خَطَرَ ببالي سؤال: هل كان البرلمانيون يعرفون معنى الإصلاح قبل أن يُفوَّضوا به العبادي ومن ثم يسحبوا تفويضهم؟ أحيانا أشك في فهم أعضاء البرلمان لمعنى البرلمان. الذي جعل السؤال يخطر في ذهني تصريح لعضو مجلس كربلاء وهو "مالكي" أيضا" يقول "بدأنا بإصلاح النظام التربوي في كربلاء". حين مررت على التفاصيل وجدت انه يتحدث عن عشر خطوات جميعها لا علاقة لها بمعنى "الإصلاح"!
حتى لا نكون ظالمين لا بدَّ من القول صراحة إن عدم فهم المعنى الحقيقي للإصلاح لا يقتصر على الساسة العراقيين، بل يشمل عموم العرب. كذلك قد يغيب المعنى عن اغلب الناس من دون استثناء حتى مَن نسميهم "مثقفين".
في مقدمته لكتاب "الكلمات المفاتيح" يذكر الدكتور نعيمان عثمان انه في عام 2004 بمؤتمر عربي بعمّان حول المطالبة "الخارجية!" بالإصلاح قال ولي عهد دبي: "هل لدينا شيء مكسور حتى يصلح؟" هذه كلمة واحدة من منظومة كلمات يقولها العرب ولا يعرفون معناها الدقيق، شأنها شأن مصطلحات كثيرة مثل الحداثة والعلمانية والديمقراطية والمجتمع المدني والحضارة.
المختصون ينظرون الى الإصلاح كمصطلح منشأه الغرب وله معنى مختلف عما نفهمه نحن. وكما تلمسون من قول ولي العهد ننظر اليه وكأن هناك ثلاجة عاطلة ونُريد إصلاحها. معنى ذلك أن الإصلاح الذي نتحدث عنه تقابله في الإنكليزية كلمة Repair وليس Reform والفرق بين الاثنين كبير.
فعندما تبدل الفيوز او تشحن الثلاجة بالغاز فإنها تعود للعمل لكنها ستظل ثلاجة او قد تعيد طلاءها فتبدو لك وكأنها تغيرت لكنها في الحقيقة خوجة علي ملا علي. قال شاعرنا الشعبي:
إلما مصبوغ من طبعه ما ينفع صبغ ويّه
شكد تتعب وتصبغ بيه، مشطّب يرجع المسراه
أما مصطلح Reform فيعني تغيير الشيء من أساسه نحو الأفضل. التغيير نحو الأسوأ لا يسمى إصلاحاً ، بل إنه تخريب.
عودوا لما قاله عضو مجلس كربلاء وستجدون ان كل ما قاله لا يتجاوز معاني الترقيع ولا علاقة له بالتغيير. يكفيني دليل واحد هو أنه لم يمرّ على المناهج التربوية ولو مرور العابرين الكرام. أنسميه اصلاحا تربويا ونحن لم نذكر إصلاح المناهج حتى ولو من باب جب الغيبة عن النفس؟ لا خوش إصلاح!!
مقالات اخرى للكاتب