الى الان اتذكر ما كان يفعل كبارنا حين كنا صبية، يوم يريدون اخافتنا او ابعادنا عن شيء نريده او عدم اعطاءه لنا يقولون لنا: (اسكتوا لا يجيكم الطنطل). وبفطرتنا النظيفة المغروسة في دواخلنا انذاك، كنا نترك كل شيء مادام كبارنا جاءوا لنا بسيرة هذا الكائن، الذي توحي مخيلتنا الينا على انه مخيف ومرعب ولا يمكن النظر بوجهه طرفة عين. حتى وصل الامر في ان احدنا حتى لو كان ابعد ما يمكن عن النعاس، فانه لمجرد ذكر سيرة هذا الطنطل امامه، تراه يغمض جفنيه بقوة كي لا يتفاجأ بوجه هذا المخلوق القبيح وشعره الطويل وصفاته الوحشية التي يصفها لنا الكبار انذاك. وكبرنا وكبر معنا هذا الطنطل، وكثرت حوادثه وقصصه، الا ان الطنطل هذه المرة كان من غير صنف طناطلة ايام زمان، فالطنطل اليوم تارة عنوانه عودة البعث، وتارة عنوانه ضياع الحكم من الشيعة. وهذه البعابيع التي يطلقها كبار الحكم هذه الايام ليخوفوا بها صبيتهم، ويلوحون بها في خطاباتهم، جلّ غايتها هي ان يجعلوا من المستمعين قوم يرضون باي واقع يعيشونه، حتى لو حمل القتل والدمار والخراب وانهيار البنى التحتية والجهل والفقر والمرض، وكل شيء مزري في هذا البلد المظلوم، في مقابل اقناعهم باكذوبة عودة البعث وضياع الحكم من الشيعة. وهذه الاكذوبة التي يطلقها المتشبثون بالسلطة ويروّجون لها في سوق المنتفعين والسذج، لقيت بضاعتها الفارغة رواجا عند اغلب الصبية الذين صدقوا بهذا البعبع، كما صدقنا نحن من قبل بسالفة الطنطل ايام كنا صغارا، والتي كما نوهت لكم ان الغاية العظمى منها هي اغماض اكبر عدد ممكن من العيون عن الواقع المتردي وسوء الادارة، اي بعبارة اخرى، الهاء الناس بهذه الزوبعات والبالونات الفارغة، واشغالهم عن واقعهم المعاش الذي يزداد كل يوم سوءا وخرابا، دون الامتعاض والاستنكار من ذلك والمطالبة بتحسينه.
مقالات اخرى للكاتب