Editor in Chief: Ismael  Alwaely

Editorial secretary: Samer  Al-Saedi

Journalist: Makram   Salih

Journalist: Saif  Alwaely

Journalist: Ibnyan   Azeezalqassab

Editor: Aboalhassan   Alwaely

Reporter: Abdulhameed   Alismaeel

مقالات وأبحاث
الاثنين, أيار 1, 2023
الثلاثاء, نيسان 25, 2023
الأربعاء, نيسان 19, 2023
السبت, نيسان 15, 2023
الجمعة, نيسان 1, 2022
الأحد, آذار 13, 2022
الأربعاء, شباط 16, 2022
الثلاثاء, شباط 15, 2022
السبت, حزيران 3, 2017
السبت, أيار 20, 2017
السبت, أيار 13, 2017
الجمعة, أيار 12, 2017
الاثنين, أيار 1, 2017
1
2
3
4
5
6
   
«داعش» وتمويل «دولة الرعب»: الكويت تعمل كدار مقاصة
السبت, كانون الأول 6, 2014
منقول

بقلم: جانين دي جيوفاني – لي ماك غراث – داميان شاركوف (نيوزويك) 
تعريب: نبيل زلف

لاشك أن السؤال الأكثر تردداً عند التطرق لموضوع تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» هو: كيف تستطيع هذه الدولة المعزولة عن العالم ماليا واقتصاديا والتي تتعرض يوميا لقصف جوي وبري من جانب بعض اكثر الدول ثراء في العالم المحافظة على قوة عسكرية مسلحة جيدا، ودفع مرتبات جنودها وموظفيها العاملين في المناطق الخاضعة لسيطرتها؟
الحقيقة ان اللقاءات التي تمت مع الكثير من المسؤولين الأمريكيين، الأوروبيين، السوريين، العراقيين، والأكراد، ومع محللين سياسيين ورجال استخبارات توفر جميعها صورة مفصلة لعمليات «داعش» المالية التي يبدو انها واسعة جدا.
اذ تعتمد هذه المجموعة الارهابية على نظام متقدم نسبيا لادارة شبكاتها الممتدة الى مناطق بعيدة في العالم، ومن الملاحظ ان اعتمادها في العمل على المبالغ النقدية والنفط الخام وعمليات التهريب يسمح لها بالعمل خارج اطار القنوات المصرفية القانونية.
كما ان الممرات الواقعة على الحدود الجنوبية لتركيا وعلى الحدود الشمالية الغربية للعراق، والحدود الشمالية الشرقية لسورية تشكل نقاط ضعف رئيسية بعيدة عن عيون المحققين الدوليين الثاقبة.
حول هذا، يقول لؤي الخطيب، مدير معهد الطاقة في بغداد: الحقيقة ان احتياجات داعش المالية ضخمة جدا، لذا هي تدير سلسلة عمليات مالية كبرى لدعم ما يربو على 8 ملايين انسان في المناطق التي تسيطر عليها، وهذا عدا عن دعمها ايضا لعشرات الآلاف من رجال الميليشيات الذين يخوضون حربا بلا توقف منذ اشهر.
كما علينا ان نتذكر ايضا المجندين الجدد الذين يتدفقون الى سورية كل يوم، وبالرغم من كل هذا، تلبي داعش حاجيات كل هؤلاء المالية، ولا يبدو حتى الان انها تفتقر الى المال او الوقود.
السؤال اذا: كيف يستطيع هذا التنظيم الارهابي الإيفاء بالتزامات ادارة دولته ماليا؟
يعترف ديفيد كوهن، وكيل وزارة الخزانة الامريكية لشؤون الارهاب والاستخبارات المالية الذي عينته واشنطن لمكافحة داعش، يعترف في خطاب ألقاه بمعهد كارنيجي للسلام الدولي في واشنطن ان تنظيم داعش تمكن من تكديس ثروة مالية لا سابق لها، وان موارده المالية تختلف في شكلها عن العديد من المنظمات الارهابية الاخرى.
