تشكلت الحكومة لا لم تتشكل بعد ستعلن الحكومة خلال أيام ولم تعلن والسيد العبادي حائر بين أحزاب وكتل لا هم لها غير تقاسم ثروات العراق وميزانيته الخيالية وتحقيق أقصى ما تستطيع من مطالب للناخبين الذي اوصلوها لقبة البرلمان .
كتلة متحدون برئاسة الأخوين النجيفي تقدم 36 مطلباً تسميها ورقة الحقوق وترهن مشاركتها بالحكومة على تنفيذ مطالبها المرفقة بهذه الورقة ولم تكتفي بذلك بل أنها اشترطت اولاً أن ترى بعينيها تنفيذ شروطها قبل المشاركة بالحكومة فأي مهزلة سياسية أسخف من هذه وكيف ستلبى المطالب ( الحقوق ) بدون حكومة تنفيذية تشرف على تنفيذها إذا كنتم ترفضون المشاركة قبل التنفيذ !
التحالف الكوردستاني يقدم لائحة مطالب من 30 بند يعتبرها مصيرية بالنسبة له وأهم مافيها تقاسم النفوذ على المناطق المتنازع عليها أو فرض سيادتها عليها وخصوصاً بعد إعلان التحالف الكوردستاني أن الفقرة 140 من الدستور العراقي والتي تخص المناطق المتنازع عليها بين الكورد والحكومة المركزية قد أصبحت لاغية ومنتهية الصلاحية حسب تعبير الأخوة الأكراد في التحالف الكوردستاني وكذلك حل مشكلة أبرام العقود مع الشركات النفطية وتصدير وانتاج النفط في كوردستان بطريقة ترضي الجانب الكوردي وعلى العبادي تنفيذها في حال رغب بمشاركة الكورد بالحكومة الجديدة .
تحالف القوى العراقية برئاسة رئيس مجلس النواب سليم الجبوري ايظاً له مطالب جوهرية ليس أقل منها أصدار قانون العفو العام عن كل السجناء والمعتقلين في سجون الحكومة وإلغاء حزمة قوانين دستورية ليست من اختصاص الحكومة منها قانون اجتثاث البعث وقانون المسائلة والعدالة والفقرة 4 إرهاب والموافقة على تشكيل الإقليم السني الذي يمتد من الموصل وحتى جنوب بغداد مروراً ب6 محافظات عراقية هي الموصل والأنبار وصلاح الدين وكركوك وديالى وبغداد وايظا يرهن مشاركته بالحكومة في تنفيذ هذه المطالب المشروعة كما يسمونها .
أما اياد علاوي الذي يحاول جاهداً أن يجد له موضع قدم في الخارطة السياسية العراقية الجديدة والذي فقد كل أصدقاء الأمس فأنه ما زال يحن إلى منصب رئيس مكتب السياسات الاستراتيجية الذي أصبح في خبر كان ومازال يعزف على على وتر المشاركة الفعالة في صنع القرارالسياسي والأمني وعدم تهميش بعض المكونات العراقية ويقصد المكون السني الذي ظل يراهن عليه طوال السنوات الماضية .
تشكلت حكومة السيد العبادي ولم تتشكل بعد والكل عيونهم على الوزارات الأكثر ريعاً وميزانية في الحكومة المقبلة فالمجلس الأعلى الذي تمثله كتلة المواطن والذي استمات في الدفاع ودعم مشروعه المزمن ( حكومة المشاركة الوطنية ) يريد أن تكون حصته وزارة النفط والكل يعرف القيمة المادية لهذه الوزارة في الحكومات العراقية المتعاقبة والتيار الصدري يصر على استمراره في قيادة الوزارات الخدمية التي يقول أنه وفق في قيادتها وقدم ما يلبي حاجة المواطن في مجال الخدمات والسكن أما الأكراد فهم كعادتهم مازالوا متمسكين بوزارة الخارجية العراقية مضافاً لها وزارات أخرى كالمالية والتخطيط لترسيخ نفوذهم في بغداد رغم الدعوات المتكررة من القيادات الكوردية بأنهم في طريقهم إلى الإنفصال وإعلان الإستقلال ليتحول الأقليم إلى دولة كوردية على أرض الواقع العراقي والعالمي أم أسامة النجيفي فأنه يصرح بأن حصتهم من الإستحقاق الإنتخابي في تشكيلة الحكومة ليس أقل من 10 وزارات في حين تصردولة القانون على منصب نائب رئيس الجمهورية كاستحقاق دستوري وانتخابي نظراً لما حققته من نتائج انتخابية جعلته الكتلة الاكبر في مجلس النواب .
