قبل الخوض في موضوع الرقابة المالية في شركات النفط يجب التمهيد له بالإشارة إلى القلق الذي يسود الأوساط النفطية في العالم المتقدم وخصوصا الدول الغربية منه والصين والهند لازدياد معدلات الطلب على النفط ومشتقاته بسبب استعمالاته المتعددة ومما يزيد أمر النفط خطورة هو إن الابتكارات والاختراعات الحديثة تجعل العالم بأسره يتجه اتجاها حثيثا إلى الاعتماد الكبير على هذه المادة السحرية رغم الجهود المبذولة بإيجاد طاقة بديلة أو ما يطلق عليه الطاقة المتجددة أو الطاقة النظيفة .
ففي كل شركة أو دائرة نفطية شعبة أو قسم للتدقيق الداخلي يأخذ على عاتقه سلامة التنفيذ وكفاية الأداء وفقا للتعليمات والمعايير الموضوعة من قبل إدارات تلك الشركات حيث توضع برامج محددة للتأكد من كفاءة الأداء والمحافظة على المال العام ومدى تحقق الشركة من الوفاء بالتزاماتها المالية وتحقيق أهداف الإنتاج والتشغيل .
ويمكن إن تنصب - الرقابة الداخلية - على النتائج المالية من حيث سلامة إجراءات الصرف وعدم تجاوز الاعتمادات المالية وغالبا ما تسترشد تلك الرقابة بمعايير الأداء التي توضع لقياس مدى توافق الأداء مع هذه المعايير أو مدى الانحراف عنها , وهناك عدة وسائل للرقابة تتمثل في الاستعانة بالأساليب المتطورة لقياس درجة الأداء والتنفيذ في الشركة فليس من الضروري إن تلجا الإدارة إلى كل هذه الوسائل التي يمكنها إن تختار الأسلوب الأكثر ملائمة من بين البدائل المختلفة ومن أهمها :
*حسابات الكلفة
*تحليل الكشوف المالية
*المراجعة الحسابية
*المعادلات الرياضية والإحصائية
*التقارير الإدارية
وان الرقيب المالي ينبغي إن يجمع بالإضافة إلى إلمامه بالعلوم المالية والاقتصادية والمحاسبية الماما كافيا بالطبيعة الفنية والهيكل الإداري والتنظيمي للشركة التي يتولى الرقابة عليها ليتمكن من النهوض برقابة حازمة , سواء في مجال الرقابة التفصيلية أو رقابة الكفاءة والأداء .. لان الإدارات العليا في الشركات النفطية تسعى إلى تحقيق انجاز إعمالها المالية والفنية بصوره سريعة وصحيحة والى الحفاظ على
ومجوداتها وممتلكاتها بدقة متناهية وتحضير حساباتها وكشوف وجميع وثائقها بصورة صحيحة في نهاية كل عام .
إن الغرض الرئيسي من التدقيق والرقابة المالية هو الحفاظ على الموجودات النقدية والممتلكات الأخرى منها النفط الخام بطريقة سليمة ومنع التلاعب أو إساءة استعمالها عمدا أو سهوا والقيام بالإنفاق على مختلف أبواب الصرف المتعلقة بالعمليات النفطية والتأكد من استلام أقيام النفط الخام والغاز المباعة في الأوقات المحددة لها بعد احتسابها بدقة بالرجوع إلى الاتفاقات والعقود المبرمة مع الشركات النفطية الأجنبية المتعاقدة مع الحكومة , غير إن الصناعة الاستخراجيه تمتاز بوجود نوع من التدقيق الداخلي الموجه ليس إلى العمليات المالية بل إلى مراقبة الإنتاج والخسارة في كمية النفط أو الغاز المنتج والتي تكون عادة ذات قيمة كبيرة هذه العملية يطلق عليها - تدقيق الإنتاج - فإذا تبين إن كميات الغاز المستخرجة تحرق لغرض التخلص منها فمن الضروري إن تنبه الإدارة العليا على ذلك للاستفادة منها في شتى المجالات أو إعادة خزنه في باطن الأرض لغرض الاستفادة منه في المستقبل .. وتلعب خطوط الأنابيب دورا حاسما في تسويق النفط الخام لتقوم بإيصاله إلى مواني التصدير وتنشا هذه الأنابيب كجزء من خطة متكاملة ومتناسقة في إنتاج وتصدير النفط وتشمل المصاريف الايرادية بصورة عامة مصاريف الضخ والتشغيل وإدامة وصيانة الأنابيب وجميع المحطات وما يتعلق من خدمات بها ومرافق عامة ويلاقي المدقق بعض الصعوبات في الوصول إلى تلك المناطق النائية للتأكد من صحة وسلامة الصرف ولا سيما على المواد وقطع الغيار ..