يقول كوهن: لا يعتمد داعش اساسا على الاموال المنقولة عبر الحدود الدولية، وذلك لأنه يحصل على غالبية عائداته من نشاطات ارهابية واعمال اجرامية محلية.
ويضيف كوهن قائلا: وهذا يشكل بالطبع عقبة كبرى امام الخزانة الامريكية التي تعودت على تتبع اعدائها من خلال الضغط على البنوك لكشف زبائنها المشبوهين. وهذا ليس كل شيء، فمن المعروف ان تنظيم داعش يستخدم وسطاء عبر الشرق الاوسط لتهريب مبالغ نقدية من والى داخل دولته مما يجعل عملية تعقب مثل هذه الاموال في غاية الصعوبة. ولذا يمكن القول ان حقيبة داعش المالية كبيرة ومربحة، اذ هناك عائدات محلية متعددة تصب في خزينة هذا التنظيم، وتصل قيمة هذه العائدات الى ما يربو على 6 ملايين دولار يوميا، طبقا لما يقوله منصور برزاني رئيس الاستخبارات الكردية ومجلس امن كردستان الاقليمي.
ولعل من المفيد، الاشارة هنا الى ان طرق التهريب السرية لا تعرفها عادة الا عائلات معينة تنتقل نشاطاتها في هذا المجال من جيل الى جيل، وتعرف كيف تحافظ على امنها، لاسيما انها كانت تمارس مثل هذا العمل خلال سنوات العقوبات الاقتصادية التي كان الغرب قد فرضها على العراق في عهد نظام صدام حسين الديكتاتوري.
كما يُتقن هؤلاء المهربون فن التعامل مع حراس الحدود من خلال اسلوب دفع الـ«بخشيش» المتغلغل في ثقافة المنطقة.
لذا، يغض هؤلاء الحراس النظر عن حقائب المال أو الشاحنات المحملة بالوقود أو السلع عندما تعبر نقاط التفتيش الحدودية.
ومن الملاحظ هنا ان العديد من المهربين، الذين كانوا يتاجرون بنفط صدام عبر حدود العراق مع الكويت وايران وتركيا، يعملون الآن على نفس هذه الطرقات في نشاطاتهم الراهنة بين الدولة الاسلامية والعالم الخارجي.
على أي حال، يمكن القول ان آلة داعش المالية الجشعة تتحرك على وقع خوف الملايين من الناس الذين تسيطر عليهم. كما تعتمد على مجموعة كبيرة من النشاطات المالية من خلال الاستعانة بمصادر خارجية عبر الوسطاء. وكانت وزارة الخزانة الامريكية قد امتنعت عن تقدير حجم مجمل اصول داعش المالية والعائدات التي تصب في خزانتها، لكن كوهن يصفها بالقول: انها افضل منظمة ارهابية تمويلا عرفتها الولايات المتحدة حتى الآن.
والحقيقة ان تنظيم داعش يعتمد في اقتصاد دولته لتوفير المال لمقاتليه على انتاج وبيع النفط اولا، لاسيما ان لدى العراق خامس اكبر احتياطيات نفطية مُثبتة في العالم.
كما يعتمد ايضا على دخل شبه ثابت يحصل عليه من جملة مصادر هي: المتبرعون السريون، جباية الضرائب من السكان الخاضعين لسيطرته، الاستيلاء على الحسابات المصرفية والاصول الخاصة في المناطق التي يحتلها، اموال الفدى عن المخطوفين ونهب القطع الاثرية من القصور ومواقع التنقيب عن الآثار.
يقول عبدالأمير الحمداني، عالم الآثار العراقي المتخصص بمنطقة بلاد ما بين النهرين في كلية الآثار بجامعة ولاية نيويورك: يمكنك القول ان داعش تنظيم مدمر على نطاق ليس له مثيل من قبل ابدا، ليس فقط لأنه يقتل الناس اليوم، بل لأنه يدمر تراثا انسانيا يعود في بداياته الى فجر التاريخ.

