لم يكن الخطاب الذي ألقاه يوم امس رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بالمتوقع من حيث مضامينه التي فاجأت الشارع العراقي. فالعبادي الذي اعلن قبل قرابة الشهرين من اليوم عزمه تشكيل حكومة تكنوقراط تنتشل البلاد من مستنقع الفساد والدمار الذي غرقت فيه, ظهر يوم أمس وكأنه لا يعرف ما يريد ولا ماتريده الكتل السياسية أو ما يريده البرلمان, وكذلك لايبدو واعيا لخطورة المرحلة.

فقد إدعى في خطابه بأنه لا يعلم مالمطلوب منه أهو تشكيل حكومة سياسية من الكتل أو حكومة تكنوقراط من المستقلين! فإن كان العبادي “عبيطاً” فتلك طامة كبرى ومصيبة ما بعدها مصيبة! فبعد مرور كل تلك المدّة الطويلة التي طالب فيها بتشكيل حكومة تكنوقراط وبعد ان شكّل لجنة لذلك, وإذا به اليوم يدّعي أنه لا يعرف ماذا يريد البرلمان!

فإن كان الأمر كذلك فقد أكّد في هذا الخطاب الوصف الذي اطلقه عليه مسؤوله الحزبي السابق عزت الشابندر الذي وصفه ب”أغبى” عضو في حلقته الحزبية. وأكّد كذلك بأنه خاتم في إصبع قيادة حزب الدعوة التي تظهر بصماتها واضحة على البيان المليء بالمراوغة وبالوعود الكاذبة للشعب.

العبادي في واقع الأمر “عبيط ومستعبط” ,فالعبادي الذي يدّعي الحيرة وعدم معرفته بماتريده الكتل, ألا يعرف ما يريده الشعب؟ وهل إن شرعية الكتل والبرلمان فوق شرعية الشعب؟ الشعب أجمع على محاربة الفساد والفشل وضاق ذرعا بهؤلاء السياسيين الفاشلين وعبر عن ذلك عبر الشعارات التي رفعها ضدهم خلال التظاهرات التي إجتاحت العراق مؤخرا, فمن الأولى بالرضا حفنة من السياسيين الفاشلين ام الشعب العراقي؟

فهل أن مثل هذا الخيار صعب على العبادي تبنّيه ام أنّه يؤثر إرضاء الكتل على كسب رضا الشعب؟
إن الطريق أمام العبادي واضحة إن كان حقّا يريد إصلاح ما أفسده حزبه, ألا وهو تقديم حكومة تكنوقراط مستقلة الى البرلمان, وحينها فإن الكرة ستكون في ساحة الكتل السياسية التي سيتضح حينها امام الشعب من منها يقف مع الإصلاح ومن منها يقف بوجه الشعب الذي سيعاقبها بما يليق بها من عقاب سنّته الشرائع السماوية وقوانين حمورابي!