أزمة العائدات النفطية كنتيجة لهبوط أسعار النفط حفزت الجميع للتفكير بإيجاد وسائل وسبل للخروج من هذه الأزمة، فرب ضارة نافعة، إذ بدون هذه الأزمة ما كانت الدولة والمفكرين المستقلين التفكر بالتغيير مطلقا.
كان من أهم مخرجات العديد من الدراسات والمؤتمرات والاجتماعات الرسمية وغير الرسمية هو ضرورة التفكير جديا بإيجاد وسائل للخروج من أحادية الاقتصاد الذي يعتمد على النفط نحو تنوع مصادر الدخل للدولة.
لكن هذا الأمر لا يأتي بالتمنيات، لأن الضروف الموضوعية التي خلقت الاقتصاد الريعي مازالت قائمة وتترسخ يوما بعد آخر، متمثلة بثلاثة أمور، وهي:
أولا-السياسة تقود الاقتصاد: وهذا غير صحيح في كل الأوقات، فنظام المحاصصة قد وضع الرجل الغير مناسب في المكان المناسب، ومما يزيد الطين بلة، هو أن هذا الرجل الغير مناسب محمي بقوة من كتلته السياسية بقوة، فهو إذا مصون غير مسؤول، همه الوحيد أن يتصرف بالمال العام بشكل غير صحيح.
ثانيا-توقف عجلة الإنتاج: وهذا ما سنأتي عليه بشيء من التفصيل.
ثالثا-مرجعيات الفرد والجماعات متخلفة ولا يمكن أن تنتج مجتمعا مدنيا متحضرا يستطيع أن يقوم بتدوير عجلة الإنتاج واستمرارها بالدوران، بل ويتوجب عليه أن يزيد من سرعة دورانها وزخمها. وهذا ما سنأتي عليه بشيء من التفصيل أيضا.
لقد أصبح من العسير جدا، بل ضربا من الستحيل كما يرى أخرون، أن يتحول مسار العملية السياسية من شكله الحالي إلى مسار جديد مختلف تماما من حيث الشكل والمضمون، أي الإنتهاء من حالة التمترس
الطائفي والعرقي والاحتراب فيما بين ما اصطلح عليه "بالمكونات الأساسية" في المجتمع العراقي، هذا ما يراه معظم الباحثين، إن لم يكن الجميع، يتفقون على ذلك.
لكني أعتقد أن ذلك ممكنا جدا من خلال تدوير عجلة الإنتاج في جميع قطاعات العمل والتي ستؤدي بالضرورة إلى تبديل مرجعيات الفرد لتكون القانون والقضاء والاتحادات الفؤية كالنقابات ومنظمات المجتمع المدني الفاعلة وليست تلك التي تسعى للارتزاق على مآسي الشعب، فالمرجعيات الآن هي العشيرة ورجل الدين والحزب الطائفي أو القومي وحتى السلاح الشخصي، فهذه المرجعيات لا يمكن اعتبارها مرجعيات لمجتمع مدني متحضر، فهي غاية بالتخلف ولا يمكن ان تنتج ما نصبوا إليه، ذلك المجتمع المدني المتحضر.
بمعنى أن الاقتصاد هو الذي يجب أن يقود السياسة وليس العكس، فالقائد اليوم هم السياسيون وليس الاقتصاد وملكية وسائل الإنتاج والعمل ومرجعياته المختلفة التي تصب في نهاية المطاف في نهر واحد وهو القانون وسلطته المطلقة على مفاصل الحياة، فالسياسي اليوم لا يرعوي من مخالفة القانون، ولا حتى الدستور، وها نحن اليوم نرى أن السياسيين يقاتلون من أجل تغليب التوافق على الدستور بعد أن تغلبوا على عقبة القانون الذي يتجاوزون عليه وقتما يشاؤون.
