الشرطة الاتحادية نفذت في أحياء متفرقة من العاصمة بغداد وضواحيها حملة للقضاء على الكلاب السائبة ، ويقال انها حققت نتائج ايجابية كشأن الحملات الأخرى السابقة التي مازالت راسخة في أذهان العراقيين ، فهم مازالوا يتذكرون حملة نظمت منتصف عقد السبعينات من القرن الماضي بدعوة البغداديين لتسليم القطط والكلاب لمراكز الشرطة ، مقابل الحصول على مكافآت مالية لا تتجاوز الدينار الواحد ، وتلك الحملة وفرت فرصة العمل للعاطلين بملاحقة القطط والكلاب لاجتثاثها نهائيا من بغداد ، ثم تم التخلي عنها بعد ان كلفت خزينة الدولة مبالغ طائلة وقتذاك .
بعد تلك الحملة نظمت حملات أخرى ، ومنها ملاحقة الشباب ذوي الشعر الطويل الخنافس ، والفتيات مرتديات التنورات القصيرة ، وهذه الحملة نفذتها أجهزة الشرطة ، وبعدها حملة جني القطن في مزرعة الصويرة ، وحملة تشجيع الهجرة المعاكسة من المدينة الى الريف ، وحملات العمل الشعبي في بناء دور سكنية لفلاحين مصريين تم استقدامهم مع أسرهم لتطوير الزراعة في العراق ، وبجهود القيادات الحكيمة وبدعم المخلصين من أبناء الأمة تواصلت الحملات وسرعان ما توقفت مع اندلاع الحرب العراقية الإيرانية ، مطلع عقد الثمانينات ، واقتصرت على حملة واحدة هي المشاركة في جبهات القتال بالانضمام الى الجيش الشعبي.
الحملة الأخيرة للقضاء على الكلاب السائبة اختارت ساعة صفر واحدة للتنفيذ في كل الأحياء واستخدمت فيها البنادق ، فأثارت أصوات اطلاقاتها الرعب والخوف بين الأهالي ، وجعلت أذهانهم تذهب نحو احتمال تنفيذ انقلاب عسكري أو القيام بهجوم مسلح على المنطقة الخضراء او ملاحقة عناصر عصابة تستخدم أسلحة كاتمة للصوت ، وتبين في ما بعد إن الرصاص الكثيف كان يستهدف الكلاب السائبة ، فتبددت المخاوف وشعر الجميع بالاطمئنان، فتناولوا فطورهم بمزاج رائق ، في وقت استمر اطلاق الرصاص للقضاء على الكلاب من قبل الصناديد الاشاوس مرددين الاهزوجة الشهيرة "جا وينه الإرهاب اليوم "
كانت الجهات المعنية بملاحقة الكلاب السائبة والمكلفة باجتثاثها الى الأبد من الأراضي العراقية تستخدم السموم وليس الرصاص بتنفيذ الحملة ، بوضعها بقطع صغيرة من اللحوم ، وهذه الطريقة يبدو من وجهة نظر الجهة المنفذة للحملة غير مجدية ، لأنها ليست مستعدة لتقديم وجبات غذائية للحيوانات من الكباب والكفتة للقضاء عليها ، وما يشجعها على استخدام اطلاق النار ، صلاحيتها الحصرية في استخدام رشاشات الكلاشنكوف ، استنادا لضوابط وتعليمات واجراءات حصر السلاح بيد الدولة ، ومعاقبة وملاحقة أية جهة تحمله خارج إطار القانون .
الحملة مازالت متواصلة في أحياء ومناطق تقع بجانب الكرخ من العاصمة ، وفي الأيام المقبلة ستنتقل الى الرصافة ، وبذات الأسلوب وبالطريقة نفسها ، ومن المتوقع أن يخبر الكرخيون الرصافيين ، بان يتخذوا الحيطة والحذر ، ليبعدوا أطفالهم من "الخرعة " والفزع من سماع أصوات اطلاق النار في ساعات الصباح المبكرة.
مقالات اخرى للكاتب