متبرعو دول الخليج

بعد حصوله على ربح صاف يصل الى 40 مليون دولار أو اكثر خلال السنتين الماضيتين، حصل تنظيم داعش على تمويل ايضا من مصادر حكومية وخاصة في دول الخليج.
وهذا عدا عن الاموال التي تأتيه من شبكة كبيرة من المتبرعين السريين ورجال الاعمال والعائلات الثرية. فحتى وقت قريب كانت هذه الدول تقدم علنا مبالغ مالية سخية للثوار الذين يقاتلون نظام بشار الاسد ومنهم داعش، لكن بعد انتقاد وزيرة الخارجية الامريكية والمجتمع الدولي هذه العملية، اصدرت تشريعا عام 2013 يُجرّم كل من يقدم دعما ماليا لمنظمات ارهابية كالقاعدة، جبهة النصرة وداعش.
واعلن مفتي المملكة العربية السعودية الشيخ عبدالعزيز الشيخ في اغسطس ان داعش «العدو رقم واحد»، كما انضمت المقاتلات والقاذفات السعودية للضربات الجوية ضد داعش.
غير ان قطر والكويت لم تحذ حتى الآن حذو السعودية في هذا المجال.
اذ تلاحظ لوري بلوتكين بورغات المتخصصة بسياسة الخليج في معهد واشنطن لسياسة الشرق الادنى، ان التبرعات السرية من بلدان الخليج لاتزال تصل الى داعش، وان الكويت وقطر هما الدولتان الاصعب عندما يتعلق الامر بتنفيذ الاجراءات المالية المناهضة للارهاب.
السبب في هذا يعود لعاملين اثنين على ما يبدو، الاول هو النظام المصرفي المفتوح نسبيا المُطبق في الكويت وقطر، والذي يستغله تنظيم داعش بمهارة.
والثاني هو تردد قطر والكويت في تقييد نشاطات المتبرعين والمؤثرين خشية من التداعيات السياسية التي قد تنشأ نتيجة لمثل هذا التدخل.
وتنطوي عملية التصدي للممولين على تعقيدات سياسية بالنسبة لقيادات هذين البلدين برأي بوغارت.
ومن هنا، تأخذ عمليات التمويل الذي يصل الى داعش طرقا موارية، اذ غالبا ما تأتي من قطر الى الكويت التي تعمل كدار مقاصة للاموال المتجهة الى سورية والعراق، وفقا لمعهد بروكينغز.

مساعدات إنسانية وهمية

فقد علمت الـ«نيوزويك» ان هذه التبرعات يتم تبييض اموالها على نحو روتيني بواسطة جمعيات خيرية غير رسمية او مسجلة لتصبح على شكل مساعدات انسانية يتم نقلها الى مناطق جغرافية معينة بالتنسيق مع الارهابيين، حيث يتم توزيعها من خلال استعمال تطبيقات هواتف خليوية مثل الـ«واتس آب» و«كيك»، ومن المعروف ان الواتس آب لا يتم استخدامه في مختلف مناطق العالم فحسب بل ويمكن دمجه مع نظام خرائط جي.بي.اس مما يجعل من الاسهل على الارهابيين التخاطب فيما بينهم، وتحديد مواقعهم لبعضهم بعضا، بل ويوفر تطبيق «كيك» مزية اضافية تسمح للارهابيين تسجيل اسم المُستَخدِم دون تقديم الرقم الهاتفي الذي يمكن ان يحدد شخصيته.
اذا، وبعد ان يتم تمويلها كمساعدة انسانية يُصبح من الاسهل نقل المبالغ السرية الى داعش بكميات كبيرة. لذا، ولما ادركت السعودية ان اموال التبرعات يمكن اخفاؤها تحت اسم مساعدة انسانية، اصدرت قرارا حظرت فيه نقل أية تبرعات غير قانونية الى اي مكان في سورية.

