ينحو البعض إلى المخالفة بدافع الوهم ، أو ربما بقصد التمايز الفكري أو الرؤياوي عن موقف الأغلبية من شيء سلبي ما ..
و هذا ليس بأمر سيء عندما يتعلق الأمر بنص إبداعي ، يسعى إلى تفرد و تمايز على صعيد أي إنتاج ثقافي أو فني ، و في أي حقل من حقول إبداعية كالشعر و الرواية و القصة أو المسرحية أم الفن التشكيلي أو السينمائي ..
فذلك سيكون حقا مشروعا وموقفا متفهما بل و محمودا كمنجز إبداعي !..
أما الإصرار على مخالفة موقف أو رأي الأغلبية من ظاهرة اجتماعية أو سياسية سلبية أو مضرة للمجتمع برمته ( كموقف مضاد من موقف المطالبة بإلغاء تقاعد النواب و الرئاسات الثلاث مثلا ، و فوق ذلك اعتبار هذه المطالبة إخلالا بالديمقراطية ؟!!) و ذلك بغية التمايز بالرأي أو الرؤية مخالفة ، أو كضرب من ضروب التذاكي ، فالأمر هنا لا يخلو من غباء فادح ،كامنا خلف هذا التذاكي البائس ، و بغض النظر عن تقديم حجج أو مبررات أكثر بؤسا وبطلانا ..
فهؤلاء البعض ، هم أنفسهم يديرون و يلفون بهذياناتهم و ثرثرتهم الفارغة والمكررة ، و متناقضة أحيانا أخرى ، و بأسلوب ركيك جدا و مقيت فعلا ، معتقدين بأنهم يتناولون مواضيع كبيرة أو فلسفية عصرية مهمة و برؤية جديدة و إضافية مكملة !!..
مثلا الكتابة عن المرحاض العراقي ...
أو دعوة الألمان إلى اعتناق الدين الإسلامي !!، على اعتبار إن الألمان يعدون في نظر العالم أناسا عمليين و نزيهين و دقيقين ومخلصين في عملهم و أخلاقياتهم عالية ومبدئيتهم راسخة و ثابتة وطنيا ، لكن الشيء الوحيد الذي ينقصهم ــ حسب اعتقاد هؤلاء البعض ــ هو اعتناق الدين الإسلامي !..
أي نعم ..
و لماذا يا ترى ؟!..
حتى يكونوا " خوش أوادم " بالتمام و الكمال ، و بالضبط على الطريقة الإسلامية !!..
يقول هذا الكلام بعض يعيشون على حساب الألمان و في ألمانيا و لسنوات طويلة و حتى الآن !!..
فالألمان لا يعجبون هؤلاء البعض لا لشيء ، فقط لكونهم ليسوا مسلمين !!..
فلنتصور و نتخيل ــ من جانبنا ــ الألمان مسلمين ؟!! ، قسم منهم يمضون حياتهم كلها بالخشوع و العبادة والحج السنوي الدائم إلى بيت الله الحرام ، و قسم أخر منهم يمضون معظم حياتهم في الطرقات ساعين أسبوعيا باتجاه أضرحتهم المقدسة لأداء طقوسهم المذهبية المطلوبة ..
لنسأل أنفسنا باستغراب : ماذا سيحدث للصناعة الجيدة و الدقيقة حينذاك ــ و التي يمتاز بها الألمان عادة ــ و ذات النوعية الممتازة التي تواجه عاديات الزمن لسنوات طويلة ؟! ..
فالألماني ــ كالياباني ــ يحب العمل ، ولا يكتفي بذلك فقط ، و أنما عندما ينتج شيئا ما فأنه يحرص على أن يكون عمله جيدا و ممتازا ومتميزا بدقة صناعته المعروفة و الشهيرة !..
ليس على طريقة صناعة " طكة عطية " العراقية .