الجميع يتمنى أن يعيش حياة هانئة سعيدة بعيدة عن المنغصات والفوضى العارمة التي يكون سببها المواطن أو الدولة أحيانا , والسعادة قد يكون منبعها الصحة الجسدية وتطبيق القانون بما يخدم الناس والمجتمع عموماً , لكن البعض يرى أن الراحة النفسية والجسدية فقط في المال أو المنصب أو الأولاد وهذه احدى من أسباب انتشار الفساد الإداري والمالي والاخلاقي في عراق اليوم.
والإنسان يستطيع ترك عمل ما أذا وجده لا يتفق مع ثقافته العائلية أو المجتمعية أو وجود رادع أو مانع قانوني من ذلك أو مشروط بموافقة العقل أغلب الأحيان , وليس معنى حرية الإنسان إن يكون مطلق اليد في التصرف داخل الأسرة أو المجتمع يفعل ما يحلو له دون رادع قانوني أو اجتماعي يمنعه من عمل شيء يمس الآخرين بسوء .
اليوم على الدولة إن تقوم بتحرك أساسي يكون متمماً لعملية التغيير السياسي التي جرت في نيسان عام 2003 من خلال خلق حالة من الاستقرار للنظام السياسي في العراق بعد إجراء حزمة إصلاحات فعلية ودفع دماء جديدة غير ملوثة بالفساد في وزارات الدولة ومؤسساتها المختلفة , ونشر الأخلاق السامية وتحويل أخلاق الناس إلى أخلاق قيمية بعد اجتثاث الفاسدين من وزارات ومؤسسات الدولة المختلفة.
اليوم الإنسان النزيه يٌنظر أليه بأنه إنسان ساذج في أعين الفاسدين والصادق الأمين مركون في زاوية مظلمة بعد إن تضعضعت الأسس والمؤسسات الأخلاقية في بلادنا بدرجة كبيرة .. هذا ما حصل في بلادنا خلال فترة الطاغوت الأول وما تلاه من طواغيت وحكام ظلمة طيلة الفترة الحالية . ومن النقاط الأخرى التي تساعد على تدهور المجتمع وتخلفه هو بعده عن التصرف الإيجابي، اليوم الكثير من سيارات النقل العام تقف خارج الأماكن المخصصة لها – الكراجات – دون رادع امني وقانوني ولفائضها وإذا صعدت فيها فسوف يبكيك السائق بقصائد ومراثي حزينة تدمي القلب قبل العين أحيانا وإذا طلبت منه أن يسمعك أغنية لام كلثوم أو فيروز فسوف يتهمك هو أو بعض الركاب بأنك أنسأن كافر أو ملحد .
كذلك بعض الركاب يأكلون المأكولات ويشربون الماء والعصائر بعدها يلقون الفضلات والقناني الفارغة داخل الحافلة أو يرمونها من النافذة في الشارع العام ..
والطامة الكبرى هي عندما تدخل العاصمة تلاقيك لافتة كبيرة مكتوب عليها – كرز وركز – بدلا من بغداد عاصمة الحضارة العربية – الإســــــــلامية أو (بغداد عاصمة الرشيد) الذي مات في عقول الكثيرين، وكأننا شعب ساذج مدمن على التشريب والتكريز ولا يركز في الشارع أو عند صعوده حافلات الدولة أو سيارات النقل الخاص ألا وهو يكرز حب زهرة عباد الشمس أو الرقي أو البطيخ بعد أن يلقي بالقشور في الحافلة أو الشـــارع أو يرموها من النافذة في الشارع العام .
لذلك كان لزاماً على مؤذني الجوامع والحسينيات ودور العبادة الأخرى أن يضيفوا فقرة جديدة إلى الآذان هي -حي على الإصلاح – لكي يسمعها الأعداء والمتآمرون والمعرضون عن جادة الصواب ومحبو المال والذهب والفضة والمناصب والشهوات ,لأن المعركة المقبلة يجب أن تكون معركة عسكرية – أصلاحية تقتلع الفساد وأهله بعد أن تقتلع داعش وحواضنها من نينوى والانبار وصلاح الدين وبقية مدن العراق .. حتى تعيش بغداد وبقية المدن العراقية كما تعيش الدانمارك التي احتلت المرتبة الأولى عالمياً في تصنيف الأمم المتحدة للدول العشر الأكثر سعادة في العــــــالم ، إضافة إلى سويسرا وأيسلندا وفنلندا وكندا وهولنـدا ونيوزيلندا واستراليا والسويد ، لما تقدمه تلك الدول من رعاية اجتماعية وغياب الفـساد الحكومي والحرية والسخاء في التبـــرعات وعدد السـنوات التي يعيشها الإنسان.
مقالات اخرى للكاتب