الصلة الكويتية

في مايو 2014 نشر معهد بروكينغز بيانا موجزا حث فيه على التدقيق في المساعدة المقدمة لسورية، وذلك لأن الخطوط الفاصلة بين الحملات الانسانية وتمويل الجهاديين باتت غير واضحة على نحو متزايد، اذ لاحظت اليزابيث ديكنن مراسلة معهد بروكينغز ان جامعي المال في الكويت كانوا يناشدون الناس التبرع للايتام واللاجئين والجهاد، وبهذا لم يعد بالامكان التمييز بين الاموال المخصصة للمساعدة الانسانية وتلك التي تخصص للحرب، لكنه من الواضح ان البعض في الكويت لعبوا دورا رئيسيا في جهود جمع التبرعات للارهابيين، فقد اعترف شافي العجمي – طبقا لوزارة الخزانة الامريكية – انه جمع اموالا بهدف ظاهري هو الاعمال الخيرية ثم سلمها شخصيا لجبهة النصرة المرتبطة بالدولة الاسلامية، كما اعترف شافي بشرائه السلاح ثم تهريبه بالنيابة عن النصرة.
وهناك رجل آخر من اسرة العجمي لفت انتباه وزارة الخزانة هو رجل الدين الكويتي حجاج العجمي الذي يعمل هو الآخر بجمع التبرعات لمجموعة جهادية في سورية، بل وحتى وقت قريب كانت الكويت اكبر متبرع في مجال المساعدات «غير المقيدة» بقواعد بسورية اي ليس هناك ضمان بأن تصل هذه الاموال الى الجهة المعنية بها. فحتى الثاني والعشرين من اكتوبر تم التبرع لسورية بحوالي 200 مليون دولار منذ بداية الحرب الاهلية فيها عام 2011، وتمت هذه التبرعات دون اية اوراق رسمية، وفقا لما ذكره جهاز «خدمة تعقب حركة الاموال» التابع لمكتب الامم المتحدة المسؤول عن التنسيق في القضايا الانسانية.
وذكر جهاز الخدمة هذا ايضا ان مستثمرين قطريين قدموا 11 مليون دولار لهيئات خيرية اسلامية غير معروفة دون اية وثيقة تبين من الذي استلم هذه الاموال.
وبالطبع تأتي التبرعات بأشكال مختلفة لكن داعش يفضل استلامها على طريقته طبقا لحارس رفيق، رئيس قسم المتابعة في مؤسسة كليام الفكرية المناهضة للتطرف في لندن الذي يقول: تتم التحويلات عن طريق نقل الاموال نقدا او على شكل شحنات من الاسلحة وغالبا ما يتم ادخال هذه التحويلات الى سورية من خلال الحدود التركية لانها اقل خطرا بالمقارنة مع الدخول الى العراق او سورية من الحدود السعودية المحروسة جيدا.

