خلال شهر رمضان ، انشغلت اكثر الفضائيات العراقية "المستقلة " واخواتها التابعة لاحزاب مشاركة في الحكومة، واخرى ذات علاقة متينة بدول الجوار ، انشغلت بمسابقات رمضان وعلى مدى شهر كامل ، طرحت الاسئلة البايخة والفطيرة لمنح الفائزين جائزة مالية او مادية ، في العيد السعيد ، وعساكم من عواده وبعد اقامة الصلاة الموحدة بين الوقفين الشيعي والسُنّي للتعبير عن التلاحم الوطني وتماسك الوحدة و"للكِشِر" بين مكونات الشعب العراقي، سيتم الاعلان عن صاحب الحظ السعيد والبخت الجبير في الاجابة على السؤال الفلسفي الخطير: اين تقع جمهورية الغُمّان؟
الفضائية ستكون اكثر سعادة من الفائز في بيان الجواب للمشاهدين ، وستخصص حلقة كاملة تلتقي خلالها الخبراء والمحللين السياسيين للحديث في بداية الامر عن فكر المقاومة ضد القوى الامبريالية والصهيونية ، وبعد ذلك سيتناول الحاضرون وبحضور الفائز موقع جمهورية الغُمّان في الخريطة ومناخها وثرواتها الطبيعية ، ودورها السياسي في دعم المقاومة الاسلامية، وحجم استجابتها للاحتفال بيوم القدس ، ورفع الدعاء الى عنان السماء، ليكتب لها الله التحرير من رجس الاعداء .
في اول ايام العيد وفي ظل اجواء الفرح والبهجة وتحقيق النصر الناجز بالقبض على اخر سجين هارب من معتقل ابو غريب ، واعادته الى زنزانته ليتجرع السم لحين تنفيذ حكم الاعدام بحقه لكونه مداناً بالمادة اربعة ارهاب ، سيعرف العراقيون "جمهورية الغُمّان " ، وقد تاخذهم الحماسة والشعور بالعرفان لكبير "الغُمّان" بان ينظموا له تظاهرة تأييد شعبية واسعة ، تنطلق من سجن الحوت الى ابو غريب ، تطالب بالحد من من نشاط الخصوم ، والابتعاد عن اثارة الفتن ، والامتناع عن اثارة الملفات الشائكة والحديث عن سوء الخدمات لكي يوفر الشعب السقف الزمني الملائم "للأغمّ الأكبر" لتنفيذ برنامجه الحكومي في أجواء تعتمد الشفافية والوضوح وتبادل النقد بروح ديمقراطية حضارية ، على طريقة نفذ ثم ناقش.
قبل عشرات السنين وبعد 14 تموز من العام 1958 وجه صحفي بريطاني سؤالا الى احد كبار ملاكي الاراضي الزراعية في العراق ، وكان السؤال باختصار يركز على قضية جوهرية واحدة هي استشراف مستقبل العراق من وجهة نظر من تضرر باصدار قانون الاصلاح الزراعي ، فكان الجواب ان الامور ستعود الى وضعها السابق ، فاستغرب الصحفي البريطاني من الجواب ، ولكنه اقتنع عندما علم بان السبب يتعلق بقيادة الدولة من قبل العسكر.
ماشهدته العاصمة صباح الاحد من اجراءات أمنية مشددة، طالت شارع ابي نؤاس والسعدون والمناطق القريبة من الخضراء بعثت برسالة تؤكد حقيقة ان "جمهورية الغُمّان " بقيادة ابناء القائمة المغلقة سيواصلون التحوطات الامنية حتى اعتقال اخر ارهابي في العراق ، وفي حال تعذر ذلك لاسباب تتعلق باجواء الشد السياسي واتساع الخلاف بين الاطراف المشاركة في الحكومة، ليس امام العراقي الا طلب الملاذ الآمن في جهنم ، ويترك الوطن "لبناة الحضارة" ودولة الغُمّان هاذي رفع الله لواها .
مقالات اخرى للكاتب