تشكلت الحكومة ولم تتشكل بعد والأخبار المتسربة من أروقة المحادثات السرية لإقتسام كعكة العراق الشهية تفيد ان التشكيلة ستكون كما هي :
رئيس الوزراء السيد العبادي وثلاثة نواب لرئيس الوزراء وأكثر من 30 وزيراً بالإضافة إلى رئيس الجمهورية وثلاث نواب لرئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب وثلاثة نواب أيظاً .
مالذي تغيرومالذي سيتغير وما الجديد في جعبة العبادي وكابينته الحكومية ( حكومة المشاركة ) كما ارادها الفرقاء ؟
من قراءة متأنية لما يحدث وما يقال وينشر في وسائل الإعلام يبدو أن كل شيء سيبقى كما هو حتى إشعار آخر فالمشاكل المزمنة المعلقة على مطالب حزبية وفئوية وطائفية يستحيل تحقيقها دون توفر التوافق والإنسجام التام بين المكونات الأساسية للشعب العراقي وستظل المعضلات التي عانى منها الشارع العراقي للسنوات الماضية كما هي تراوح في مكانها وستكون المطالب المستحيلة للكتل والاحزاب العراقية حاضنة خصبة لتوفير الغطاء الطائفي والسياسي لإشعال فتيل الأزمات المستمرة من قبل جهات مرتبطة بهذه الاحزاب والكتل المطالبة بتنفيذ هذه الحزمة من المطالب المستحيلة وسيستمر السجال والصراعات وإيقاف عمل الحكومة في حال إعلانها بين الفينة والأخرى على شماعة تنفيذ الوعود بتحقيق تلك المطالب وفي حقيقة الأمر فأن كل الأحزاب والكتل والتيارات مؤمنة إيمان كامل بأن الواقع العراقي بوضعه الراهن هو أفضل ما تتمنى وهو الوحيد القادر على تلبية كل متطلبات هذه الكيانات الهزيلة ودعم استمرارها وما هذه المطالب والسجالات إلا من باب ذر الرماد بعيون الناخبين والمكونات التي أفرزتها .
فالسيد العبادي لم ولن تكون بيده العصا السحرية التي تنقذ العراق وتخرجه من أزماته الحزبية والطائفية المزمنة والتي انعكست سلباً على الواقع العراقي امنياً وخدمياً فهو في كل الأحوال ليس سوى رجل جيء به ليكمل الشوط الذي تركه له سلفه المالكي بعد أن اثخنت الجراح والمآسي جسد العراق وقطعته إلى أوصال طائفية وعنصرية وبنفس الوجوه التي أكل عليها الزمن وشرب وجوه وبكل بساطة تستطيع أن تقرأ في ملامحها القبيحة كل الشرور والأحقاد واللاوطنية التي أدمت وجه العراق وعبثت به فساداً وتقطيعاً وما زالت إلى اليوم وبرغم كل المصائب والمحن التي كانت هي السبب المباشر لوقوعها مازالت هذه الوجوه تصر على أن تظل الواجهة التي تقود العراق رغم تجربتها السيئة خلال السنوات العشر الماضية ويظل المواطن المسكين المغلوب على أمره يراهن على تشكيل حكومة ستحل له كل مشاكل العراق وتحقن دمائه وتحقق له السيادة على أرضه وتوقف الزحف الداعشي وتبني له عراق جديد ربما سيكون بمستوى دبي او أفضل منها وإن كان طموح هذا المواطن البسيط ان يكون حال العراق على الأقل بمستوى الدول المجاورة مثل الاردن وايران والكويت رغم أن ميزانيتها لاتعدل ربع ميزانية العراق .
ان الرهان الأكبر على حكومة بحجم حكومة العبادي إنها على الأقل توقف نزيف الدم العراقي المستباح منذ أكثر من عشر سنوات لكن السؤال هل ستنجح حكومة العبادي في تحقيق هذا المنجز التاريخي لشعب العراق ؟
ليس هناك لا في المدى القريب ولا البعيد أي مؤشر يدعو إلى التفائل في شان تحقيق هذا المطلب الوطني فالسيد العبادي سيسير كما مخطط له من المكونات والأحزاب التي اختارته ليتبوء هذا المنصب وكذلك من الإدارة الأمريكية ذات الشأن الكبير في الوضع السياسي العراقي ودول المحيط الإقليمي للعراق كما سار سلفه المالكي في إدارة ( الدولة - الأزمة ) على طريقة المجاملات والإرضاء والإستجداء وحاولة تاجيل الأزمات والمراهنة على الوقت أما الدم العراقي فأنه سيظل مستباح ولن تكون له حرمة لا في عهد العبادي ولا في عهد غيره ممن أنتجتهم العملية السياسية البائسة والعقيمة ولن تتجاوز حدود مساحة عمله وتصريحاته غير الإستنكار والشجب والإدانة وتشكيل لجان التحقيق والتدقيق .
مقالات اخرى للكاتب