لابد من التأكيد أن الوضع المتردي في العراق منذ عشر سنوات هو ليس فقط بسبب سياسات حزب الدعوة الذي ورث وتبنى كل أرث صدام حسين وحزب البعث في العراق والمنطقة، فكل الأحزاب والتيارات الشيعية منها والسنية، وخاصة التي عملت باسم الدين هي سبب جوهري في ما يحصل للعراق... وهي مازالت مصرة على السير في نهجها التدميري سواء كان بعلم منها وبسبق إصرار وترصد، أو عن جهل في شؤون إدارة دولة بحجم العراق، فهناك أسباب طائفية إقليمية عربية، وأسباب جوهرية أخرى متعلقة بأصل المشروع الصهيو أمريكي للمنطقة. ولكن غياب الإرادة الشعبية القوية والمؤمنة بنفسها، هي التي تعطل الحياة في بلدنا العراق . فالشعب ومن خلال التظاهرات وشعاراتها كان يطالب العبادي بالتنحي عن حزب الدعوة، وطالبه أن يكون حزبه هو الشعب العراقي بكل تلاوينه الوطنية والقومية،وهو بهذا المطلب يؤكد فشل الأحزاب في إدارة الدولة، ويعزز المطلب الرئيس، وهو إدارة السلطة التنفيذية من خلال جهات مستقلة وتكنوقراط ومهنية، بعيداً عن سلطة وأطماع الأحزاب، ولكن الشعب لازال يجهل اللعبة التي تديرها أطراف دولية وبأدوات عراقية، وبعض هذه الأطراف لو كشف عنها الستار سيصاب معظم أفراد الشعب العراقي بالسكتة الدماغية لهول المفاجأة والصدمة التي سيصاب بها. وها هو العبادي يترنح وسط تجاذبات وسياسات كل هذه الأطراف، ويؤكد بما لا يقبل الشك أنه ليس بالقائد الضرورة كسلفه نوري المالكي، والذي كان أيضاً يسير وفق نظرة حزبية ضيقة، تبتعد عن الفضاء الوطني الشامل. فقد انصاع حيدر العبادي أخيراً، وهو لا يمتلك قرار هذا الانصياع! إلى ضغوطات حزب الدعوة، وتعهد للحزب بعدم التصرف مستقبلاً من دون أخذ موافقة الحزب وأعضائه، وتم تشكيل لجنة للحد من الخلافات بين العبادي الذي ينظر له المالكي بأنه سارق للسلطة، وبين المالكي الذي وقع بالضربة القاضية، ليس بسبب المؤامرة وأطرافها، بل بسبب انتهازية أعضاء حزب الدعوة ومن دون استثناء، وكما أسلفنا في بداية المقال أن حزب الدعوة قاد العراق بعد عام 2005 بسياسة حزب البعث وبعنصرية وعشائرية وجهل صدام حسين، والجهلة من أبناء عمومته، وأشقائه، وتعهد حزب الدعوة، وكتلة دولة القانون، أن يمنع مستقبلا أية أعمال تفردية مثل جمع تواقيع دون أن يكون للدعوة والكتلة رأي في القضية، كل ذلك مقابل تعهد العبادي بإشراك حزبه في القرارات المقبلة . وهذا يعني بقاء الجهل والعنجهية في إدارة مؤسسات الدولة العراقية، وبقاء المحسوبية والعشائرية، والجهوية هي الحاكم في العراق..ولا مكان للقانون والدولة المدنية المتحضرة في عراق حزب الدعوة العربي الاشتراكي... وستنطوي أيامكم يا حزب الدعوة، وسيستلمها بعدكم الأسوأ منكم، لأن الخلل الحقيقي هو بعدم وجود فرسان سياسة عراقيين، فالجميع امتزجت دماؤهم ولحومهم بدماء ولحوم الخنازير لأكثر من 30 عاماً ، والمثل يقول من عاشر القوم 40 يوماً صار مثلهم، فكيف بثلاثين عاماً .... لذلك سيبقى الحال على ما هو عليه بقيادة . . . . . . إلى ما شاء الله.
مقالات اخرى للكاتب