يبدو ان نظام الحكم في العراق في طريقه نحو التحول الى نظام حكم المشايخ السائد في دول الخليج العربية. فالحكم في تلك الدول ورغم ان معظمها تجري فيها إنتخابات برلمانية هو نظام حكم عائلي يتوارث فيه الحكم أبناء العائلة الحاكمة التي تهمين على معظم مقدرات البلاد ومواردها. وخير مثال على ذلك عائلة آل خليفة الحاكمة في البحرين وعائلة آل سعود في الحجاز.
فهناك اليوم مؤشرات عديدة تشير الى سيادة مثل هذا النظام في العراق مستقبلا, او على الأقل هناك من يسعى لتحقيق ذلك. وأول تلك المؤشرات هي سيرة رئيس الوزراء في الحكم طوال السنوات الماضية. فالدولة العراقية لايديرها مجلس الوزراء ولا البرلمان بل إن صاحب القرارات والمتحكم بقراراتها المصيرية هو مكتب رئيس الوزراء الذي يمتلك سطوة على كافة مؤسسات وسلطاتها الثلاث وكما أكد ذلك السياسي العراقي المعروف الدكتور أحمد الجلبي.
وهذا المكتب تشرف على إدارته حصرا عائلة المالكي بدأ من إبنه أحمد صاحب السلطات الواسعة والتي لم ينكرها حتى رئيس الوزراء في قضية إعتقال أحد المقاولين في المنطقة الخضراء, ويضاف له صهريه اللذان أصبحا عضوين في البرلمان الحالي, فضلا عن اولاد خاله وأبناء عمومته الذين يسيطرون على مفاصل المنطقة الخضراء.
واما على صعيد المناصب السيادية فإن المالكي فاق حتى مشايخ الخليج في إحتكار تلك المناصب. فحكام الخليج عادة ما يضعوا ابنائهم واقاربهم على رأس الوزارات السيادية وخاصة الأمنية منها كالدفاع والداخلية, إلا ان المالكي وفي ظل إفتقاره لأفراد من عائلته يمتلكون الحد الأدنى من الكفاءة والمقبولية , قرر أن يحتفط لنفسه بإدارة أهم وزارتين في البلاد ألا وهما الداخلية والدفاع.
ومع دخول صهريه لمعترك العمل البرلماني فمن المرجح أن يتوليا مناصب حساسة في الدولة فيما لو فاز المالكي بولاية ثالثة.
هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإن إصرار المالكي على البقاء في منصبه لولاية ثالثة ستعقبها رابعة بالرغم من عدم فوز إئتلافه الا بربع مقاعد مجلس النواب, يشير الى عزمه على عدم التخلي عن السلطة وتشبثه بها ومهما كان الثمن, بالرغم من أن هذا الفوز مصطنع وغير حقيقي بل هو فوز مزيف, إذ ماكان للمالكي أن يحصد ربع تلك الأصوات لولا تسخيره للمال العام ولموارد الدولة المختلفة لتحقيق ذلك النصر , ففما تحقق هزيمة له قياسا بإمكانياته الكبيرة التي خاض بها الأنتخابات مقارنة مع أمكانات منافسيه.
ولذا فإن العراق في طريقه نحو التحول الى مشيخة فيما لو بقي المالكي في منصبه الذي لن يتخلى عنه أبدا وحتى نزوله في القبر وحينها سيرتقي سدة رئاسة الوزراء سمو الشيخ أحمد المالكي يتبعه سمو الشيخ حسين المالكي وصخيل المالكي وهلم جرا. واما المرتزقة والنفعيون والفاسدون والجهلة فسيصفقون ويطبلون ويتفلسفون مدعين أن المالكي خير من صدام واحمد خير من عدي وصهريه خير من صهري صدام واولاد خاله خير من خير الله وهكذا سيستمرون في مقارنة السيء بالأسوأ بدلا من تقويم السيء او
إستبداله, واخيرا فلا يتكلم احد بسوء على مشايخ الخليج فأنظمتهم قدوة ومثلا للمالكي وأتباعه.
مقالات اخرى للكاتب