Sometimes it takes a long time. Please wait...
|
اسعاد المحرومين افضل من التملق للظالمين |
السبت, أيلول 6, 2014
حسين حبيب عباس
|
لم يستطع سامي وهو رجل متمكن ماديا الى حد كبير ان يدفع مبلغ 5000 دينار الى احدى النساء الارامل التي كانت ( تتسول) في الجوار وهو يعلم بها علم اليقين لكي تذهب الى السوق وتشتري كيلو او اثنين من الطماطة او البطاطة او شيء من الفاكهة لاطفالها الاربعة, ولكنه لا يساعدها لانها لا تمسه من قريب او بعيد, ( عطية) وهي هذا اسمها بلغت الرابعة والعشرين من العمر تسكن في بيت لا تملكه استطاعت ان تجعل اهل الخير يسكنونها بدون مقابل لان زوجها مفقود ( مقتول لا تعلم اين), وهي تذهب الى عملها الروتيني كل يوم ( التسول) تستجدي الناس من اجل 250 دينار عراقي او اكثر, يعتصرها الالم من عبارات الذئاب البشرية التي تريد نهش لحمها ولكنها صابرة ومتحملة من اجل اطفالها, اما سامي فهو يذهب بسيارته الفارهة كل يوم الى مقر عمله ويمر قرب دارها ويراها وهي تخرج ويستهزئ بها عادة, يذهب سامي ليجلس مع علية القوم ( من اصحاب البطون المملوءة ) المتخمة التي تكاد كروشهم ان تنفجر من كثرة ما يأكلون من لحوم حيوانية او احيانا حتى لحوم ادمية, وبعد جلسة تملق تتخللها عبارات الكذب والرياء تأتي الفترة الجميلة وهي فترة غداء او عشاء غني باللحوم التي تخلو منها بطون الفقراء , مع ضحكات ونكات من هنا وهناك وشرب العصائر او قد يصل الامر الى شرب (المسكرات), بينما اليتمامى لا يشربون الا الماء واحيانا ينامون وهو باكون من فرط الحرمان, يتملق سامي لهم وهو يعلم بهم وبنفوسهم المريضة ويعلم بنفسه هو فهو على نفسه بصيرة ولو القى معاذيره فهو يظن نفسه في العلياء معهم ولسان حاله يقول لذهب المحرمون والفقراء الى الجحيم, لماذا اختاروا ان يكونوا فقراء .. انه قدرهم انهم يستحقون ذلك , اما انا فالله يحبني وهو لا يحبهم ... نعم انا فقط مع الكبار.. انما أوتيته على علم عندي ..
اما (سعيد) فهو رجل طيب عام يعمل عامل بناء واحيانا لا يعمل لا يملك شهادة جامعية ولكنه رجل طيب القلب لا يتحمل ان يرى ( عطية ) تتسول كل يوم من اجل اعالة نفسها, وهو يرسل زوجته بين الحين والاخر تحمل 5000 دينار او اقل مع شيء من الفواكه او الثياب العتيقة البالية لكي يسعد بها اليتامى ابناء عطية, وحدث يوما ان اراد ان يرى مشهد الايتام وهو يستقبلون الحقيبة المملوءة بالفواكه والخضر فلم يتمالك نفسه الا ان يبكي بصمت فرحا لفرحة الايتام ودعاء عطية له بالستر والعافية, كان سعيد يتمنى ان تسرع الدولة الى ايواء هؤلاء الايتام والارامل بدل من التشرد والسقوط في فخاخ الذئاب البشرية .
مقالات اخرى للكاتب
|