ظهرت الصيغة الاستعمارية الجديدة على صيغة تعاون وتقويم للدول الضعيفة باسلوب ماكر اطلق عليه التحالفات الاقتصادية والامنية لحماية مصالح الدول الكبرى وحماية الانظمة الحليفة من الاعداء الوهميين وهذا اما في الباطن فقد قيدت الشعوب (بمعاهدات اقتصادية سرية جشعة لايعلمها الا الحكام الذين اتاحو للدول الكبرى فرصة جديدة للاستعمار الاقتصادي فمنحوه كل اسباب المنعة لاجل السيطرة والتصرف بادارة كل مفردة من الحياة الاقتصادية والسياسية والعسكرية بل بادر بعض المتعاونين معه الى تقديم اراض في بلدانهم التي يحكمونها كهبة لبناء قواعد جوية ومعسكرات لقواته المنتشرة في العالم وخارج اراضيها لتمارس سلطاتها عن قرب وتحل محل سلطات الاستعمار القديم التي كانت تمارس سلطاته مباشرة، وقد اطلقت على هذه الستراتيجية مسمى (الصداقة والتعاون) ليضفي عليها صيغة انسانية تبعد الانظار عن ممارساتها وافعالها السيئة واستغلالها لتلك البلدان وفق ارادات حكومية خاوية بائسة (اهم مافيها حماية انظمتهم) وفق اي اسلوب تراه مناسبا وهي في حقيقتها تعني العمالة والتوكيل الاداري والاقتصادي المطلق تحت العباءة الاستقلالية المتهرئة والمزيفة وغير الحقيقية التي تتواخى تضليل الشعوب من اجل النهب خفية.
وبذلك فقد تنافس الحكام في تقديم فروض الطاعة والولاء لهذا الاستعمار الجديد وقوته والمهيمنة والموجهة وحتى الاحزاب السياسية مدت ايديها للتعامل مع هذا (الواقع الغامض) المعروف بانتهازية شديدة وبلا شعور بالوطنية والمسؤولية، فاصبح الحكام بمثابة موظفين لدى الدول الاستعمارية المغادرة من الباب الامامي والعائدة من الباب الخلفي لادارة اعمالها القديمة الجديدة بهذا الاسلوب المضلل في مقابل ضمان كرسي الحكم (كما ذكرنا) من الانقلابات والثورات الشعبية وايضاً في مقابل تضليل الشعوب بالحصول على الاستقلال ولو بالشكل وليس بالمضمون وعلى بعض الجهات البائسة والكمالية المزخرفة في حقوق الانسان الشكلي وغير الناجز والمقيد بالاغلال الاقتصادةه، ومع تدفق الخيرات نفسها الى دول الاستعمار البغيض كما كانت عليه واكثر الا ان تلك الدول لم تكتف بسياسة الامر الواقع التي فرضتها على الشعوب الضعيفة كبديل للاستعمار المباشر فشرعت بالسير بعدة اتجاهات كان اهمها نظام العولمة الذي فرضته على تلك الدول.
فهذا الاحتلال الانكلو امريكي للعراق عام 2003 يمثل احدى الصيغ الاستعمارية الجديدة قد سير البلد نحو الفوضى واعطى التوكيل الاداري والاقتصادي للعملاء من الحكام والسياسيين الفاسدين وسياساتهم وسياسة اسيادهم التي دمرت العراق بعد ان اقام المحتل تحالفاته الحقيقية مع الدول الاقليمية ذات الاطماع التاريخية في العراق وذات توجه عدائي ضده ومن منطلق (عدو عدوي صديقي) كما اطلقت العنان لفرقها الاستخبارية لاختلاق الازمات وتفجير الصراعات الطائفية والاثنية وعملت بقوة ودهاء شديد على تحطيم وتفتيت اللحمة الوطنية من خلال تفشي الطائفية السياسية وضعف الشعور بالمسؤولية وتفشي الفساد المالي والاداري الذي اكل كل امكانيات الدولة الاقتصادية والارهاب والعنف المتواصلين منذ 13 عاما والى الان استنزف الكثير من موارد العراق البشرية والاقتصادية..
هذا الرفاه والعز الذي وعد به المحتل شعب العراق وهذا المنجز لحكام (التخوين والتعميل موظفي الدول الاستعمارية) الذين اتاحو للمحتل فرصة جديدة للاستعمار الاقتصادي.
مقالات اخرى للكاتب