عبور الحدود التركية

تشكل المعابر الحدودية بين تركيا وسورية - منها بلدة غازي عنتاب على الحدود التركية - اماكن رئيسية لنقل الاموال لداعش فعلى الرغم من اعتماد هذا التنظيم على وسائل التكنولوجيا المتقدمة، لا يستخدم علي ما يبدو ما يعرف بالـ«بيتكوين» اي العملة الرقمية التي يمكن اجراء الصفقات من خلالها دون حاجة للبنوك المركزية، وبالطبع يفعل التنظيم هذا كي يتجنب الدخول في النظام المالي العالمي.
حول هذا، يقول عميل في وزارة الامن الوطني الامريكي: لما كان تنظيم داعش يعتمد على الشبكات الاجرامية يجد نفسه مضطرا للتعامل مع المبالغ المالية نقدا، فالعمل بهذه الطريقة ليس صعبا لان من السهل نقل ما بين مليون ومليوني دولار في حقيبة عادية ملائمة، خاصة وان هذه ممارسة ليست غير عادية لدى رجال الاعمال في الشرق الاوسط.
وفي هذا الاطار، يمكن الاشارة الى ان طارق بن الطاهر الهرزي، الذي يتخذ من قطر مقرا له، هو واحد من ابرز العاملين في حركات جمع الاموال، فقد ذكرت وزارة الخزانة الامريكية في سبتمبر انه جمع حوالي 2 مليون دولار من متبرعين في قطر وارسل هذا المبلغ مباشرة لداعش.
وثمة قطري اخر هو سالم الكواري تقول وزارة الخزانة انه امّن مئات الآلاف من الدولارات لداعش، وعمل ايضا كممول لجماعات ارهابية اخرى مرتبطة بالتنظيم في العراق.
ومن القطريين الاخرين الذين استهدفتهم وزارة الخزانة عبدالرحمن بن عمر النعيمي الذي يمول مجموعات اسلامية مرتبطة بداعش في سورية والعراق وكان يشرف على نقل اكثر من 2 مليون دولار شهريا للقاعدة في العراق لفترة من الوقت.
ويبدو ان داعش يتلقى حاليا ما يكفي من الامدادات المالية للاستمرار حتى المستقبل المنظور على الاقل برأي برزاني رجل الاستخبارات الكردية الذي يلاحظ ان هناك كثيرا من الناس يؤمنون بأيديولوجية المتطرفين، ويعتقدون بالتالي ان من واجبهم تقديم المساعدة والتبرع.

الثروة وداعش

برهنت داعش انها مهتمة بالثروة والمال اكثر من اهتمامها بالاسلام فعندما استولت على الموصل في يونيو الماضي وسيطرت على فروع اثنى عشر مصرفا توجه مقاتلو داعش مباشرة لبيوت موظفي هذه البنوك وارغموهم على اعادة فتحها وفتح فرع البنك المركزي العراقي بالمدينة، طبقا لما ذكره اثيل النجيفي محافظ نينوى السابق.
ويقول مدرس مسيحي انه عندما توجه الى البنك لسحب ما لديه من مال فيه لم يسمح له مقاتلو داعش بالدخول ولم يكن هناك اي موظفين باستثناء رجال الميليشيات الذين كانوا يملؤون الاروقة.
ومن الواضح ان داعش استحوذ على ما كان في خزائن بنك الموصل بالاضافة لمصادرة ما يصل الى مليار ونصف المليار دولار من البنوك الاخرى في مدينة تكريت وغيرها من المدن التي سيطر عليها. 
ويقول مودعون الآن انهم عندما يذهبون الى البنوك لسحب بعض الاموال في المدن التي يسيطر عليها داعش يتم فرض ضريبة عليهم بنسبة %10 وفقا لما ذكرته تقارير وزارة الخزانة الامريكية التي تقول ان داعش ينهب البنوك بشكل روتيني.
وفي مدينة الرقة السورية، التي هي مركز سلطة التنظيم، حوّل داعش مدرسة الفنون في المدينة الى مبنى للجمارك لمراقبة كل البضائع والسلع الواردة الى المدينة والخارجة منها مثل المواد الغذائية، الادوية والاجهزة الالكترونية كما يفرض التنظيم هنا ضرائب ايضا على كل البضائع الواردة الى او المصدرة من المدينة بل وتشمل هذه الضرائب حتى المجموعات التي تقدم مساعدات انسانية في المنطاق الخاضعة لسيطرة داعش.
وفي هذا الاطار، يقول ضابط استخبارات لبناني: المفارقة هي ان داعش يسمح بالتهريب والنشاطات الاخرى غير المشروعة على الرغم من مخالفتها للعقيدة الاسلامية.
وليس هذا فقط بل وتمارس ميليشيا داعش السرقة حتى في وضح النهار، فعندما اجتاحت الموصل في يونيو انتزع رجالها حتى اقراط وقلادات النساء، كما استولوا ايضا على المواشي، السيارات واثاث المنازل.
من الواضح إذاً ان جمع المال بهدف اقامة الدولة هو الذي يحرك تنظيم داعش وهذا ما يجعله مختلفا عن «القاعدة» والمجموعات الارهابية الاخرى المماثلة له.
يقول كوهن: لاشك ان خوض الحرب وانشاء دولة سكانها نحو 8 ملايين نسمة هو امر مُكلف جدا، ولذا يعتمد التنظيم على شبكات معقدة من المتخصصين في شؤون المال لكي يتحملوا مسؤولية العائدات والتكاليف.
ومن الملاحظ هنا ان داعش يطبق القوانين والاوامر بدقة وصرامة، ليس فقط من اجل ادارة شؤون السكان بل وايضا من اجل سد النقص والتزود عن جديد بالمال.
فإذا اراد اصحاب المحال التجارية وبائعو الشوارع الاستمرار في اعمالهم عليهم ان يدفعوا للتنظيم ما يعادل مئات عدة من الدولارات، طبقا لمصادر في مدينة الرقة. وهناك غرامات وعقوبات ثقيلة للمخالفين، بل ويدفع سكان الرقة مبالغ مماثلة اذا لم يحضروا صلوات الجمعة في الوقت المحدد تماما.

