تختلف المؤسسة أختلافاً جذرياً عن سواها من التسميات الأخرى التي تتظمنها الدولة، لكونها أي المؤسسة؛ تمثل النظام القياسي العام والوجهة الصحيحة والطريق الذي لا ثاني له، والتي ممكن من خلالها بناء كيان دولة يحتضن مقوماتها الرئيسية "الشعب- الأرض- الدستور- السلطة الحاكمة " .
ولا نستغرب أبداً إن فهمنا الأسباب، بأن عدداً من الدول "برغم قوة مؤسساتها" يسبق إسمها كلمة "دولة" وتكون عادة من الدول المقتطعة أو مكونة وفق منظور طائفي أو عنصري وهي تشعر بالتهديد من جيرانها بصورة دائمة تقريباً، لكن التهديد حفز قادتها لأن يكونوا دولة ويطوروا مؤسساتها رغماً عن الظروف الخارجية .
في العراق البلد الأكثر عمقا في التاريخ والأكثر تهديداً من الإرهاب والفساد ، لا حاجة لكلمات توضع أمام إسم العراق، لأنه أحتضن التاريخ وكون المؤسسات عبر حقب التاريخ بكل أقسامه السياسية -الاجتماعية -العلمية والثقافية -الأدبية -والعسكرية وغيرها.
لكن الفتى من قال هذا أنا، والماضي المشرف والكبير لا يشفع للواقع المرير والحاضر السيء، فكل ما لدينا، مؤسسات هرمة وإدارة بالية، وهي عبارة عن هرمية تسلطية أقرب ما تكون الى العشائرية والحزبية المقيتة المتخمة بالسراق المنتفعين والفاشلين، مزدوجي الجنسية وحازمي الحقائب، والمستعدين للرحيل الى فنادقهم القديمة، متى ما أشهر الشعب بوجههم الكارت الأحمر .
لذلك كثر الفساد وشاع الظلم وأستبد الجهال بآراءهم الفئوية، وأخذت السلطات الثلاث تتصارع وفق نظرية الغاب والبقاء لمن يملك العسكر والمال، ليكون صاحب الكعب الأعلى في الأزمات السياسية .
فلا دولة قانون بدون مؤسسات، ولا نزاهة مع الفساد، ولا تقدم بلا كفاءات، ولا ديمقراطية بدون عدالة وحرية،ولا حاكم شريف "متنعم" مع مواطن معوز وجائع، ولا دولة مؤسسات ناجحة يقودها "صعاليك"، ولا حتى أي تغيير قادم، بدون شعب واعي يؤمن بالتغيير، وما نيل المطالب بالتمني _ فلقد مللنا الكتابة والعتابا .
مقالات اخرى للكاتب