في مواسم فيض (اللبن) عند مربي الحيوانات الحلوب يزيد انتاجه عن حاجتهم فيعمدون الى نوع بدائي محلي من تصنيع الالبان لمنتج له القدره على الحفاظ على صلاحيته للاستهلاك لاطول فتره ممكنه يسمى محليا ب(البثيث) وهو ماده تنتج عن تجفيف اللبن الخاثر باستخلاص الماء منه وتحويله الى قوام جاف شبه صلب يتغير لونه الابيض الى لون مائل للصفره , ولهذه الماده طعم محبب خاصة عند خلطها مع التمور وهي من دوال النعمه عند القرويين ايام المجاعات وخاصة تلك السنوات التي اصطلح على تسميتها بما ميزها عن سنوات الرخاء مثل (سنة لوعه) و(سنة الشكر الاحمر) وغيرهما من سنوات القحط حيث يكون للحبوب المخزونه والتمور والاسماك المجففه والبثيث والخريط وغيرها أثر بليغ في حياة السكان , وللبثيث اشتقاقات لها معاني فيقال مثلا (مابثثت من وعود فلان) للتدليل على عدم وفاءه بالوعد , ويقال ان فلان (مبثث) اشارة الى يسر الحال .
ومما لاشك فيه ان من بين اكثر الوعود التي داعبت مخيلتنا هي أحلام توفير الكهرباء , حتى ان بعضنا استعد للشماته بالامم الاخرى التي ستظطرها حاجتها لهذه الطاقه لاسشيرادها من فيض (لبننا) , حتى ان الرجل الكبير جدا جدا المسؤول عن هذا الملف تعجب من الاعلامي الذي قابله وسأله :هل فعلا سبصدرها في نهاية 2013 ؟ فاجابه متعحبا : وما عسانا نفعل بالفائض ؟ , انه سلعه قابله للتصدير كأي سلعه اخرى .... وها نحن نقطع النصف الثاني من 2014 ولم (نبثث)!! . وها نحن نرجع لمطلب الساعات الثلاث تشغيلا تليها بقدرها قطعا ولا يتحقق حتى هذا.
ربما لايوجد وطن مثل العراق على الاقل ضمن دائرتنا الاقليميه , حيث يعيش العديد من بلدان المنطقه غير النفطيه عيشة الكفاف وما فوقه لغالبية السكان في مصر وسوريا والاردن ولبنان دون شكوى من نقص في الطاقه الكهربائيه وبالاعتماد على اقتصاد تتوفر كل عناصره بالعراق اكثر مما يتوفر لتلك البلدان ومنها الانشطه الزراعيه بشقيها النباتي والحيواني ووفرة المياه وتنوع جغرافية الوطن وتضاريس ارضه والسياحه بشقيها سواء المواقع الاثاريه أو السياحه الدينيه ومصادر الغنى الاكبر المتمثل بالثروه البشريه , اما البلدان النفطيه , فان شعوبها تعيش حالة من اليسر والوفره تفوق اضعاف مضاعفه ما تعيش عليه البلدان الزراعيه والعراق من بين اكثر تلك البلدان انتاجا وتصديرا لهذا المعدن الذي يمثل عصب الحياة المعاصره ومع كل هذه الخيرات (يسمطنا حر الصيف) وتتحول ساعات الامتحان لابنائنا وبناتنا الى اوقات لامتحان الصبر اكثر مما هي امتحان للوقوف على مقدار التحصيل المعرفي .
فمتى يا اصحاب القرار نبثث كهرباء ونحن بلد البترول والماء والجبال والاهوار .... والحر اللاهب؟؟؟؟
مقالات اخرى للكاتب