ظهرت امراض وفرازات سلبية لتنخر المجتمع العراقي وتفرق بين نسيجه الوطني , وتضع حواجز وعراقيل وجدران امام التعايش السلمي بين صفوف الشعب ,وتشكك في اهمية الولاء للوطن . ان هذه الامراض الخبيثة التي اخذت تعصف بالوطن وتهدد وجوده , والتي ابتلى بها الشعب العراقي , هو مرض الطائفية وخطابها الديني المتشنج بالتعصب والمتزمت بالشوفينية ’ الذي يعطي المبرر والذريعة والحجة , بان تكون طائفته فوق جميع الطوائف الدينية والمذهبية الاخرى ولها كل الحق بالتحكم في القرار السياسي ومصير الوطن والمواطن, وهذه الحجة المزيفة كما يروج لها اصحاب هذا النهج المقيت , بان طائفتهم هي اصل العراق ونسبه واهله وغيرهم فروع ثانوية , بهذا المنطق الجائر والمزيف يغتال الوطن , وتنهب ثرواته وامواله وخيراته الى فئة محدودة عرفت كيف تمارس الدجل والنفاق بدرجة من المهارة العالية والعقل الشيطاني المفتون بالاحتيال والخدع البهلوانية , التي تبيح النهب والسلب وممارسة العمل السياسي المقرون بالعهر والتملق لشباع الرغبات الذاتية والمصلحية , بينما الوطن يغرق بالمشاكل والازمات , والمواطن يفقد الحياة الكريمة والاستقرار والاصلاح المطلوب , ان القاسم المشترك الذي يشترك به اغلب افراد الطوائف الدينية هو الظلم والحرمان وضياع العدل والانصاف , بينما تتكدس الاموال والخيرات والامتيازات التي لا يعرف احد نهايتها هي بيد حفنة من السياسيين الذين انتخبهم الشعب ومنحهم الثقة , لكن هذه الثقة ضاعت في سوق النخاسة وبريق المال , بحيث تحول العمل السياسي الى تجارة رابحة وسمسرة في المواقف السياسية ,ليتركوا الوطن ينزلق الى الهاوية والتأزم والتخندق الطائفي الخطير الذي يهدد البلاد باشعال الفتنة وعودة العنف الطائفي بصورته الدموية طالما ضمنوا مستقبلهم هم وعوائلهم من المليارات الدولارات المسروقة والمنهوبة , وليحترق العراق بشرا وارضا وكل شيء يسير فوقه , ان العراق مهدد اكثر من اي وقت مضى بالتفتت والانقسام وسموم الاحتراب الطائفي , . لذا على الشعب ان يدرك حجم الاخطار محيطة به من كل جانب وصوب , ويدرك اللعبة الخطيرة والقاتلة بتحويل المظاهرات والاحتجاجات والاعتصامات من مطالب جماهيرية مشروعة تدعو الى الخروج من شرنقة الازمات وتحقيق احتياجات ومتطلبات الشعب بتحسين ظروف حياته اليومية وتقديم الخدمات المفقودة , ورفع الظلم والحرمان بتحقيق الاستقرار والحياة الكريمة وبناء الوطن على اسس سليمة التي تحقق الحرية والديموقراطية ومحاربة الفساد ومعاقبة افاعيه التي نهبت المليارات الدولارات , وليس بتحويل مسار الشعبي والغليان والتذمر العارم بمظاهرات يسيرها الخطاب الطائفي ونهجه المقيت , او تحويل هذه المظاهرات والمد الشعبي الواسع الى مسيرات التمجيد والتكبير بالبيعة الابدية ودق طبول للقائد المظفر . ان هذه الاشكال غير قادرة على انقاذ العراق من طاحونة الازمات ولا تشفي جراحه العميقة , , ان المطالبة في ابعاد شبح الحرب الطائفية يتطلب العمل المشترك تحت خيمة الوطن والهوية العراقية والعزم النضالي على تمزيق ثوب الطائفية , وتحويل مسار العملية السياسية الى التوجه الديموقراطي واحترام الدستور , لايوجد حلول سحرية اخرى . غير الطريق الديموقراطي او ان يسقط العراق في مستنقع الطائفية ويغرق في دوامة العنف , عندها سيكون الخاسر الاكبر الوطن والمواطن.