ما أنتجه النظام السياسي العراقي خلال العقد المنصرم، حالة من الفوضى تكاد أن تكون مطلقة، ولولا أن عائدات النفط التي أنقذت الحالة، لكان العراق قد تفكك بالفعل، لكن بذات الوقت كانت عائدات النفط السبب بتوفير البيئة الحاضة لنظام المحاصصة الطائفية والعرقية في العراق، فنما وترعرع في أحضان أموال النفط الدافئة بحيث أصبح المسؤول العراقي المحاصصاتي يقاتل من أجل حصة أكبر من العائدات ليصرفها لصالح حزبه أو كتلته، أو له والفاسدين من حوله، ولم يدر في خلده أن منصبه ومؤسسته التي يديرها يجب أن تسعى لجلب الخيرات المادية للبلد وليس لصرف خيرات البلد، ورافق ذلك استشراء الفوضى بكل شيء، وأصبح القتل شريعة يتفاخر بها مقترفوا الجرائم علنا دون خوف أو حياء، وطغى على المشهد صورا مغايرة لما كنا نريده من التغيير الذي حصل، فصرفت مئات المليارات من الدولارات على مشاريع لم تنجز لحد الآن رغم تجاوز فترات انجازها سنوات عديدة، وبعضها تبين فيما بعد أنه وهمي، ولم يستطع أحدا محاسبة الفاسدين، والأهم من هذا وذاك هو التعطيل شبه التام لعجلة الإنتاج، والمتعمد أحيانا، في جميع القطاعات الاقتصادية.
ظهرت تحليلات كثيرة جدا لتفسير حالات الفساد الواسع والقتل العجيب وكل أنواع الفوضى في العراق، معظمها كانت على حق، منها ما يقول أنه مسعى لجهات معينة من أجل الانتقام ممن خذل النظام البعثي المنهار، وغيرها تجزم أن أسباب القتل الهمجي، على سبيل المثال، تهدف أساسا إلى أعادة السلطة لمن فقدها، وأخرى تقول أن كل ما يجري بتوجيه من دول الجوار أو دول عظمى لها مصالح في العراق وتسعى لإفشال التجربة العراقية، وغيرها تقول أنه على أساس طائفي، أو تهدف إلى تأسيس دولة أو إمارات إسلامية أو قومية متشددة في العراق، والكثير من التفسيرات الأخرى.
لكن حين نذهب للتفاصيل، نجد كل هذه الأسباب تشترك بقاسم مشترك واحد أو نتيجة واحدة وهي تعطيل دوران عجلة الإنتاج، وبالتالي تأخير عملية تشكيل القاعدة الاقتصادية السليمة للدولة الجديدة، وتجعل من الاقتصاد تابعا وليس قائدا لعملية التحول الاقتصادي والسياسي والذي أريد له أن يكون كنظام مدني.
هذه الورقة تعالج مسألة تفعيل القاعدة الاجتماعية، الاقتصادية والسياسية، السليمة للدولة المدنية.
كما هو معروف أن عملية دوران عجلة الإنتاج كانت قد توقفت قبل سقوط النظام السابق لفترة طويلة بسبب تدمير الصناعة العراقية لصالح التصنيع العسكري، تبعها تعطيل قطاعات أخرى ودفعها نحو المزيد من التخلف كالزراعة، والقضاء المبرم على السياحة، وهكذا القطاعات الأخرى، بحيث انتهى بنا المطاف لنعتاش على "النفط مقابل الغذاء" الذي بقي مستمرا حتى سقوط النظام، وبقيت البطاقة التموينية لحد الآن المورد الأساسي لشريحة واسعة من العائلات الفقيرة.
وما حصل بعد التغيير كان أكثر خطورة، حيث استمر المسؤولون الجدد يعتاشون على عائدات النفط أيضا، ولم يعاد الاعتبار لآلاف المصانع التي هجرها العاملون بها لتوقفها وعدم تنافسية منتجاتها مع المستورد الرخيص، بل ويتقاضى العاملون في تلك المصانع رواتب وهم جالسون في بيوتهم، ولم تتطور الزراعة بالشكل الذي يتناسب مع ما يملكه العراق من امكانيات هائلة من أراضي شاسعة صالحة للزراعة، ومياه استمرت بالذهاب هدرا نحو البحر، وطاقات بشرية اضطرت لهجرة الريف لتثقل كاهل المدينة، وهكذا باقي القطاعات تقريبا كلها لم تكن بأفضل حال من الزراعة أو الصناعة.
كل ما تقدم يعني تعطل عجلة الإنتاج في جميع القطاعات تقريبا ما عدا القليل في الزراعة والذي تدهور من جديد بسب اجتياح العصابات الاجرامية المسلحة لمناطق واسعة من العراق التي قضت على ما يقرب من40% من سلة العراق الغذائية.
إن عملية التحول التاريخي التي جرت في العرق والتي استمرت لأكثر من عقدين نتج عنها مسارين، الأول هو توقف عجلة الإنتاج، وثانيا تبدل مرجعيات الفرد العراقي من مرجعيات شبه متحضرة إلى مرجعيات غاية بالتخلف.
