نستطيع ان نصنف العراقيين كونهم من الشعوب التي تنجح في تحمل اكبر قدر ممكن الصعاب دون أي اعتراض او حتى الاشارة للضجر حتى في المواقف العظيمة ! لكنهم في الوقت ذاته ربما يفشلون في اطفاء نيران انفسهم عند انفجار غضبهم واشداد براكين صبرهم في ابسط المواقف ! فهي صفة يتمتع بها الشعب العراقي حصرا وقد اشار اليها " علي الوردي " رحمه الله في اكثر من اشارة في وصفه لشعب العراق , فعادة ماتظهر ردات الفعل الخاصة بافراد هذا الشعب بشكل قاسي وربما تصل الى الصورة الوحشية في أغلب الاحيان على رغم من عفويته وبساطته , فهي الازدواجية الموجودة اصل في الجذور التاريخية لهذه الارض فهي موجودة حتى في ايام الدولة الاكدية والسومرية والاشورية قديما , وماتعرضت له الاسرة الملكية التي حكمت العراق بدايات القرن الماضي من نهاية مؤلمة على يد الراحل الزعيم عبد الكريم قاسم الذي تعرض هو الاخر لنفس تلك النهاية المؤلمة في سخرية من سخريات القدر العراقي المؤلم وبغض النظر من هو الظالم ومن هو المظلوم فلم اخصص شخصيا هذا المقال لذلك الغرض والصورة العراقية واضحة لاتحتاج لاي تعليق اوتوضيح , وبناءا لوجود كل تلك المعطيات اصبح من الصعب تصديق العراقي لاي حالة غير مقنعة تعصف في حياته المعاصرة , وان أي كذبة سوف تطلق ومن أي جهة كانت حتى لو دبلجت دراميا او بوليسيا فانها لن تسوق ببساطة الى عقول العراقيين التي اكتسبت من حلال مضامير الحياة خبرة عالية في معرفة نوايا وعادات الشعوب والحكومات تجاه بلاد وادي الرفدين ومثل مايقال في المثل الشعبي الدارج ( احنة نلكفها وهي طايرة ) 
يعني بختصار الشعب العراقي شعب حر ويمتلك القدرة على التمييز بين الابيض والاسود وبين الصدق والكذب, ومؤخرا بث تنظيم داعش الارهابي تسجيل فديو يظهر به رجال ذلك التنظيم وهم يقومون بتحطيم ( ملكانات ) طبق الأصل على انها اثار تعود الى المتحف الاثري الموجود في مدينة الموصل ! انا اعتقد شخصيا ان هذا الفديو الذي صور واخرج بحرفية عالية شأنه شأن ماعرض سابقا كفديو اعدام الطيار الاردني الذي كان يحمل اكثر من علامة للأستفهام الذي كان قد اخرج لايصال رسالة بالصوت والصورة للعالم اجمع عن تحطيم تلك الاثار النفيسة وحتى تدفن قضيتها مع قبور العراقيين جميعا , فلماذا لم يقوم ذلك التنظيم بتحطيم وتدمير تلك الاثار بعد فترة وجيزة من دخوله مدينة الموصل ؟ ولماذا يبث التنظيم اشرطة تسجيل تؤكد ان الاثار قد حطمت وان لامجال ابدا للبحث عنها في حالة انسحاب التنظيم من ارض العراق مستقبلا ؟ كلها اسئلة محيرة حملتها لحظات ودقائق ذلك الشريط الذي بث وانتشر بسرعة فائقة في مواقع التواصل الاجتماعي فلربما لايصال فكرة مهمة هي ان تلك الاثار حطمت ولم تسرق !!