كل اربع سنوات يكون العراق على موعد مع "سالوفة" تشكيل الحكومة ، وحين يتوصل القادة السياسيون الى اتفاق على توزيع المواقع والمناصب ، تعيش البلاد حالة من الهدوء السياسي سرعان ما تتحول الى ازمات ، بإثارة ملفات قديمة تحتفظ بجمراتها تحت رمادها ، وباستطاعة اي شخص او جهة إشعالها في اي وقت ، ومثل كرة "ابو الجنيب" تكبر المشكلة ، ولا احد يستطيع حلها ، وربما لهذا السبب تكلست المشكلة العراقية ، بعد ان كانت "طرية" وأصبحت اليوم من الصخر الجلمود .
في الدورة السابقة استغرق تشكيل الحكومة اكثر من ثمانية اشهر ، وجاء الفرج من خلال اتفاق اربيل ، وتوقيع وثيقة الزمت الأطراف على تنفيذ فقراتها ، وفي العام 2010 كانت الاوضاع الامنية مستقرة نسبيا ، والطرق بين المحافظات سالكة ، والجيش يقيم في ثكناته لم يغادرها لإنهاء اعتصام محتجين وإزالة خيامهم ، وبحلول "المونديال العراقي" هذا العام فقدت البلاد الكثير من مظاهر استقرار اوضاعها الامنية ، واخذ الخلاف السياسي طابع كسر العظم ، وحتى هذه اللحظة لم تبرز بوادر حلحلة ، تظهر من الارض او تنزل من الاعلى لوجود طائرات تمنع نزولها من السماء .
المونديال العراقي ليس مناسبة للفرح والفرفشة انه استعراض للخلاف المتكلس ، ومناسبة لإثارة الخلافات المذهبية والطائفية ، والجميع يدعي انه يمثل شارعه ويسعى الى ترسيخ وجوده في الحكومة والجهاز التنفيذي وبما يحقق التوازن حتى على مستوى القتل والاضطهاد، في كل اربع سنوات يدخل العراقيون في دهليز مفاوضات تشكيل الحكومة وحسابات النقاط والوزارات الامنية والسيادية والخدمية ، وعقد اجتماعات في غرف مغلقة ، للتعرف على امزجة المطلك والكربولي والنجيفي والجعفري والزهيري وزيباري وعلاوي ، ثم الانتقال الى مرحلة تقاسم الحقائب الوزارية ، وحينذاك تتحول الخطوط الحمراء الى خضراء ، بعد ان يعلن السفير الاميركي في بغداد في مؤتمر صحفي ان الولايات المتحدة حددت موعد المباريات الاخيرة من المونديال العراقي ، والسفير في هذه الحالة سيظهر غاضبا مستخدما "العين الحمرة " ولهجة حادة بفعل ارتفاع درجات الحرارة ، وتقاطع مواقف الساسة ،في لعبة جر الحبل .
دعاة الدفاع عن المكونات العراقية وضعوا حجر الأساس لمشروع المحاصصة ، وهم على استعداد وعلى الرغم من ارتفاع اصواتهم في الدفاع عن المصالح الوطنية، ينتظرون فرصة الحصول على وزارة كذا او كذا ليمنحوها الى ابناء العمومة ، لمضاعفة أرصدتهم المالية في البنوك الخارجية بصفقات فساد ، هذا النوع من السياسيين ، كما قالت المرحومة ام ذياب ، اشهر قابلة مأذونة في محافظة الانبار ، مثل "فطر الجلاب" تقصد الكلاب لا يصلح للشوي او الطبخ ولكن دخانه يعمي العيون ويصل الى سابع جار، مثل هذه النماذج من السياسيين له حضور في المشهد العراقي، وانظارهم تتجه الى وزارات تبيض ذهباً ، لتصدير منتوجاتها الى دولة الخلافة ..
مقالات اخرى للكاتب