هذا التحول جرى بسياق تاريخي مادي محض وخارج وعي الإنسان تماما، وهذا شأن التحولات التاريخية في أي مكان أو زمان.
تبدل المرجعيات للفرد والجماعات:
يوم دخل المحتل البريطاني للعراق أوائل القرن الماضي، كان الذي تصدى له كقادة هم رجال الدين وشيوخ العشائر، لأن العراقي آن ذاك كان خاضعا لحكم العشيرة، والأيدولوجيا التي يرجع لها هي الدين، وهاتين المرجعيتين فقط هما السائدتين في ظل المجتمع آن ذاك.
لكن بعد تشكيل الدولة الحديثة، تطورت علاقات الإنتاج، ونشأت علاقات جديدة تختلف عما كان الوضع عليه في السابق، فقد نشأت عبر عدة عقود من الزمن منظمات مجتمع مدني كالنقابات، على محدوديتها، عرفت بمطلبيتها ووقوفها إلى جانب حقوق أعضائها وكانت خارجة عن سيطرة الدولة، أي حرة إلى حد ما، ونشأ قضاء شبه مستقل عن السلطة التنفيذية، وسلطة تنفيذية تمتلك الكثير من وسائل القوة والتأثير، وحتى برلمان وإن كان بالتعيين في العهد الملكي، لكنه كان يمتلك بعض مظاهر الاستقلالية عن السلطة التنفيذية.
وهكذا نشأت مرجعيات جديدة للفرد والجماعات تختلف عن المرجعيات القديمة التي كانت محصور فقط بشيخ العشيرة ورجل الدين، كل هذا جرى بفضل دوران عجلة الإنتاج الزراعي والصناعي من حيث الأساس، لكن المرجعيتين، كما أسلفنا، بقيت متعايشة مع بعضها البعض، حيث كرس القانون لهذا الأمر، فكان قانون حل المنازعات العشائرية، على سبيل المثال لا الحصر، معترفا به من قبل الدولة والقضاء، وحكم رجل الدين في تنظيم المجتمع والسياسة مسموعا لدى القضاء والسلطتين التشريعية والتنفيذية.
ومع تبدل نظام الحكم عام 58 ، وعلى الرغم من قصر الفترة، تنامت حركة المجتمع المدني إلى حد بعيد كنتيجة للقفزات الاقتصادية وتطور علاقات الإنتاج التي شهدها البلد وتوسعت البنى التحية والحراك السياسي الاقتصادي الذي أفرز العديد من الأحزاب والمنظمات الفئوية، وتنامت إلى حد بعيد سلطة الحكومة التنفيذية بشكل كبير بظل غياب السلطة التشريعية تقريبا، خلال هذه الحراك الاجتماعي السريع الإيقاع، ونشأة النقابات الجديدة بعد توسع القطاع الصناعي وتوسعت والإتحادات الفئوية ونشأت منظمات مجتمع
مدني تتمتع باستقلالية نسبية عن الدولة، وصدرت قوانين جديدة تنظم الحياة الاجتماعية بشكل أفضل تجاوب معها المجتمع بشكل جيد، كما كان ممكنا ملاحظة تراجع المرجعيات القديمة المتمثلة بالدين والعشيرة بشكل كبير جدا إلى حد الاضمحلال في المدن تقريبا، لكنها بقيت محصورة في الريف بالتوازي مع المرجعيات الجديدة للقضاء والقانون ومنظمات المجتمع المدني الحرة.
وفق هذه التحولات، نشأة مرجعيات جديدة مختلفة وأخرى تطورت على حساب تلك التي تراجعت بشكل خارج وعي الناس، بل وعي الضرورة هو الذي أنتجه.
خلال تلك المرحلة من عمر العراق الحديث القصيرة تجلت خلالها ملامح المجتمع الحضري ذو المرجعيات الأكثر تحضرا من السباق، ولو استمر الوضع بتلك الوتيرة لكان العراق اليوم بالفعل مجتمعا مدنيا متحضرا ومرجعيته القانون والدستور، والقائد فيه هو الاقتصاد وليس السياسة كما هو الحال الآن، لكن الانقلابات السياسية عادت وأفسد كل شيء.
