ظاهرة بيع السلال في المنطقة الخضراء لها رواج كبير رغم الامكانيات المادية الاكثر من هائلة عند اباطرتها، الذين استنزفوا مئات مليارات الدولارات من قوت الشعب ما بين رواتب ومخصصات وعلاوات و "عيديات" ومنح وقروض بتسهيلات اشبه "بالبلاش" حتى وصلت احدى التخصيصات الى ما يشبه الفكاهة عندما خصص نواب "الشعب" لانفسهم مبالغا لشراء القرطاسية!!. ولكي لا يذهب القارئ بعيدا في تفكيره حول السلال وبيعها واقتنائها من اباطرة المنطقة الخضراء ولكي اعود به الى ارض الواقع المعاش اليوم فانني اعني بالسلال هي تلك التي بتنا نسمعها منذ بداية الاحتلال لليوم. فكلما استجدت ازمة مفتعلة او غير مفتعلة بين طرفين او اكثر من الحيتان "الكتل" السياسية حتى يخرج لنا بعض "السياسيون" مطالبين فض الاشتباك بطريقة عراقية بامتياز، اي تقسيم ما يريدون تقسيمه وتوزيع ما يريدون توزيعه واصدار ما يريدون اصداره من قوانين وتشريعات تصب في مصلحتهم اولا وبالمقربين منهم ثانيا (لان الاقربون اولى بالمعروف) عن طريق ما يسمونه "سلّة واحدة". والسلّة الواحدة لا تعني هنا الا امرا واحدا هو معالجة المشكلة بعيدا عن الرأي العام اي في الغرف المغلقة للوصول الى افضل الفوائد كلا حسب نسبته في ما يسمى بالبرلمان. لاننا ولليوم لم نرى اية نتائج ايجابية من عدد السلال الكبير التي طالب بها البعض او تلك التي قاموا بشرائها كما اشتروا المناصب الوزارية وغيرها من المناصب المدنية والعسكرية.
فعندما نتحدث عن محاربة الارهاب والفشل في التصدي له وضرورة سن واصدار القوانين التي تعمل على الحد منه تخرج لنا الكتل المختلفة عن طريق الناطقين باسمائها وهم كثر معلنين موافقة كتلهم على جميع الاقتراحات والحلول على ان تكون ضمن سلّة واحدة، وعندما يراد مناقشة مشكلة الفساد في وزارة معينة نرى الكتل المختلفة تعلن موافقتها على ضرورة ان تكون المناقشة من خلال سلّة واحدة، بل وصل الامر عند مطالبة الجماهير بعدم تدخل دول الجوار بالشأن الوطني نرى البعض يخرج علينا مؤكدا على ضرورة هذا المطلب وأهميته على ان يكون ضمن سلّة واحدة. ما هذه السلّة الواحدة لا أب لكم الا تخجلون؟
واليوم ونحن على اعتاب العام العاشر "للتغيير" الذي غيّر حزبا مجرما بحق شعبه باحزاب أدّعت مناهضتها له ولكنها تمارس عمليا نفس ممارساته باختلاف وحيد وهو دمقرطة دكتاتورياتها، نرى هناك نوعين من السلال احداهما سلال السلطة اي جميع من يشترك في الحكومة دون استثناء وهي اضافة الى ما اوردناه بداية المقالة، تشمل سلال الرساميل والمضاربات والاسهم والحسابات المصرفية والعقارات داخل وخارج العراق وسلّة الرشوة باستخدام المنصب ومنها رشاوى الكهرباء والاسلحة ومفردات البطاقة التموينية واموال اعمار البلد وغيرها من السلال الكثيرة والكبيرة.
اما سلال شعبنا فهي لا تحمل منذ ما يقارب السنوات العشر مما يسمى "بالتغيير" الا الموت اليومي والجوع والبطالة وانعدام الكهرباء ومشكلة الماء ما بين جفاف وغرق وسوء وبؤس القطاع الصحي والتعليمي والسكني والاستهتار بحاجات الارامل والايتام والمتقاعدين والمعاقين وضياع القانون في "دولة القانون" لصالح قوانين العشائر المتخلفة، اضافة الى سلال وضعها اباطرة المنطقة الخضراء على كاهل شعبنا لينوء تحتها خوفا ورعبا من قادم الايام وما ستحمله من نذر شؤم يحملها غربان الطائفية وهي سلال الحرب الاهلية وتقسيم البلد.
ايها الاباطرة، ايها اللصوص، ايها الغربان، يا بياعي الوطن وتاريخه وناسه، احملوا سلالكم وارحلوا واتركوا لنا سلّتنا وفيها بقايا وطن لنضمد جراحه ونعيد بناءه بعيدا عن طائفيتكم المقززة.
زكي رضا
الدنمارك
7/2/2013
مقالات اخرى للكاتب