نهب المواقع الأثرية

يقول عبد الامير الحمداني: يسيطر تنظيم داعش الآن على ثلث 12.000 موقع أثري مهم في العراق بل وشرع في التنقيب وبيع التحف الاثرية التي تعود في تاريخها الى 9.000 سنة قبل الميلاد. وبالطبع يتم بيع هذه المتحف من خلال وسطاء الى التجار وجامعي القطع الاثرية. ويمثل هذا العمل في الواقع نهبا لجذور الانسانية نفسها لان هذه التحف تعود لأقدم الحضارات في العالم. والمشكلة هي انهم يبيعون القطع المفيدة ويدمرون الباقي. وتشير بعض التقديرات الى ان هذه المبيعات تمثل الآن ثاني اكبر مصدر للدخل لداعش.
حول هذا يقول ايمن جواد، مدير هيئة التراث العراقي التي هي منظمة تتخذ من لندن مقرا لها وتهتم بالمحافظة على آثار العراق: يمكن القول ان اكبر دفعة مالية حصل عليها تنظيم داعش أخيرا جاءت من نهب قصر الملك الآشوري آشور ناسيربال الثاني الذي يعود في تاريخه الى القرن التاسع قبل الميلاد ويوجد في «كالهو» التي تدعى اليوم نمرود.
ويضيف جواد قائلا: والمحزن ان الألواح التذكارية والمخطوطات المسمارية هي من بين الاشياء التي تتم المتاجرة بها.
فقد شوهدت قطع منها في اوروبا وامريكا، وهذا يعني ان هذه القطع البالغ ثمنها مئات الملايين من الدولارات، والتي لا يمكن تعويضها، تباع الآن لتمويل الارهابيين.

