ربما وضع احدهم عطرا فرنسيا على (دشداشته) الزبدة وهو خارج في موعد للقاء اصدقائه ، او غسل آخر سيارته الفارهة بالـ (زاهي) متأهبا للخروج في نزهة عائلية ، عراقي من مدينة اخرى استقل (الكية) متجها الى دائرة الرعاية الاجتماعية للاستفسار عن راتبه الذي حجب عنه منذ عام ، هذا الرجل يحمل في جسدة قطعة بلاتين بوزن (600) غرام ، بعظم الفخذ ، امرأة مسنة خرجت هي الاخرى من بيتها متجهة الى المستشفى لاستلام حصتها من علاج الامراض المزمنة وصادف انها وضعت صقم اسنان صناعية ، بعد فقدانها لجميع اضراسها الدائمية قبل اربعين عاما في حادث سير ، واخيرا (كوستر) تحمل اكثر من 30 طفلا تنقلهم الى المدرسة الابتدائية يحمل معظمهم في حقيبته الصغيرة اقلام الرصاص ، كل هؤلاء منتشرين في شوارع بغداد كل جاء من اتجاه معين ، وقبلهم خرجت سيارة ملغمة اجتهد صاحبها ان يضع فيها كل ما بامكانه قتل الناس،
(التي ان تي) و(السي فور) و(البانزين) و(الصجم) والمسامير ، اتجه هذا الارهابي بسيارته المفخخة الى الشارع الذي توجه اليه كل هؤلاء العراقيين ابو العطر وابو الزاهي والبلاتين والحجية ام اسنون الذهب وكوستر الاطفال ، مروا من نقطة تفتيش يقف شاخصا فيها ( تايغروودز) لاعب الغولف الامريكي المعروف وقد انتصب وبين يديه جهاز السونار العجيب الذي استوردته حكومتنا الموقرة لحماية ارواح العراقيين ، ذاك الجهاز الذي اتضح فيما بعد انه يستخدم في ملاعب الغولف لمتابعة الكرة اذا ما سقطت في مكان لا يمكن رؤيتها فيه لتحديد موقعها بالضبط ، نائب عريف تايغر سأل السيارة الاولى التي يستقلها الارهابي : شايل سلاح ؟ فاجابه : لا مخلي عطر ، فما كان من تايغر الا ان سمح له بالمرور ، ولكنه استوقف جميع السيارات التي تسير خلفه ، كلهم ولم يستثن منهم احدا، الذنب ليس ذنب تايغر فالجهاز يؤشر على وجود شيء ما ، ربما عطر او بلاتين او تي ان تي ، الله اعلم ، سأل رجل التفتيش الاطفال في الكوستر : شايلين سلاح ، فقالوا جميعا : لاعمو ، شايلين اقلام رصاص ، فقال لهم فوتوا يالله بس لتصيحون ، ثم استوقف الحجية ولكنها كانت اذكى منه ، ففتحت فمها قبل ان يسألها واشارت الى اسنانها الذهبية ، فسمح لها بالمرور ، كما مر قبلها ابو العطر وابو البلاتين ، كلهم مروا من خلال نقطة التفتيش التي ( لا تغادر كبيرة ولا صغيرة) ، وما هي الا دقائق حتى سمع دوي انفجار سيارة مفخخة تحمل طنين من المواد المتفجرة مرت عبر سيطرة تايغر وود دون ان يكتشفها جهاز الكشف عن كرات الغولف .
مقالات اخرى للكاتب