لكنه على أية حال ، رُبما إستفاد من المساج الصيني أو تَمّتعَ ب ... القضايا الأخرى !.
أما رئيسنا المالكي .. فلقد صرفَ 100 مليون دولار .. ولم يحصل على إف 16 ولا غيرها .. بل كما يبدو ، فأن أوباما وإدارته ، تعاملوا معه ببرود واضح ، ولم يُقدموا له أية وعود ، بصدد محاربة الإرهاب ، والملفَين السوري والإيراني .. ولا إعادة تنصيبه في 2014 .
100 مليون دولار ، من أموال الشعب العراقي .. ذهبتْ هدراً وهباءاً .. حتى من دون الإستفادة من المَساج الأمريكي ، ولا التمتُع ب ... قضايا أخرى ! .
مقالات اخرى للكاتب