الخطف من اجل المال

عندما اجتاح مقاتلو داعش شمال العراق قرب اربيل في الصيف، عملوا على ملء صوامع الحبوب بالغلال، وسيطروا على المزارع والحقول، وكان من نتيجة ذلك ان اصبح هذا التنظيم يسيطر الآن على 9 صوامع في نينوى بالاضافة لـ7 أخريات في مناطق اخرى. وهذا يعني انه بات يملك اليوم مئات الآلاف من الاطنان من القمح اي ما يمثل %40 من انتاج العراق السنوي من هذه المادة الغذائية، وهذا ما يسمح لداعش بمكافأة المتعاونين معها بتقديم المواد الغذائية لهم وترك غير المتعاونين لآلام الجوع.
كما يتاجر داعش ايضا بالارواح البشرية.. اذ تمثل المبالغ التي يدفعها اهالي المخطوفين لداعش حوالي %20 من دخله.
وتشير تقديرات وزارة الخزانة الامريكية الى تلقي داعش قرابة 20 مليون دولار كفدى حتى هذا الوقت من السنة. وبالطبع يتم اطلاق سراح المخطوف اذا دفع ذووه الفدية المطلوبة، ويجري قتله او قتلها اذا امتنعوا عن الدفع. ويسمح التنظيم احيانا للمخطوفين بالاتصال هاتفيا بأسرهم لإبلاغهم بتعرضهم للتعذيب، وذلك حتى يحصل التنظيم على فدية اكبر.
مصدر عراقي مطلع ابلغ الـ«نيوزويك» في قطر ان عدد النساء المخطوفات اللواتي تم ارغامهن على الزواج او بيعهن من اجل الجنس بلغ حوالي 4000 فتاة وامرأة ايزيدية (ليس بينهن اطفال) واكثرهن من الاقلية التركمانية الشيعية.
وفي سجن الموصل تم ارغام فتيات في الرابعة عشرة من اعمارهن على اما اعتناق الإسلام ومن ثم بيعهن كزوجات أو العمل بالجنس في حال رفضهن.
لكن إذا كانت عمليات النهب، الفدى، والابتزاز، تمثل مصدراً ثابتاً لتمويل عمليات داعش اليومية إلا أن هذه الممارسات تبقى لا شيء بالمقارنة مع تهريب النفط والتجارة غير المشروعة به، فهذه المادة الحيوية هي جوهرة تاج التنظيم ومحرك قوة آلته الحربية، والحقيقة ان امبراطورية داعش النفطية تمتد عبر مساحات شاسعة تساوي في حجمها مساحة المملكة المتحدة (ربع مليون ميل مربع)، وتحتوي على حوالي 300 بئر نفطية في العراق وحده ومن بين أكبر المناطق المحتوية على مثل هذه الآبار منطقة حمرين التي يوجد فيها 41 بئرا على الاقل بالاضافة الى 76 بئرا اخرى في منطقة عجيل.
بل ويقول لؤي الخطيب مدير معهد الطاقة في بغداد ان منشآت النفط في مناطق سفايا، كيارا، نجمة، جاوان، كاساب، تازا، وغربي تكريت هي الآن كلها تحت سيطرة داعش التي تمكنت من تشغيل حوالي 350 بئرا نفطيا خلال ذروة انتصاراتها في الصيف.
غير ان التنظيم ما لبث ان خسر حوالي 45 بئرا منهم بئرا «عين زالد» و«بوتما» واشعل النار في ابار قليلة اخرى بعد معاركه مع مقاتلي الاكراد «البشمركة» وتعرضه للضربات الجوية التي تقودها امريكا.
ومن المفيد الاشارة هنا الى ان مجمل انتاج البئرين المذكورين يصل الى حوالي 15.000 برميل يوميا.
والواقع ان قدرة الإنتاج في الآبار المتبقية تحت سيطرة داعش تصل الى 80.000 برميل يوميا أي أنها جزء يسير من إنتاج العراق الكلي البالغ حوالي 3 ملايين برميل باليوم، أما في سورية فإن داعش تسيطر على ما نسبته %60 من القدرة الإنتاجية السورية والتي كانت ارتفعت قبل بدء الحرب ووصلت الى 385.000 برميل تقريباً.