كان يجب أن تستمر هذه العملية بالتنامي لولا أن سيطر الحكم الشمولي للبعث على العراق في العام68، الذي حول كامل منظمات المجتمع المدني إلى مؤسسات تابعة للحزب\السلطة ومفرغة من معناها ومحتواها، بل وحولها إلى أدوات للممارسة القمع والتحكم بالمجتمع، فتحولت النقابات إلى أوكار للتجسس على الأعضاء وحتى ممارسة التحقيق والتعذيب لتقوم مقام الأجهزة القمعية التي لم تعد كافية للجم المجتمع وتكبيله بقيود النظام الشمولي، ولم تعد قيادات هذه النقابات والإتحادات منتخبة بل معينة من قبل الحزب الحاكم، لذا فقدت معناها أن تكون مرجعية للعاملين المنتمين للنقابة أو الإتحاد. وكان للحروب أيضا أثرا كبير جدا بعد أن تحولت معظم المصانع إلى الإنتاج الحربي وتدار من قبل المؤسسة العسكرية فتحول العاملين فيها إما جنودا يعملون وفق أنظمة بعيدة تمام البعد عن المجتمع المدني أو إلى عاطلين عن العمل لتبتلعهم جيوش النظام المتعددة، وأفرغت الحقول الزراعية من العاملين فيها ولم تعد هناك عملية إنتاجية تخضع لأي مسمى ولا لعلاقات الإنتاج معروفة الملامح.
خلال تلك الفترة بالذات تراجع العراق للوراء بشكل مرعب، لأن السلطة الدكتاتورية التي فقدت سطوتها على الريف العراقي والمدن البعيدة عن العاصمة، وجدت نفسها مضطرة لإعادة الاعتبار لشيوخ العشائر من خلال دعمهم من ناحية ومحاولات إخضاعهم من ناحية أخرى، وبالتالي إخضاع عشائرهم، إلى سلطان الدولة، لأن كان لابد من إعادة الاعتبار إلى النظام العشائري بالكامل، كما كان عليه قبل تأسيس الدولة العراقية في بداية القرن.
وبعد سقوط النظام السابق وجدت الأحزاب الإسلامية بهذه الحالة النعيم المفقود الذي كانت تبحث عنه منذ زمن بعيد، فاستثمرته بكل قوة، وزادت من نشر الفوضى ورفعت الشعارات التي تؤجج التخندق الطائفي لينقسم المجتمع موضوعيا على أساس طائفي، واستمرت محاولات الأحزاب السياسية الدينية المستميتة للعودة للقوانين التي تمنح الحق لهم بقيادة المجتمع والسياسة، ويمنحهم شرعية البقاء والاستمرار بالتحكم بالمجتمع وامتلاك مفاصل السلطة.
هذه هي الملامح العامة للحالة التي وصل لها العراق وهي الحالة التي نعيشها الآن تحديدا، لكن من خلال ما تقدم نستطيع تلمس أسباب النكوص والتراجع بشكل واضح، وهذا ما أحاول أن استعين به لكي نستطيع الجزم أن الآلية التي سوف نتحدث عنها هي الحل الوحيد الناجح والأسرع بالعودة للقانون والقضاء وسلطة الدولة المدنية فقط، وليس تلك المرجعيات الطارئة التي خلقتها الأزمات التي مر بها النظام أو تلك التي خلقها فلوله بعد السقوط المريع لنظامهم، واستمرئها بعض القادة الجدد وأحزابهم من أجل فرض سيطرتهم بالكامل على الدولة والمجتمع.
إعادة عجلة الإنتاج للدوران من جديد:
أزمة الميزانية، كما اصطلح على تسميتها، هي التي دفعت الجميع بالتفكير بتنويع مصادر الدخل للدولة، ولكن هذه المهمة ليست بسيطة وهي بحاجة إلى دراسات وتشخيص سليم للأمراض المتعددة التي تفرض نفسها كواقع موضوعي مستحكم بتلابيب الاقتصاد ومن ثم بالسياسة وحتى الأمن.
لذا، من الضروري تشخيص هذه الأمراض ومعالجتها لنضرب عدة عصافير بحجر واحد، وهي اعادة تدوير عجلة الإنتاج في القطاعات المختلفة، والتي هي بدورها ستكون سببا لتشكيل مرجعيات جديدة مدعومة بمنظومة قوانين جديدة وضرورية لخلق الحالة الجديدة، وأخيرا ستكون سببا لإدارة أفضل للمال العام بأيدي مهنية خبيرة ومتمرسة.
