قرأت عدد من التعليقات من بعض الأخوة والأخوات حول طريقة عبث هؤلاء العمال ، وعبثهم بالنفايات المتراكمة هنا وهناك ، وقد عبر البعض على أمتعاضهم وأستهجانهم لهذا السلوك الغير حضاري كما أسماه البعض ، مع محبتي وتقديري لكل هذه الأراء ، وأتفق معهم بأنها غير حضارية !....ولا تنم عن وعي وثقافة وأدراك للطريقة التي تمت والكثير قد شاهدها على الفضائيات ، أو منقولة على صفحات التواصل الأجتماعي ، ولكني لي رأي مختلف تماما من حيث دوافعه وأسبابه ومسبباته .
هؤلاء ناقمين يائسين ومحبطين جياع ، وعلاوة على ذلك يعانون من البطالة ويعانون من بؤس الحياة ونكدها ومصاعبها ، فهم يحتجون على طريقتهم ؟!..وحسب فهمهم ؟ للتعبير عن هذا الأحتجاج ، يقول الأمام علي( لو كان الفقر رجل لقتلته ) فلا تقسو أخوتي الأحبة على هؤلاء ، وتزيد قساوتكم عليهم ، فهم لا يجدون ما يسد رمقهم ويشبع أمعائهم الخاوية ، ويبحثواعلى لقمة مستدامة ...فالجوع كفر والرخاء أيمان ؟! وهو جنة في الدنيا ونعيم لأخرته ، فهو يصنع كل ما هو خير وحميد ، فلا تطلب من الجياع والبؤساء والمحرومين والمشردين ، أن يكونوا أتقياء أنقياء وذا خلق وشهامة ونبل ، ومثاليين في حلهم وترحالهم ، الذين لا يملكون شئ في هذه الدنيا ، وهل تطلب من أنسان ما لايملك أن يعطيك هذا الذي طلبته ؟ ، فالأنسان قبل أن يفكر ويعمل ...يجب أن يأكل ويشبع بطنه ومن ثم يستطيع أن يفكر وينجز ما يطلب منه وليس قبل ذلك أبدا ، وفاقد الشئ لا يعطيه ، الجوع هو مفتاح لكل أبواب الشر ولكل الأمراض والموبقات والأدران ، وأن أردت أن تدمر عائلة أو مجموعة أو شعب !...فعليك بسلاح لا يوجد أمضى منه وهو سلاح التجويع ، وعندها ستخلق مجتمع بلا قيم وبلا أخلاق ومن دون سلاح لمواجهة هذا الوباء الذي أسمه الجوع ! ، فيتحول الأنسان المفكر والعاقل والمتماسك والمتزن والمتوازن ، سيتحول الى حيوان مفترس على هيئة بشر ، لا يمتلك الأنسانية والعاطفة والرفق والألفة والمحبة ، والعكس هو الصحيح ، من خلال توفير مقومات العيش الكريم والرخاء ، وأشباع الحاجات الأنسانية بما يصون كرامته وأدميته !...فهنا ستراه مختلفا عن النموذج الأول ، ستجده مبدعا خلاقا وأنسانيا وذا قيم وأخلاق راقية ، وسوف يبحث عن كل مصادر المعرفة والثقافة لتطوير نفسه وتغيير طبيعة حياته ، ويأسس الى كل ما هو حميد ومجيد ويحرص على بناء أوثق العلاقات مع محيطه ومع مختلف الأجناس والأعراق والملل ويتصرف بحكمة وأتزان وفي حدود الأداب والأعراف العامة ، وسيعمل جاهدا ومن دون رقيب على زيادة أنتاج الخيرات المادية لأشباع الحاجات الأنسانية ، وسيكون أقل جشعا ، وتدريجيا ستضعف وتنحسر مشاعر الكراهية تجاه من يحيطون به ، وحبه للحياة وللطبيعة وللبيئة وللكائنات الحياتية الأخرى سيكون كبيرا ورائعا ، فأنتاج العمل والذي هو سر أستمرار الحياة على كوكبنا ، بل العمل هو الحياة نفسها ، وكل شئ متوقف عليه وعلى تطوره خدمة للأنسان ولأنسانية الأنسان وللتعايش بين بني البشر جميعا ومن دون تمييز أو تفضيل باللون والدين والجنس والمكان والزمان ( ياأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير ) . أس المعضلات والمشاكل التي تواجه مجتمعنا وشعبنا هو تخلف العمل وأنتاج الخيرات المادية لهذا الشعب بما يكفيه لسد أحتياجاته ونتيجة البطالة والتي تضرب بأطنابها في أعماق المجتمع ، وحتي العاملين في دوائر الدولة ومؤسساتها فهم في بطالة مقنعة ، والملاين الأخرى لا يجدون مكان لهم تحت سماء هذا البلد الغني بثرواته والفقير والجائع والبائس بناسه ، وغياب كل ما من شئنه أستمرار الحياة من خدمات وغيرها ، وهنا هو بيت الداء ، فلا تلومو من يشهر سيفه ويقول أني جائع ؟!!...متى سنخرج من هذا القمقم والدهليز المظلم ؟...هذا علمه عند العليم الديان ..وعند صاحبي الأمر والنهي من حكامنا وساستنا المحفوفين برعاية الله وحفظه ؟!!.
مقالات اخرى للكاتب