بغداد – أخمدت أوامر أمريكية فتيل نزاع مسلح بين القوات العسكرية المركزية وقوات البيشمركة الكردية في منطقة فيشخابور المتنازع عليها على الحدود العراقية السورية، بإجبار الطرفين على سحب القوات العسكرية من المنطقة.
وتدخلت الولايات المتحدة الأمريكية في الأزمة التي أندلعت مؤخرا بين بغداد وأربيل، بعد قيام حكومة نوري المالكي بإرسال قوات عسكرية من الجيش العراقي لمناطق حدودية في شمال العراق بين العراق وسورية وكادت أن تؤدي لحرب عسكرية بين الطرفين.
وقال الأمين العام لوزارة البيشمركة في حكومة إقليم كردستان اللواء جبار ياور أن "هيئة العمل المشترك بين حكومتي الإقليم وبغداد والولايات المتحدة توصلت إثر اجتماعات لها بعد يومين من المناقشات إلى سحب قوات البيشمركة والجيش الإضافية إلى أرسلت في السابع والعشرين من الشهر الماضي إلى المناطق الشمالية العراقية المتنازع عليها في زمار في محافظة نينوى والمحاذية للحدود مع سوريا إلى مواقعها الأصلية.
وكان نوري المالكي حرك قطعات من اللوائين 37 و38 من الجيش بإتجاه المناطق الحدودية مع سوريا في إقليم كردستان، لكن قوات اللواء الثامن من البيشمركة الكردية المرابطة في المنطقة اعترضت طريقها ومنعتها من التقدم، الأمر الذي كاد أن يفجر صداما بين الطرفين.
وأضاف ياور أن الاتفاق الذي تم التوصل إليه يقضي ببقاء قوات البيشمركة والجيش العراقي في منطقة زمار، كل في المنطقة التي يرابط فيها حاليا، والقيام بحماية الحدود مع سوريا مع سحب القوات الإضافية من الجانبين، ثم إعادة فتح الطرق الرئيسة في المنطقة، ودعوة نوري المالكي ورئيس إقليم كردستان مسعود البارزاني إلى عقد اجتماع بينهما لإنهاء الخلافات بين حكومتي بغداد وأربيل.
وأشار إلى أن لجنة العمل المشترك ستزور مناطق في محافظة نينوى الشمالية بهدف تنفيذ الاتفاق بشكل عملي عقب مصادقة كل من رئيس إقليم كردستان، باعتباره القائد العام للقوات المسلحة في إقليم كردستان، ونوري المالكي باعتباره القائد العام للقوات المسلحة في العراق على الاتفاق.
وأوضح أن الاتفاق تضمن أيضا قيام لجنة العمل المشترك بمراجعة آلية العمل في المناطق المتنازع عليها، وخاصة تلك التي كانت تدار سابقا من قبل قوات البيشمركة والجيش العراقي وقوات الإحتلال الأمريكية، إلا أن قوات الإحتلال تولت دورا تنسيقيا بين قوات الجيش العراقي والبيشمركة، الأمر الذي يتطلب معه إيجاد آلية جديدة لعمل هذه اللجنة.
وكان مكتب نوري المالكي أكد في 28 من الشهر الماضي أن نشر قوات على الحدود المشتركة مع سوريا لا يستهدف إقليم كردستان، وإنما الحفاظ على سيادة البلاد وحماية الحدود، وهما مسؤولية الحكومة الاتحادية حصريا، داعيا سلطات الإقليم إلى ضرورة احترام النظام والقانون.
وقال مكتب المالكي في بيان صحافي إن قرار نشر هذه القوات علی مسافة 600 کيلو متر علی الحدود المشترکة بين العراق وسوريا جاء لمنع التداعيات السلبية لما يجري في سوريا علی الأوضاع الأمنية في العراق، ولم يکن هدفه إقليم کردستان.
وأضاف إن تقدير الموقف هو من إختصاص القائد العام للقوات المسلحة ومجلس الأمن الوطني الذي وجد أن الأوضاع علی الحدود المشترکة مع سوريا بحاجة إلی مزيد من الإجراءات الإحتياطية.
وحذر من أن تصرفات قوات الإقليم تعد مخالفة للدستور، وکادت أن تؤدي إلی حدوث نزاع مع القوات المسلحة، کما إن عبور قوات الإقليم إلی حدود محافظة نينوی والسيطرة عليها وعلی مفاصل إدارية فيها وإشهار السلاح والتهديد به من قبل قوات البيشمرکة، يمثل ظاهرة خطرة لا تحمد عقباها.
وشدد بالقول "في الوقت الذي نجدد فيه حرصنا علی عدم تفجير صدامات مسلحة، نؤکد علی ضرورة إحترام الإقليم للنظام والقانون، وأن الإعتراض علی وجود قوات إتحادية تنتشر علی حدودنا المشترکة مع سوريا وهي خارج حدود الإقليم يشکل مخالفة صريحة للقوانين والإجراءات الأمنية".
وسبق أن حذر البارزاني في الرابع عشر من الشهر الماضي من وجود تحركات عسكرية لوحدات من الجيش العراقي تجاه مدن إقليم كردستان، وحذر من محاولة حكومة المالكي من خلط الأوراق في البلاد من خلال إشعال صراع عسكري بين المركز وأربيل.
يذكر أن العلاقات بين بغداد وأربيل تشهد أزمة مزمنة تفاقمت منذ أشهر عندما وجه رئيس إقليم كردستان انتقادات لاذعة إلى نوري المالكي تضمنت اتهامه بـ"الدكتاتورية" قبل أن ينضم إلى الجهود الرامية لسحب الثقة من المالكي بالتعاون مع القائمة العراقية بزعامة إياد علاوي ومجموعة من النواب المستقلين والتيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر، الذي تراجع فيما بعد عن ذلك.