لم يعد هناك متسع للأحلام ، فكل زوايا الغرف باتت مسكونة بجنون الهدر لفاعلية حصون الوطن ، كل شيء اصبح موجعا بغربة الوطن ، في الداخل يبحثون عن وطن يجمع الكل ، وفي الخارج مهووسون بتحليلات ومواقف القسمة لوطن كان موحداً ، التوحش والالغاء له مايؤيده ، والمهاجرون من غرف النوم إلى حواف المدينة استشعروا الغربة بعد فوات الآوان ، الكل متهم بالانتماء ، والنهابون همّ صرة الوطن وذخيرته يوم لم يعد هناك وطن ، فقط تلال يحكى عليها قصص القادمون من حوافر المذاهب . داعش ليست قوة خارقة نزلت من السماء على مقابر الانبياء ، هي واحدة من صناعات الزحف القادم ، ادت دوراً فنجح وتولى وصنع الرعب في النفوس ، وسياتي بعدها اكثر وحشية اسمها (خرسان ) يجمع مابين الوحوش البشرية بين سكان افغانستان وجبال تورابورا ومابين جبال باكستان ، ثم تهب العاصفة حاملة رايات الله اكبر لتحرق كل ماهو حي في هذه الارض باسم الانتماء للمذاهب .الايات المتوحشة اللاغية لكل ماجاء من السماء صار لها اتباع وموردون وخزائن واموال ، المهم ان تمضي داعش الان وخرسان غداً على وفق حسابات تحديد الاولويات لهدر الحصون ، فارض العرب والمسلمين مكتظة بالجياع وحافظوا الكلمات الاولى ، الالغاء ثم الاجتياح ، ودافعوا ديون التكلفة مستعدون لأخر المشوار مادام هناك من يحدد رسم صورة المشهد ، ولكن من يلاعب رؤوس الارهاب في ماله سيجد يوما قد تحطم بيته. تتذكرون حتماً ، الغارة الامريكية في بلاد الشام على موقع لمنظمة ( خرسان ) اعلن عن ذلك ثم اختف الحديث عنها في وسائل الاعلام لأن أوانها لم يحن بعد ، فهي الوريث الشرعي لداعش ، فما دامت داعش لازالت تمضي في دروب التكلفة ، فلا ضرورة في الوقت الحاضر لضهور خرسان ، فهي مؤجلة ليوم الحساب .نحن فقدنا التشخيص ، واصبحت العموميات مركز ارشادنا لمواقع الصراع ، نسينا شيء اسمه الوطن ، واصبحت المذاهب والاعراق نقاط الالتقاء والافتراق ، وإذا لم يكن كذلك ، فمن منا تحدث عن ضرورات المواطنة والوطنية كبديل للمذهبية والعرقية ، وإذا كانت هناك ديمقراطية حقيقية ، فمن منا شخص الخلل في الكيانات والاحزاب وامراءها ، والداعشيون وزعماؤهم ، من يستطيع ذلك ، لذلك كل الاشياء اصبحت قابلة للإختراق حتى الحصون التي كانت تجمعنا .الوطنية ليست شعاراً ، وإنما هي ممارسة ، والنزاهة والاخلاص والإباء ، ليست حكاية في خطابات الذكرى ، وإنما هي ممارسة بعد امتحان المسؤولية ، ولكن سقط العديد العديد ممن امتحنوا في مسؤولية امانة الوطن ، وراح الباقون ينتظرون يوم تبدء فيه تكلفة المهمة بعد توزيع المناصب الجديدة ، العديد من الكل ينتظرون ماتجود به البلدان ، لوطن كان محشو بالخيرات ، لاشيء يحمي خيرات واسوار الوطن إلا الله ، أما الباقون فعليهم لعنة الفقراء والمشردين واليتامى والمساكين واصحاب السبيل ، وهي لعنة لن تمحو عار النهب باسم الدين ، والقتل وتجاوز الحرمات ، باسم الايات .لانعتقد إن شعبنا يحتاج إلى ( ويكليكس ) كي تدليه على اصحاب النفوس والشخصيات الضعيفة ، ولا على النهابين ولصوص الوطن ، ولا يحتاج معرفة الذين يختفون تحت العباءات ، فهم معروفون بدقة ومشخصون بعناية ، ولكن الخطورة ليست بكشف الاسماء ، وإنما بالحماية التي توفرها السلطة لهؤلاء ، وإلا إن لم يكن كذلك ، كم من عقارات الدولة صودرت بتفاليس لاقيمة لها نسبة لحجوم ومواقع تلك العقارات ، وحجوم الاموال التي نهبت باسم المشاريع الوهمية أو مشاريع لم تكتمل أو تلك التي اكتملت وهي قابلة للهلاك .و (يكليكس) لم يكتشف الجديد في عراق (الديمقراطية ) وسلطة التوزيع على المذاهب والاعراق ، نعم لم يكتشف الجديد ، فكل الشعب يعرف ، إن من بنى قصراً أو داراً بحجم القصور الخليجية أو حقق مشروعاً في دول الغربة أو حتى سكن في دول الجوار بعدما كان حافي القدمين هو سارق ونهاب ولص بامتياز ، يجوز محاسبته وفق شعار جمال عبد الناصر من أين لك هذا .لاأحد منا يشك بخطورة الوضع ، الوطن مهدد بالتقسيم ، وداعش تنتهك كل نواميس الاعراف البشرية وتمضي ، وشيوخ ، وقبائل مال النخاسة تساوم تارة مع الامريكيين ، واخرى مع رجالات السلطة لكي تكسب على اشلاء الطفولة الممزقة ، وشرف العشير المنتهك ، وقلوب النساء المحترقة ، المهم تكسب ، واخرون جالسين في واشنطن يساومون على الزعامة في ارض الوطن المهشم ، وحصون فقدت القدرة على المقاومة ، بفعل تفاعلية الهدر لشروط البقاء ، وإن لم يكن هذا الحال ، فكيف لمجموعة من محافظة سلبت قدرتها داعش أن تساوم البنتاغون على سلطة في الصحراء ، وهكذا يتوحد هداموا الحصون لاضعاف بغداد وكسر اساور معصمها ، لكن الآت سيحكي عن بغداد وحدها قصة تاريخ جاء في زمن منسي ورحل ، وبقيت بغداد وتاريخها حاضنة للمواطنة ، ووطن يكبر ليعود اساس صناعة التاريخ واحرف العلم والبقاء ، فلا احد يستطيع أن يجعل من مكان ( ما ) بديلاً عن بغداد
مقالات اخرى للكاتب