شغلت ظاهرة الفضائيين المشهد السياسي والإعلامي العراقي في الأسابيع الاخيرة وصارت موضوعا أثيرا للكتابة والحديث ومادة دسمة للبرامج الحوارية في شتى الفضائيات،،والأمر المثير للاستغراب حقاً هو ان هذه الظاهرة التي تمثل وجها قبيحا اخر من أوجه الفساد الذي ينهش العراق تحولت بسرعة لتنال الاهتمام الكبير رغم انها لا تمثل اكتشافا جديدا او معلومة خفية ظهرت للعلن بسبب الإصلاحات التي يقوم بها السيد العبادي ،،لأننا نعلم جميعا انها مستشرية في جميع دوائر الدولة ومؤسساتها وتحديدا منذ ان حل الفراغ الخطير الذي تركه احتلال العراق في ٢٠٠٣ وانشغل الجميع بأمور شتى بعضهم اندفع لتعويض حرمان فرضته العزلة الخانقة بأمور مادية وآخرون ركبوا موجات الديمقراطية والحزبية وكانت الوجوه الجديدة التي جاءت بها امريكا او جاءت لوحدها وشكل بعضها ما سمي بمجلس الحكم والارتجال السياسي الذي رافق التجربة السياسية في العراق لاحقا،،وكانت تنمو في الظل طفيليات الفساد وتتكاثر وتتنوع ومنها ما تفنن في النهب والاحتيال بدافع الطمع والجشع الذي فاق التصور ،،وفي الوقت الذي كانت فيه اغلب فئات المجتمع مسرورة بالانتعاش البسيط الذي تحقق اثر زيادة الرواتب وانفتاح السوق على غرائب السلع متناسية حجم الخراب الذي يقصم ظهر البلد ،،ومع استمرار تدفق اموال النفط تحول المال الوطني السائب تحت رعاية الأمريكان الى معلم ناجح للسرقة فوجدت تلك الطفيليات فرصة ثمينة للنهب بعد ان فرغت من نهب البنوك والمؤسسات الحكومية وأموال رموز النظام السابق حتى تشكل المال السياسي الذي أرسى أسس دولة كانتونات حزبية عابرة للطائفية والقومية اعتمدت في تمويلها على السرقة المنظمة للمال الحكومي ،،ومن طرق تلك السرقة ما سمي مؤخراً بظاهرة الفضائيين.
،اي اننا نحن العراقيون جميعا كنا شهودا على الامر لكننا نأبى الا ان ننساق لخصلة(التطنيش)المتأصلة فينا ولا نشير الى العلة الا بعد ان يشكو منها الآخرون ،،على طريقة حجي راضي وعبارته الشهيرة لعبوسي وهو يقرا له درس القراءة(اي هاي اعرفها) ،،
ليس غريبا اذن ما نسمعه او نراه ولا ينبغي ان نندهش اذا ما علمنا ان أسس القوى السياسية التي تتلاعب بمقادير البلد اليوم هي فضائية الجذور ،،لكن المزري والمولم والمزعج من الامور ان نستهدف جميعنا فيما نكتب ونحلل ونناقش نحن والحكومة جانبا واحدا من الظاهرة ونهمل بقية الجوانب الأخطر ونعني بها رموز الفساد التي تقف وراء الظاهرة ،،ان نعاقب الصغار ونغض الطرف عن الكبار فما اكثر الاسماء الوهمية التي اكتشفت واكثر الذين يقفون ورائها وما اكثر الجدل الذي دار حولها وما اقل الصراحة التي تشوب كل الخطوات والتقارير المتراكمة حولها لأننا نعرف جميعا ان (العروش الكبيرة )التي يتردد ذكرها في الحوارات والأحاديث هنا وهناك والتي يمكن ان تنهار ستبقى بمامن من العقاب لان هولاءليسوا(اولاد البطة السوداء)وقد نكتشف يوما ان العراق برمته عبارة عن مستعمرة فضائية ليس فيها الا حقيقة واحدة اسمها الفاسدون،،والى ان نتحلى بالجرأة للحديث عن الحقيقة كاملة ونفضح هولاء اقول ،،،كل سنة ضوئية والعراق
بخير ،
مقالات اخرى للكاتب