الثقافة السائدة التي يحملها المواطن العراقي بشكل عام مشغولة بهموم المعيشة والحرب على داعش وما بينهما فأدت به الى ان يكون بعيدا عن الاهتمامات المعرفية والثقافية التي من الممكن ان تغنيه وتضيف شيئا مميزا الى شخصيته وقد ساهمت هذه الظروف المجتمعية الى حد بعيد في تغذية مفاهيم الاعراف المذهبية والعشائرية لتزيد من ركود المجتمع وتقييد حركته الطبيعية في التطور السلوكي والاخلاقي وتطغي عليه. وعلى الرغم من وجود فضاء معرفي مهم مثل الانترنت منتشر بشكل واسع وكبير الا انه لم يُستغل بشكل كاف بل صار حاملا للثقافة السلوكية السلبية التي يعاني منها المجتمع العراقي وناقلا لها .
كيف يمكن الاستفادة من هذا الفضاء الالكتروني المنتشر بين ايدي الناس من خلال مواقع التواصل الاجتماعي وعبر هواتفهم الذكية ( تلك الاجهزة التي اصبحت منتشرة في كل مكان ولاغنى عنها خصوصا بين الشباب ) لتحويل اهتماماتهم نحو المعرفة والثقافة وتحويل الاتجاه نحوها لتكمل الطريق الى تطوير الذات ؟ فعلى الرغم من وجود الكثير من النشاطات الثقافية والفنية التي بدأت تنتشر في بغداد والمحافظات الا ان الفرد العراقي قد لا يملك الوقت دائما للتفرغ لتلك النشاطات وان اثارت اهتمامه بسبب ضغوط الحياة ومتطلباتها المستمرة فلا يستطيع الحضور اليها او متابعتها , فيبقى هو في واد ... والنخبة المثقفة في وادٍ اخر , وكل في فلك يسبحون !
من الطرق التي من الممكن ان تنجح في جذب الشريحة الشبابية بشكل خاص للمعرفة الثقافية هي تطعيم ما يهتم به الشباب حاليا في مواقع التواصل الاجتماعي بالعروض والافكار المعرفية واضافة الفقرات التي تمثل الفكر المعرفي والادبي شيئا فشيئا الى الصفحات المنتشرة ضمن نطاق اهتماماتهم حسب الذائقة السائدة فيتكون بذلك في البداية مزيجا مركبا من الثقافة الادبية والمعرفية بين طيات مواضيع تمثل ما تحمله من واقع سلوكي حالي متفاعل معه الشباب.
الطريقة الاخرى التي يمكن ان تجذب المتلقي هي استعراض المواضيع الادبية والفكرية بأسلوب مبسط وسلس وباللهجة العاميّة ان تطلب الامر , سيكون هذا حافزا لأن يتابع المتلقى تلك المواضيع وبالتالي التفاعل معها وتشجيعه لعكسها على الواقع والحياة بشكل عام .
في كل الاحوال فأن طرح مواضيع تخص الموسيقى الكلاسيكية ومؤلفيها كموزارت وباخ وبيتهوفن وأعلام الفلسفة كهيغل ونيتشة وكانط او تعريف لمفكرين عالميين كسارتر وكولن ولسن وغوته ...ألخ وتقديمها بطريقة جديدة متماشية مع الفكر السائد وواقعه سوف تحدث اثرا ملموسا على الناس نحو الافضل وقد تجد في يوم من الايام مجموعة من افراد الطبقة الكادحة كسواق الكيا او الحمالين او غيرهم وهم يتناقشون في امور لمفكرين ومؤلفين ممن سبق ذكرهم وتبادل اهتمامات مشتركة جديدة عبر الهاتف المحمول .
مقالات اخرى للكاتب