لنأخذ أزمة الدين العام والركود الاقتصادي في الولايات المتحدة كمثال، وهي أزمة قريبة جدا لذاكرة الجميع. هذه الأزمة كان لها عدة وجوه ومعالجات متعددة، سأخذ واحدا منها فقط، وهو أن الحكومة الأمريكية قد وظفت مبالغ ليست بالكبيرة بالنسبة للاقتصاد الأمريكي للتوسع بالصناعات الصغيرة والمتوسطة المتمثلة بالصناعات التحويلية، وكان لها الأثر الكبير بالخروج من الأزمة لأن نتائجها سريعة وتوظف عددا كبيرا من العاطلين عن العمل ومردوداتها المالية سريعة جدا، وهذا ما تحقق بالفعل، وخرجت أكبر دولة في العالم من كبوتها.
يمكن للعراق الذهاب بهذا الاتجاه، وهو توظيف أموال لقيام مشاريع صغيرة وصغيرة جدا، زراعية وصناعية وسياحية وخدمية اخرى متنوعة، على أن يتم تمليكها للعاملين بها بعد استرجاع كلف تطويرها، على أن تبقى حصة للدولة لفترة محدودة من أجل ترسيخ اساليب الإدارة الجيدة وضمان حق الدولة بالضرائب.
المشاريع من هذا النوع قد لا تزيد كلفها على بضعة عشرات أو مئات الآلاف من الدولارات يضاف لها كلفة الأرض، بعضها يستطيع اسرداد كلفة التطوير خلال فترة قد لا تزيد على السنتين.
الهدف من التمليك، هو خلق حالة من الحرص لدى العاملين على المشروع، وضمان أكيد لمحاربة الفساد والذي بدوره يمكن أن يكون بداية جيدة لمحاربة الفساد في كل مفاصل الدولة، ويساهم بنشؤء قطاع خاص قابل للتوسع من خلال انشاء صناديق تنموية متعددة الاختصاصات تديرها بنوك الدولة ويمكن لبنوك القطاع الخاص المساهمة بها أيضا، هذا فضلا عن إمكانية تطبيق هذا النهج من قبل الدولة بسهولة ويسر كما ويمكن التوسع به بشكل واسع فيما اذا حقق النجاحلت المطلوبة منه.
كما اسلفنا، لتفعيل هذا الأمر نحن بحاجة إلى صناديق سيادية تديرها الدولة لتعمل على تطوير القطاعات الاقتصادية المختلفة توظف لها الأموال الكافية في المراحل اللأولى، لكن فيما بعد ستعتمد على عائداتها وستتوسع لتغطي احتياجات المشاريع الكبيرة وعلى نفس الأسس، ما لم يتم تعزيزها بمزيد من الأموال لمزيد من التوسع بمشاريعها، تخصص لها من عائدات النفط، ولو كانت الدولة قد بدأت بهذا السلوب منذ اليوم الأول لما كان لدينا عاطلين عن العمل ولا احادية بالاقتصاد ولا تراجع بعلاقات الإنتاج ولتبدلت بالضلرورة مرجعيات الفرد والجماعات إلى مرجعيات متحضرة تتلائم مع الدولة المدنية، وليس دولة بلا ملامح كما هو الحال في العراق الآن.
هذه الصناديق السيادية سيكون لها الأثر الكبير في تنوع الاقتصاد، وستنشأ ضرورات جديدة يكون لها الأثر الكبير بالتشريع وإعادة سيادة القانون لأن هذه العلاقات الجديدة بالإنتاج ستكون بأمس الحاجة إلى ما يضمن بقائها واستمرارها، فهي بحاجة إلى قوانين جديدة وكافية وتعديل قوانين أخرى، وبحاجة إلى خلق نقابات واتحادات فؤية حرة وغير تابعة لوزارة معينة كما هو الحال الآن، وهكذا ستنشأ الحاجة لكل ما يضمن البقاء والاستمرار لهذا النمط من الإنتاج، وهو كما وجدنا في السياق قطاعا خاصا أو مشتركا ينشأ بأحضان الدولة وينفصل عنها ليكون حرا يدعم اقتصاد البلد بتنوع المنتجات.
هذا الاسلوب بالعمل سيعيد الاعتبار للكفاءات العراقية في مختلف المجالات وقد نجد أنفسنا بحاجة للمزيد من المتخصصين للعمل الفعلي وليس تأهيلهم وإلقائهم في الشارع ليضيعوا كما ضاعت المليارات وضاع الأمن الأمان وقد يضيع البلد بكامله فيما لو استمر الحال على ما هة عليه الآن.
مقالات اخرى للكاتب