دائما ما يكون الصراع المتعارف عليه في اغلب العوائل هو صراع العمة وزوجة ابنها( الجنة)، لكنه لا يعد مخيفا، وليست له اهمية بالنسبة لـ(هبة محمد) لانها بنت الأخت المقربة الى خالتها، التي اصبحت فيما بعد ام زوجها، ولهذا لم تفكر بهذا الموضوع، لكنها سرعان ما اصطدمت بجبهة اخرى من الصراع مع زوجات الاخوة، فقد كان لهبة زوجة حمى او(سلفه) طالما كان هدفها هو ابعادها وتشويه صورتها امام اهل زوجها حقدا عليها، وذلك بسبب قربها ومكانتها، وباتت حماتها تحرص دائما على افتعال المشاكل معها وبشكل يومي تقريبا.وتقول هبة بانفعال وانزعاج واضح :«كانت ومنذ البداية تحاول استفزازي وبشتى الوسائل، فقد اخذت بطريقة واخرى تحاول احراجي امام الجميع، وتستخف حتى مع العائلة، وذلك في محاولة منها لاضعاف شأني وتدمير نفسيتي، فقد اخذت تتحدث عني بأني لا ابالي واني انسانة غير مسؤولة ومهملة ولا استطيع تدبير امور المنزل،عازية هذا لدلال اهلي كوني كنت البنت الوحيدة لهم. لكن هذا الشيء لم يكن ذا اهمية بالنسبة لعائلتي، وهذا ما دفعها الى ان تأخذ عهدا على نفسها بألا تقر لها عين ولا يهدأ لها بال، حتى تحقق ما تصبو اليه وهو وضع حاجز بيني وبين اهل زوجي}.
ويعد صراع زوجات الاخوة، صراعا ازليا ومستمرا، وهو يعتمد على نفسيات زوجات الاخوة والاختلاف بينهن في طريقة التفكير، وكذلك الفوارق الاجتماعية والثقافية والاسرية والمادية، ولهذا دور في بروز نوع من المشاكل المؤثرة في المجتمع، فقد يتسبب هذا النوع من الصراع في بعض الاحيان في انتقاله الى الابناء، وهذا ما يؤثر بشكل فعلي و مباشر على تركيب ونسيج العائلة والمجتمع ككل.
صراع نفسي
وتضيف محمد بانبهار مما فعلت زوجة حماها :»وبعد كل محاولاتها لإظهاري بصورة زوجة الابن المهملة، والتي لم تنجح في تحقيقها، فقد توجهت في محاربتي بـ(حماتي) التي كانت علاقتي بها اكثر من علاقة الاخت بأختها، فقد اخذت تتقرب منها بحجة انها تسعى ال تزويجها من اخوها، وعندما رفض اخوتها، لأنه الزوج المفترض كان لا يناسب اختهم، اخذت تقنع خالتي وابنتها بأنني السبب في هذا الرفض، واني من قمت بتحريضهم على ذلك، بالرغم من توضيحي لهم باني لم اتدخل بهذا الموضوع، ولكن هذا لم يجد نفعا، وبهذا نجحت في وضع حاجز بيني وبين خالتي وحماتي، وبذلك حققت هدفها الذي كانت تسعى له منذ البدء».
وتوضح الباحثة في علم النفس ازهار اللامي :»ان صراع زوجات الاخوة جزء من الصراع النفسي الذي ينتاب اي انسان، ويكون (الانا) وحب النفس هو الغالب عليه، إذ ان مجرد شعور الانسان بالغبن وعدم القدرة على تحقيق ما كان يهدف له يدفعه الى ان يقوم بمقاومة كل من كان السبب في عرقلة وصوله الى هدفه وبشتى الطرق والوسائل من اجل تلبية ما كان يطمح له من اشباع للغرائز وابراز للذات، وهذا جزء من محاولة لمحاربة (عقد نفسية)».
وتبين اللامي:
«الغاية هي التي تدفع الانسان الى ان يسلك الطرق الخاطئة في افتعال المشاكل من اجل ان يظهر مظلوميته واقناع المقابل بأن الطرف الآخر هو المخطئ وانه على صواب. وغالبا ما يكون الحرمان هو الاساس في جعل الانسان يقوم بافعال بعيدة عن عاداته او غريبة عليه، وفي بعض الاحيان يكون لاهل الازواج دور في الصراع الذي ينشب بين الزوجات نتيجة التمييز بينهن، وهذا يؤدي الى احقاد وغيرة دفينة تظهر بوضوح وتتفاقم بمرور الزمن».
الحرمان هو السبب
وتقول (ج. علي) البالغة من العمر (27) عاما والمتزوجة حديثا :
«لقد كانت زوجة حماية(سلفتي) السبب الاول والرئيس في ترك بيت اهل زوجي والسكن في بيت ايجار، وذلك تخلصا مما واجهته من مشاكل وصراعات معها في الستة الاشهر الاولى من زواجي، فقد شعرت وكأنها دهر من الألم وليس ستة اشهر فقط، لقد فعلت كل ما بوسعها من اجل ان تضع العقبات امامي في كل شيء اقوم به، فاخذت تمنعني من القيام بأمور المنزل، بحجة انها لا تريد ان تتعبني لكوني موظفة، وقد كان لها من وراء ذلك هدف اخر، وهو تحريض عائلتي على اجباري على ترك وظيفتي، فلقد كانت تحدثهم باني اترك كل شيء عليها ولا اقوم باي عمل في المنزل، وهذا ما جعلني اواجه العديد من المشاكل. وحتى اتجاوزها، قمت بتدبير جميع اعمال المنزل على عاتقي وفي وقت مبكر وقبل الذهاب الى وظيفتي، لكن هذا لم يمنعها من تحريض اهل زوجي على اجباري على ترك الوظيفة، وكل هذا بسبب منعها من قبل زوجها في ان تستمر بوظيفتها، إذ اجبرها على ترك العمل في وقت سابق.
