كل شيء في (لعبة) السياسة امر مباح، فلا صداقات دائمة، ولاعداوات دائمة بل هناك مصالح دائمة تتغير فيها كل الحسابات الثورية والرجعية، الدينية والعلمانية، المتشددة والمعتدلة، اليسارية واليمينية، فلكل منها خصائصها ومكوناتها واساليبها، الا انها على مستوى الفعل والمصالح والعداوة بالظاهر، وعلى مستوى اسلوب العمل وطبيعة التكوين والتناقضات بينها بالباطن يجعل الانسان معتقداً ان التنسيق بينها من الامور المستحيلة جداً، او على الاقل غير متوقعة، غير ان التجارب اثبتت خلاف ذلك في الحساب السابق والتوصيف اللاحق على انها تيارات اصلاحية ومحافظة ومعتدلة هما استنتاج غير صحيح، ان الكل يعمل من اجل هدف واحد وباسلوب واحد وطبيعة واحدة، فالتنسيق يجري بين الجميع والعداوات بينهما يمكن تجاوزها والخلافات يمكن تأجيلها الى مابعد الوصول الى تحقيق الاهداف والمصالح التي دخلت من اجلها تلك الحركات معترك السياسة.
في كل الاحوال تتعدد الاشكال ويتعدد الرجال وتختلف التحالفات، لكن الاقوال والاهداف تضل نفسها اما المواطن فيبقى متشتت الذهن يتفرج على اصحاب المال وهم ينفقون ويشترون، وهو امر لايشك في سلبيته ولايعرف من يخدم من، ولايدري من يبيع من او يشتري من، ومن الذي يخاف على الوطن او يخاف الوطن منه، ومن يهتف لهم او ضدهم، واذا وصل بنا الامر نحن اصحاب الرأي والفكر والتعبير والاختيار الى هذا الحد، فكيف الحال بمن لايقرأ ولايكتب، وحال من تقرأ له شيئاً وتكتب شيئاً اخر.
اعتقد جازماً ان المعادلة الجديدة هي التي تفسر لنا تعدد الوجوه بوجه واحد وتوحد الاصوات بصوت واحد وتوحد الاهداف بهدف واحد هو (المصالح) الدائمة.. اما الذي نريده فهو تنوع الوجوه والاصوات التي تحمل العراق الواحد والقلب الواحد والهدف الواحد بالحسابات المبنية على ان العراق واحد غير قابل للقسمة مهما تعددت الوجوه وتنوعت الاصوات واختلفت النتائج. ان التناقضات يمكن القفز عليها والخلافات يمكن تجاوزها وان العمامة والعقال كالعباءة والجلباب، والسفور والحجاب والمتشدد والمعتدل، والثوري والرجعي، والديني والعلماني جميعها تساوي واحدا وان الكل يساوي واحدا في اللعبة السياسية كم نتمنى ان يكون هذا الواحد كما نعرفه غير قابل للقسمة لخدمة الوطن والامة، لالتمزيق الوطن وضياع الامة ولانريد ان ينتهي الامر كما بدأ به.. كما نراه اليوم.
مقالات اخرى للكاتب