أزاح رئيس الوزراء التركي الجديد ( وزير الخارجية السابق ) احمد داوود أوغلوا الغبار عن سياسة بلاده ودورها في أحداث المنطقة عموماً وسوريا والعراق على وجه الخصوص , في أولى المقابلات الصحفية له بعد أرتقائه منصبه الجديد مع محطة ( سي أن أن ) الأخبارية العالمية , حين أدلى بتصريحات ترقى الى مستوى الفضائح , ربما دون أن يشعر وهو الحاصل خلال نشاطه الدبلوماسي الكبير في وزارة الخارجية على لقب الـ ( شاطر ) , بأنها أتهامات صريحة لحزبه وحكومته في خرق القانون الدولي الذي يحكم العلاقات بين الدول المنضوية تحت مظلة الامم المتحدة وفروعها الفاعلة على الساحة الدولية .
فقد صرح بأن المصدر الأساسي لظهور داعش , كان بسبب جرائم نظام الأسد في سوريا ,( بعد أن وجدت التنظيمات المتطرفة الظروف المناسبة , وقالت للناس أن المجتمع الدولي لن يدافع عنكم ) ,وهو هنا يدحض أتهام النظام في سوريا بأنه هو الذي شكل تنظيم داعش وهو الذي يرسم حركته ونشاطاته , وهو أتهام كانت تبنته تركيا وروجت له وحركت ماكنانتها الأعلامية مع حلفائها للاستمرار فيه , منذ ظهور داعش في سوريا وخلافات التنظيم مع المنظمات الاخرى المعارضة للنظام هناك , وأضاف أوغلو أن حكومته كانت أعتبرت ( داعش ) تنظيماً أرهابياً بتأريخ العاشر من أُكتوبر عام 2013 بقرار من مجلس الوزراء ! , في أضافة تدعو للسخرية حين يراقب العالم دور تركيا الفاعل في دعم التنظيم وتوفير الممرات الآمنه لعناصره المجتمعة على أراضيها من جميع دول العالم !.
لكن الأخطر في تصريحات رئيس أُوغلو أمران , أولهما تساؤله عن الجدوى من تدمير ( داعش ) وكان كلامه بالنص ( تصوروا لو أننا دمرنا داعش , علماً أنها مهمةً صعبة , فمالذي سيحصل ؟ , سيقوم الأسد بتنفيذ ( ثمان غارات ) ضد حلب أو المدن الأُخرى وستكون موجة أكبر من النزوح نحو أراضينا ) , وهو أعتراف صريح بمعارضة حكومته للجهود الدولية الهادفة للقضاء على أخطر التنظيمات الأرهابية في العالم , ثم يضيف ( لهذا نريد منطقة حظر جوي ) !.
أُوغلوا يريد منطقة حظر جوي توفر للعصابات الارهابية التي تدخل الى سوريا من تركيا , مناطق نفوذ على أراضي دولة عضو في الأمم المتحدة , لكي ترفع عن كاهل حكومته التي توفر الممرات الآمنه لتلك العصابات , مسؤولية استقبال اللاجئين السوريين النازحين من مدنهم نتيجة تدخل تركيا في شؤون بلدهم علناً وخلافاً للمواثيق والأعراف التي تحكم العلاقات بين الدول المنضوية تحت مظلة الأمم المتحدة .
أما الأمر الثاني فهو ربط أوغلوا أمر التدخل التركي في ( كوباني ) التي تجتاحها عصابات داعش منذ أيام , وتتهدد سكانها جرائم مروعة كانت قامت بها تلك العصابات الاجرامية في أكثر من منطقة , بضرورة التدخل الدولي في عموم سوريا , وهو أعلان لايقبل الشك عن دور تركيا في رسم خرائط تحرك تنظيم ( داعش ) الأرهابي , ومساومتها المفضوحة على أرواح الضحايا المستهدفين من ( داعش ) بهجومها على المدينة الحدودية مع تركيا , للوصول الى مصالح حكومته وحزبه الراعي للتنظيم الدولي لما يسمى بـ ( الأخوان المسلمين ) على حساب علاقاتها بالدول التي تجرم التنظيم وتحارب أنشطته .
لقد سقط الرئيس في أولى مقابلاته , ولم تنفعه جهات الأسناد العربية التي كانت تقف وراءه بالمال والتزكية أمام أسياده وأسيادها عندما كان رأساً للرمح المغلول في خاصرة سوريا والعراق ومصر , وقد أفصح بوضوح عن مخططات حزبه وحكومته اللاعبة على الحبال , بين الأستفادة القصوى من الغلة لشركاتها وبين الاداء السياسي المسموم على مدى تأريخ الحكومات التركية المتعاقبة , فهل هناك أكثر من الأعتراف الذي قدمه ليكون دليلاً على نوايا وسلوكيات وأهداف الأتراك في المنطقة ؟ وهل تحتاج حكومة بغداد الى ( فتاح فال ) كي تقرر طبيعة العلاقة مع حكومة أُوغلوا ورئيسه أردوغان بعد كل هذه الشواهد والأعترافات ؟ .
مقالات اخرى للكاتب