وترى اللامي:
«ان اسباب هذا الصراع غالبا ما تعود الى الاختلاف والفوارق الثقافية والاقتصادية او الاختلاف في تعامل الاخوة مع زوجاتهم او التمييز في التعامل مع زوجات الاخوة من قبل العائلة وهذا ما يؤدي الى شعور احداهن او بعضهن بالنقص، فتشتعل نار الغيرة وتتحول الى حسد وحقد، ويكون اطفاء هذه النار بافتعال المشاكل والصراعات والتي تعد احد الاسلحة التي يلجأن اليها الزوجات من اجل استفزاز المقابل، والوصول الى المبتغى من هذا الصراع».
وتضيف (ج،علي) بتذمر واضح :
« لقد فعلت كل ما بوسعي من اجل مسايرة الوضع، لكن كل هذا لم يأت بنتيجة، ولهذا اضطررت بالانتقال الى سكن مؤجر، بالرغم من الضائقة المالية التي وقعت فيها انا وزوجي، إذ لم يكن امامنا حل ولا وسيلة للخلاص من جحيم الصراع اليومي الذي افقدني السكون والسلام العائلي «.
صراع الأبناء
وتروي(ام اشرف) البالغة من العمر (45) عاما، قصتها مع زوجة حماها (سلفتها) التي انقلبت ضدها في ليلة وضحاها فتقول بحزن واسى:
«كانت زوجة الحمى الوحيدة لي، ولقد كنت اعدها بمثابة الاخت والصديقة، فقد عشنا معا لسنوات طويلة، تقارب الـ (20) عاما، وكنا نتعاون معا في كل شيء، لدرجة كان كل من يشاهد روح التعاون الموجودة لدينا يحسدنا عليها، فقد كانت رفيقتي في السراء والضراء، والام الثانية لأبنائي، لكن وبعد فترة قليلة من وفاة والدي زوجي، واذا بها تنقلب افعالها راسا على عقب، ولدرجة اصبحت لا اعرف ما يدور براسها بسبب افعالها الغامضة، فقد اخذت تصطنع المشاكل من أتفه الاسباب، ثم ما لبثت افعالها ان انتقلت الى الابناء، فأبناؤها الذين كانوا يتقاسمون كل شيء مع ابنائي، تحولوا فيما بعد الى خصماء، واتسمت العلاقات بالحقد والكراهية وظهرت بشكل غير متوقع، حتى اخذ شجارهم يتوسع حتى وصل الى صفوف المدرسة، وأولاد العم الذين كانوا يدافعون عن بعضهم بعضا، باتوا اعداء يتربص بعضهم ببعض، ولكثرة المشاكل اصبح القريب والبعيد يعرف ما يحدث بيننا، حتى انعدمت خصوصية العائلة «.
المعدن الحقيقي
وتقول الباحثة ازهار اللامي:
«ان الكثير من المشاكل بين زوجات الاخوة قد يتحول الى مشاكل اسرية وسلوكية تؤثر في العائلة بالكامل وفي سلوك الابناء بشكل مباشر وسلبي، وذلك لما للأمهات من تأثير مباشر على الابناء فان اي نزاع قائم بين الامهات، يكون في الوقت نفسه نزاعا بين الابناء، وهذا ما يؤدي الى انتقال الصراع من الامهات الى جيل الابناء، وفي هذه الحالة تكون المشاكل والصراعات مستمرة ومعقدة وقد لا تنتهي».
وتضيف ام اشرف:» ان بعض افعال البشر وغاياتهم ونواياهم لا تدرك، وقد تظهر في حالات التعبير عما هو مكبوت في داخل نفس الانسان، فبعد ما فعلت من مشاكل بيننا وبين الاخوة وابائهم، اظهرت زوجة حماي النية الحقيقية لها من كل هذه المشاكل، فاذا بها تتحدث عن ضرورة توزيع الميراث من اجل التخلص من المشاكل، وانهاء كل ما هو قائم نتيجة الصراع، وبذلك ادركت السبب الذي كان يدفعها الى تغيير سلوكها من اجله، والذي ادى الى تشتيت عائله بكاملها».
وتتساءل ام اشرف متعجبة مما فعلت زوجة حماها:
«السؤال الذي اخذ يتردد على بالي في كل وقت، هو، كيف للإنسان ان يهدم علاقة عائلية بنيت لسنين طويلة في ثانية من اجل هدف قد يزول في اي لحظة؟»
وتوضح انها لم تكن تتصور في يوم من الايام ان المال سيقف حاجزا بين الاخوة وابناء العم، ولا بينها وبين زوجة حماها، لكنه يظهر المعدن الحقيقي للبشر في الكثير من الاحيان.
مقالات اخرى للكاتب