عشرة اعوام مرت على سقوط النظام الدكتاتوري , ومجيء الاحزاب الاسلامية الى دفة الحكم والنفوذ , وسيطرتها على مفاصل الدولة والقرار السياسي . وطيلة هذه الاعوام عجزت وفشلت في تقديم العلاج الشافي للجروح العميقة , التي خلفتها الحقبة الدكتاتورية , التي عاثت خرابا ودمارا في كل زاوية من الوطن المسلوب .. وكان الشعب يامل بالعهد الجديد خيرا وهمة عالية , في الاصلاح والعمران وتحسين الظروف المعيشية , واقامة نظام يحترم الحريات الديموقراطية. لكن الشعب خاب ظنه وتحطمت آماله وتطلعاته وطموحاته في الحياة الحرة والكريمة , اذ ان العهد الجديد تناسى وتجاهل واهمل متطلبات واحتياجات الشعب , ولم يسعف المواطن ويساعده في التغلب على مصاعب ومشاكل الحياة , ولم يوفر الخدمات الضرورية والاساسية , وحتى فقد الامن والاستقرار , وصار للمواطن موعد مع الموت اسبوعيا , بالسيارت المفخفخة والعبوات الناسفة , وغابت معالجة تفاقم الفقر والفقراء , والمصيبة الادهى التي عصفت بالبلاد : هو الصراع والتنافس السياسي الحاد والعنيف على السلطة والنفوذ والمال , مما دفع البلاد بان تدخل في نفق مظلم , يهدد بتفتيت وتقسيم البلاد الى دويلات وولايات طائفية متناحرة . ولم تصون هذه الكتل السياسية المتنفذة , خيرات البلاد وموارده المالية , في استثمارها واستغلالها في سبيل تطوير وتحسين صورة البلاد واحواله , بل جندت كل طاقاتها وجهودها برفاه ورخاء واسعاد حفنة ضئيلة , عرفت كيف تمارس فنون الفساد المالي والسياسي والاداري , وامتصاص ثروات الشعب وتهريبها خارج البلاد , وبذلك برز طاعون الفساد المالي , بجراثيمه المعدية في كل مؤسسات الدولة صغيرها وكبيرها , وظهرت حيتان الفساد لتحتل الدولة والقرار السياسي , وممارسة لعبة المتاجرة بالدم العراقي وبيعه بسعر بخس , مما اوقعت البلاد في دوامة خطيرة , وفي دغدغة مشاعر البسطاء بالطائفية وخطابها الديني المتزمت والمتطرف , والاستقواء بدول الجوار لحل الصراع السياسي الداخلي والتدخل السافر في الشؤون الداخلية , مما اوقع البلاد في خطر التبعية لدول الجوار . ان هذه الكتل السياسية جلبت البلاء والمصائب والمحن للوطن والشعب .. وان قرار الخروج من هذا المأزق والنفق المظلم , هو بيد الناخب العراقي , اذا قرر بوعيه ونضجه السياسي , التخلص من هذه النخب السياسية , التي جلبت والشؤوم والشر والاهوال والمصاعب والمحن والفقر والظلم ,بانها اصبحت عالة وعلة على الشعب , واذا ادرك الناخب العراقي , بان هذه الكتل السياسية لايهمها مصلحة الشعب والوطن , وانما تجاهد بانيابها في سبيل الحفاظ على مصالحها ومكاسبها بالاستحواذ السلطة والمال , حتى لو تعرض البلاد الى مخاطر وعواقب وخيمة , لذا على المواطن التخلص من هذا الغول الجاثم على صدور الشعب بكل طوائفه , وان يعلم ان دولة المواطنة والتعايش بسلام جميع الطوائف دون تفريق او تمييز . لا يمكن ان يتحقق بوجود هذه النخب السياسية في السلطة والنفوذ . وان على الناخب ان يحسم امره ويتخذ قرار جريء وحكيم ينقذ الوطن من الطوفان الهالك , ان قرار التغيير السياسي في يده, وهو صاحب الحل والربط , وبيده مفاتيح للحياة الحرة والكريمة , وبصوته الحكيم , يمكن ان نشم رائحة الحرية والديموقراطية , اذا احسن الاختيار في انتخاب الصالح من غير هذه الكتل السياسية التي نخرها الفساد , ان انتخابات مجالس المحافظات فرصة ثمينة لتكون اولى البوادر للتغيير السياسي المرتقب .. يجب ان يستيقظ المارد العراقي يوم الانتخابات , ليسجل صباح جديد ومشرق , ان يرفع رأسه بشموخ وقامة عالية, للخروج من النفق المظلم , بعدم انتخاب هذه النخب سياسية وكياناتها الانتخابية التي شطب الوطن