كما تعتبر شركة تسويق النفط في وزارة النفط العمود الفقري فيها نظرا لضمان بيع جميع الكميات النفطية المنتجة من قبل الشركات النفطية الاستخراجيه بأفضل الأسعار وأحسن شروط البيع والذي يرتكز عليها الاقتصاد الوطني وتبنى عليها الموازنة العامة للدولة وتنفذ الاستثمارات .. ويسوق النفط حسب عقود واتفاقيات مختلفة تسدد أثمانها إما بالعملة الصعبة أو عن طريق المقايضة وفي كلتا الحالتين يجب التوصل إلى الكميات المجهزة ليتسنى احتساب أثمانها وكذلك احتساب إثمان الخدمات و البضاعة المستلمة في حالة المقايضة , فينبغي على الرقيب المالي التأكد من صحة نسبة الضرائب المستبعدة من الكميات المباعة وتعديل نتائج قراءة درجة حرارة النفط 60ف وتعديل نسبة الكثافة بموجب الـ ( A.P.I ) ثم إجراء الجرد الفعلي المستمر على الكميات المخزونة ومطابقتها مع السجلات وأوجه حل الخلافات بين الشركة والناقلات حول فروق الكميات المشحونة.
ومن الملاحظ إن إيرادات النفط الشهرية بالدولار قد ازدادت في اتجاهها العام فكانت 214 مليون دولار في تموز عام 2003 ووصلت إلى 7029 مليون دولار في تموز 2008 وفي شباط من عام 2009 هبطت إلى 1630 ثم ارتفعت إلى 6742 مليون دولار في نيسان من عام 2011ثم ارتفعت في أب من عام 2013 إلى 8300 مليون دولار بينما كانت إيرادات تموز من العام نفسه 7300 مليون دولار وبلغ معدل الصادرات مليونين و 324 إلف برميل يوميا .
إن ملاحظة تقلبات الإيرادات بعد عام 2003 يفيد ضرورة التنبيه إلى طابع عدم التأكد وإمكانية السير العشوائي في موارد النفط إلى جانب الاتجاه الذي يصعب التكهن بمديات الانحراف حوله.
عندما أصدرت الوكالة الدولية للطاقة(IEA) تقريرا توقعت فيه أن يبلغ إنتاج العراق من النفط 6.1 مليون برميل يوميا بنهاية العقد الحالي وفقا للسيناريو الرئيسي للوكالة، مقابل نحو ثلاثة ملايين برميل يوميا في الوقت الراهن. هذه التقديرات الإيجابية جاءت في وقت تجاوز فيه العراق جارته إيران، إثر تراجع إنتاجها بسبب العقوبات، لكي يصبح ثاني أكبر مصدر للنفط بعد السعودية في منظمة الأوبك. طبعا، تقرير الوكالة شدد على أن صناعة النفط العراقية بحاجة إلى استثمارات تتجاوز 530 مليار دولار حتى عام 2035، لكي يحقق العراق النتائج المرجوة، ولكن الخبراء النفطيين يرون أن العوائق السياسية داخل العراق، لا سيما بين الحكومة المركزية وإقليم كردستان، مع تفشي ظاهرة الفساد في بعض أجهزة الحكومة، وتحويل الإيرادات نحو إنفاقات
أخرى كشراء الأسلحة والمعدات الحربية لمقاتلة مغول العصر (( الدواعش )) الذين غزو العراق من بوابته الغربية واحتلوا بعض مدنه وقصباته.. كل تلك الأسباب قد تعطل نمو العراق الاقتصادي.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر:
مجلة دراسات اقتصادية / العدد27 لسنة 2012 / بيت الحكمة - بغداد
مجلة البحوث الاقتصادية والإدارية / العدد الثالث - شهر تشرين الثاني عام 1979
مجلة المحاسب - عدد كانون الأول لعام 1972 / نقابة المحاسبين والمدققين العراقيين
مقالات اخرى للكاتب