دائما ما ينتابي الشعور بالضجر وانا اسمع او أقرأ تصريحا لأحد الوزراء المكلفين بادارة احدى أهم الوزارات الخدمية , فتارة يتحدث عن الخطط العسكرية وكيفية أيقاع الهزيمة اللوجستية والعسكرية بالقوى المتطرفة التي احتلت اجزاءا من العراق وسبل توفير التقنيات العسكرية الواجب وجودها في جعبة المقاتل العراقي خلال تلك المعارك , وتارة اخرى اسمعه يتحدث عن التوافق السياسي في اروقة السياسة واحقية الكتلة التي ينتمي اليها بالحصول على ذلك الموقف او هذا القرار !! ذلك الوزير الذي رأيته في أكثر من مرة كوزير بتخصصات مختلفة وفي أكثر من وزارة وبالتأكيد بمنصب (( وزير )) ! ربما يرى نفسه اعلى من تلك الوزارة التي يقودها فيرحل ويحلق في ذهنه الذي يوهمه هو الأخر بانه فارس الأمة وقائد الجيوش المحررة , فينطلق مع نفسه في حديث صحفي عادة مايتم انشائه بالاساس من اجل نقل الواقع الخاص بوزارته وهمومها فيجدها فرصته الذهبية ليتوعد من خلاله موقعه الوزاري بسحق الاعداء وفي ميادين القتال ! فلاعجب فشأنه شأن زملائه اعضاء البرلمان الذين من المفروض ان يعملوا في لجان ومواقع عليا تختص بادارة شؤون هذه البلاد المسكينة فاسمع حديث لاحد البرلمانيين وهو يعيش في نشوة منصبه متناسيا مهام وظيفته في نقل هموم من مثله اصلا في البرلمان وهو بالتأكيد ( المواطن ) البسيط الذي يدلي بصوته كل اربعة اعوام في صندوق الأقتراع ليجعله سيدا على قومه في اقل من يوم واحد , ان مسألة التصريح او الحديث او البيان الصحفي الشاذ اصبح ظاهرة كبيرة واصبح من يتحدث عن القتال ومجريات الحرب من النواب والوزراء وفي بعض الاحيان من المدراء العامون ايضا أكثر بكثير من المقاتلين والظباط انفسهم الموجودين اصلا في جبهات القتال! ان الطامة الكبرى ان هؤلاء( المتملقون ) ان صح تعريفهم يصدرون تلك التصريحات وهم يجلسون على مكاتبهم الفاخرة وهم يرتدون بدلاتهم الزاهية باربطة العنق ذات الالوان الزاهية وهم بعيدين كل البعد عن ساحات القتال الفعلية ! ولاعرف ماهو القصد من تلك التصريحات ووهل هنالك نوايا الخفية ما من وراء كل تصريح شاذ يصدر من هذا الوزير او ذلك البرلماني الذي ربما يقضي معظم وقته خارج البلاد ! ام هي نتيجة طبيعية لزمن الهوسة وضياع القانون الذي نعيشه اليوم ؟ ان مصادرة جهود رجال السياسة الشجعان التي تقف اقدامهم على ارض الواقع بشكل واضح في ارض المعركة في تكريت وغيرها من مدن العراق وهم يقدمون الغالي والنفيس من اجل ان ينعم هؤلاء على مكاتبهم الفاخرة هي واضحة بكل تأكيد وان السياسيون الذين رفضوا تلك المكاتب الفاخرة ليفترشوا الارض العراقية وسط المقاتلين في الحشد الشعبي واضحا ايضا للجميع وليست هنالك حاجة لان أقول من هم ؟ فالجميع يعرفهم , وليس هنالك حاجة للمهاترات والنقاشات العقيمة في انكار جهودهم العظيمة في الدفاع عن شرف العراق والعراقيين , فعيب وكل العيب في مصادرة الجهود من الرجال الفعليين الذين يقاتلون من اجلنا الليل مع النهار , فتصورا ان بعد ان تنتهي المعركة ويتم طرد تلك القوى المتطرفة من العراق بشكل نهائي سيظهر معظم الساسة ليعلمونا
انهم من حررونا ودافعوا عنا (يعني كلهم راح يطلعون يقاتلون من اجلنا واحنا مندري ) , ومثل ميقولون في المثل البغدادي الشائع ( انطي الخبز لخبازته ) يعني لابد ان يتم وضع اليه معينه يتم من خلال طرح التصريحات الصحفية الخاصة بوزراء الوزارات الخدمية والتي لابد ان تتعلق بعمل تلك الوزارات شأنهم شأن الوزراء الامنيين على حد سواء فهل يعقل على سبيل المثال ان يصرح قائد فيلق عسكري عن الواقع الخدمي مثل ضعف المجاري الصحية في مدينة معينة في بغداد ! يعني لابد ان يفهم المسؤول كان تنفيذيا او برلمانيا ان التصريح الصحفي مو ( هوسة ) وان لايجد نفسه اثناء الحديث الصحفي في مكان بعيد عن المكان المخصص له , اذن هي دعوة للمؤسسات والدوائر المعنية كافة التي تعنى بالرصد الصحفي ان تعمل على رصد الخروقات الصحفية التي يقوم بها البعض من الوزراء وحتى النواب اثناء حديثهم الصحفي في وسائل الاعلام المختلفة من اجل تحقيق انسيابية ومرونة وعلمية جادة في نقل وايصال المعلومة الصحيحة الصادرة من مصادرها الام بسلاسة دون تشويش او ضعف وان تكون هنالك مصادر عسكرية صحفية ثابتة لايسمح لغيرها في ادلاء أي معلومة او خبر قد يهدد امن وسلامة هذه البلاد.
مقالات اخرى للكاتب