هل يمكن لنا أن نعلنها صريحة: بأن اللعبة التي لعبتها الاطراف المتبارية على الساحة العراقية لم تعد تتلائم مع الوعي السياسي الشعبي الذي تشكل عبر تجربة غنية بـ(الإخفاقات) استمرت لعقد ونيف من السنين، وعلى كافة المستويات؟ لقد أنفقت النخبة من أجل ديمومة هذه اللعبة مليارات لا تحصى من ثروة العراق، وأصّلت لها قوانين وشرّعت لها ميادين واشترت لها ذمم جماهير.... ولكن إلى متى يتم تداول الكرة (العراقية) بين أقدام المحترفين؟ هل فكّر أحد بمراجعة أصول اللعبة السياسية برمتها ومقارنتها بنظيراتها في الدول الديمقراطية، ثم الاستفادة من تجارب الأمم لتصحيح التجربة العراقية وتحديثها؟ ثمة إشكال مزدوج (قانوني - سياسي) أو دستوري- ديمقراطي يؤسس لجميع الإخفاقات والنزاعات، وهو إشكال قائم ومشخص سلفاً من قبل القوى السياسية والقانونية الفاعلة، ومع ذلك تضعف المبادرة إلى إصلاحه أو علاجه، لأسباب عديدة لعل من أبرزها حرص جميع (اللاعبين) على ضمان مصالحهم أو (حقوقهم). إذ أن التوجه إلى معالجة الإشكال ربما يتسبب في حرمان عدد من الاطراف من بعض استحقاقاتهم أو امتيازاتهم المادية أو الرسمية أو الشرفية، ولهذا فإن لسان حال الجميع يقول: ((ليس في الإمكان أبدع مما كان)).
إن اللوائح التي تؤصل اللعبة السياسية الراهنة في نمطها الديمقراطي المستورد أو المفروض من الولايات المتحدة الأمريكية، بحاجة إلى تعديل (عراقي) في ظل الأزمة الجاثمة على جسد العراق منذ سنين متطاولة، فالنظام الديمقراطي المؤسس على أكثر من خمس وخمسين حزباً تتبارى جميعها لأجل الفوز بالمقاعد النيابية بكافة الوسائل الممكنة ومهما كانت النتائج المترتبة هو في غير صالح الجماهير العراقية الطامحة إلى الاستقرار والتقدم. إن التعددية المبالغ فيها قد أدت إلى اضعاف العراق وتحويله (بذريعة الممارسة الديمقراطية) إلى شبه مزاد آيديولوجي غير متجانس الأفكار والرؤى والاطروحات، وهو ما أدى إلى نشوب الصراعات على اختلافها بما في ذلك النزاع الطائفي بشكله العقدي أو العسكري.