ويبدو أن تنظيم داعش يفتقر إلى المهارة في التعامل مع شبكات انابيب النفط، وليس لديه خبرة لصيانة حقول النفط على المدى الطويل، ولابد من الإشارة هنا إلى أن حقول النفط السورية التي يسيطر عليها التنظيم لا تزال في مراحلها الاولى أي أنها تتطلب مهارات اكبر في استخراج النفط بالمقارنة مع حقول النفط المتقدمة تقنياً في العراق.
لكن ومهما يكن الامر، يبقى النفط وليس النهب والابتزاز وتجارة الجنس ودفع الفِدى، هو المصدر الرئيسي الضروري لدخل داعش ماليا، فهو يساعده ليس فقط من خلال بيعه الى الخارج بل وايضا في تشغيل دباباته وناقلات جنده المُصفحة.
وهذا في الحقيقة ما يجعل النفط بمثابة «كعب أخيل» أي نقطة ضعف امبراطورية داعش النفطية، وفقا للخطيب الذي يقول: لما كان لدى التنظيم ما لا يقل عن 40.000 مقاتل وقوافل مسلحة تتضمن مئات العربات، فلا شك انه يحتاج الى الكثير من النفط، ليس فقط لتحريك قواته بل وايضا لتلبية حاجيات السكان الخاضعين لسيطرته مما يعني انه بحاجة لانتاج ما لا يقل عن 70.000 الى 80.000 برميل يوميا من النفط المُصفى.
ولما كان التنظيم غير قادر على انتاج سوى خمس قدرة حقوله النفطية في سورية والعراق، من المرجح انه يحصل على المساعدة من جيرانه الاغنياء بالنفط.
والواقع ان كوهن كان قد اكد هذه الفكرة بالقول ان اكراد العراق، تركيا وسورية ابرموا جميعا صفقات مع التنظيم من خلال الوسطاء، بالرغم من عدائهم له وبذا ينقل التنظيم النفط والوقود بالشاحنات من خلال ممرات عبر الحدود مع تركيا والعراق وسورية كما تشكل منطقة كردستان الكردية ممرا مفضلا آخر للنفط والوقود المُباع لتركيا. فقد ألقت الحكومة الكردية الاقليمية في العراق اخيرا القبض على بعض مواطنيها مع عدد من الساسة الاكراد ومسؤولي الامن لقيامهم بدور الوسطاء في تهريب النفط والوقود لصالح داعش.
ويبدو ان هذا التنظيم بدأ منذ منتصف اكتوبر الماضي انتاج حوالي 50.000 الى 60.000 برميل يوميا، طبقا لما ذكرته مؤسسة ابحاث الطاقة الاستشارية التي تتخذ من «إنغل وود» - ولاية كولورادو مقرا لها. وبالطبع لا يُشكل هذا الانتاج شيئا يُذكر بالمقارنة مع مجمل الانتاج العالمي البالغ اكثر من 90 مليون برميل في اليوم. على الرغم من هذا، توفر مبيعات النفط لداعش حوالي 2.5 مليون دولار، وفقا لتقديرات مؤسسة ابحاث الطاقة الاستشارية التي تقول ان التنظيم يبيع برميل النفط بـ40 دولاراً عادة في حين يبلغ السعر عالميا حوالي الـ80 دولارا. وبالطبع يفعل التنظيم ذلك بهدف جذب المشترين والحقيقة ان الضربات الجوية وتطورات الحرب بين مد وجزر جعلت انتاج النفط واسعاره متقلبة الى حد كبير بالنسبة لداعش. اذ تتراوح هذه الاسعار بين 25 و60 دولاراً للبرميل اعتمادا على الظروف وما اذا كانت جيدة أو سيئة.
ولذا، يمكن القول ان عائدات داعش من النفط يمكن ان تتراوح بين 1.5 و3.5 ملايين دولار كل يوم.

 

 

مقالات اخرى للكاتب

 
أضف تعليق
نطلب من زوارنا اظهار الاحترام, والتقيد بالأدب العام والحس السليم في كتابة التعليقات, بعيداً عن التشدد والطائفية, علماً ان تعليقات الزوار ستخضع للتدقيق قبل نشرها, كما نحيطكم علماً بأننا نمتلك كامل الصلاحية لحذف اي تعليق غير لائق.
الاسم :

عنوان التعليق :

البريد الالكتروني :

نص التعليق :

1500 حرف المتبقية
أدخل الرقم من الصورة . اذا لم تستطع القراءة , تستطيع أن تحدث الصورة.
Page Generation: 0.47917
Total : 101