على ما شاهدناه على الشاشات وقرأناه منشوراً في صفحات الصحف من الشعارات والصيحات والمطالبات التي رددها من شارك أو طالب بالاصلاح من المتظاهرين والمهتمين بالقضايا العامة لم ترد اشارة الى موضوع رواتب الموظفين.والمفاجئة أنها جاءت بقرار من مجلس الوزراء محسوبة بدقة لتقصم ظهر دخل الاسر التي بالكاد تدبر امورها بما تتسلمه شهرياً من راتب اسمي ومخصصات .. رتبت عليه شؤون حياتها على اساس أنها البقية الباقية من طبقة وسطى اندثرت أو كادت.وباليقين فان من شارك بقوة ونفوذ في وضع أرقام الرواتب الجديدة للموظفين هو من كان يردد بأن الموظف لا يعمل لأكثر من عشرين دقيقة في اليوم، وقد أضاف على نفسه خطأ جديداً، إذ كيف يكون ذلك ويلقي اللوم على الموظف وتبرأ منه الدولة التي لم تشغله لأنها تخلت عن القيام بالكثير من مهامها. ومن الغريب ان هذه العاصفة التي جاءت بها سلطة القرار وهي عازفة عن النظر والمتابعة لما تحقق في تنفيذ ما سبق من القرارات التي اعلنت منذ شهور ويقر الكثيرون وخاصة الاعضاء في السلطة التشريعية أن أياً منها لم ينفذ لحد الآن.كان على من سعى وعمل على انجاز هذا المشروع أن يدرك باخلاص أن رواتب الموظفين وكل ما يتقاضونه من مخصصات تم احتسابها بدقة عند اصدار القرارات الخاصة بها وهذا يعني أن حذف أو تغيير أو تعديل أية مخصصات أنما يتم بتعويضها باضافة تكافأها حتى لا يهبط الدخل وتتأثر حياة الاسرة. ولم يسبق بتاريخ الدولة العراقية أن قراراً أو اجراءاً قد اتخذ بتخفيض جماعي لمجموع دخل الموظفين.جدول الوظائف يضم عشر درجات وكل من وصل الى احداها انما حازها بالاستحقاق المرسوم بالقانون. عدا المدراء العامون وذوي المناصب الرفيعة التي احتلوها دون تدرج أو ممارسة بل عرقلوا عجلة التطور والتقدم في عمل الدوائر والمؤسسات بعد أن استحدثت لهم مواقع غير ذات أثر في سير العمل في الدائرة أو المنشأة، اضافة الى ما اغدق عليهم من السكن والنقل والحماية وهي ذات تكاليف باهضة وواضحة الهدر المالي عندما نجد أياً منهم وقد احتل كرسياً لم يجلس عليه الكثير من الملوك الحاليين والسابقين ولا مسؤولي الدول الكبيرة والصغيرة والذين يكتفون بالأثاث البسيط لمكاتبهم وحتى في البيوت المخصصة لهم كي يجبوا عن انفسهم الشبهات، مثلما فعل وزير العلاقات الدولية الدانماركي حين أصر على الاستقالة رغم ان سكرتاريته هي التي وقعت في الخطأ وحجزت له مقعداً في الدرجة الأولى في رحلة رسمية ولكنها قصيرة المسافة حيث لا يسمح القانون بذلك. وانطلق الوزير في اصراره على الاستقالة في أنه هو شخصياً موضوع المخالفة وعليه أن يتحمل المسؤولية. ولو عدنا الى أيامنا غير البعيدة لوجدنا أن لدينا أمثلة ربما تفوق في التعفف والنزاهة ما هو موجود اليوم في أرقى المجتمعات.وهناك أمر في غاية الأهمية هو أن تقديرات الانفاق في الموازنة الجديدة تتضارب من ناحية الحجم أو النسبة، خاصة تلك المتعلقة برواتب الموظفين، والتي لن تتجاوز ما يعادل (28) مليار دولار امريكي وهو ما يتيح للمشرع حرية الحركة والتصرف اضافة الى ان الانفاق الاستثماري للسنوات الثلاث الماضية لم يتجاوز 58 بالمئة ولم نجد من اثر لنســـبة 42 بالمئة والتي كان من المحتم أن تحـــــــتل مبالغها المدورة الصدارة في أبواب الموازنة اللاحقة.
مقالات اخرى للكاتب