لمعلومة الوحيدة التي ذكرها الفيلم الوثائقي عن رجل أميركا الغامض في العراق 'جيمس ستيل' أنه تواجد في مدينة سامراء عام 2004، وفي الواقع، فإن الأجواء، لم تكن ساخنة في سامراء في ذلك الوقت، بل إن سخونتها الحقيقية في الفلوجة والنجف، ثم اشتعلت بقوة منذ نوفمبر عام 2004 في الفلوجة، حيث دارت معارك شرسة جدا استخدمت فيها القوات الأميركية مختلف أنواع الاسلحة الفتاكة، في ضرب المدينة وحرق بيوتها وقتل الناس فيها.
لكن، علينا أن لا نهمل وجود جيمس ستيل في سامراء في وقت مبكر، وعلاقة ذلك بالتفجيرات التي ضربت القبة الذهبية لمرقد الإمامين العسكريين في سامراء بتاريخ (22-2-2006)، وما جرى خلال السنوات 2004 و2005، من عمليات اغتيال واختطاف وتعذيب وتشويه للجثث ورمي آلاف الضحايا في المزابل وعلى الطرقات.
من المشاهد الغريبة التي لم يجد الكثير من العراقيين تفسيرا لها، والتي انتشرت على نطاق واسع منذ بداية عام 2005، تلك التي تقطع فيها القوات الأميركية الطرق في مناطق شمال بغداد لساعات طويلة دون مبرر، ما يضطر الحافلات لقطع طرق ترابية لا تبعد سوى عشرات الأمتار عن القوات الأميركية، وإذا بمجاميع ملثمة تجري عمليات تفتيش وتسأل الناس عن هوياتهم وانتمائهم 'الطائفي' ثم تقتاد بعض الأشخاص، وإما يختفي هؤلاء تماما أو يتم العثور على جثثهم مشوهة في وقت لاحق، وحصلت هذه الوقائع مئات المرات في مناطق محيط بغداد، وعلى طريق بغداد – الموصل في منطقة الطارمية تحديدا وعلى طريق بغداد ـ الاردن وسوريا ومناطق اخرى.
بعد أن فشلت القوات الأميركية في القضاء على 'التمرد' أي المقاومة المسلحة، لجأت لإثارة الفتنة بين العراقيين، لأنها البضاعة الوحيدة التي إعتقد الأميركيون تسويقها بين العراقيين لتفسد النفوس وتنفر المتقاربين فيما بينهم، ولأن الصورة عند الاميركيين كما رسمها اصدقاؤهم قد اختلفت تماما، فلم يستقبل العراقيون جيوش أميركا بالورود وكان الرصاص الحي القاتل هو الحاضر في المشهد اليومي في اصطياد جنودهم وضباطهم، فإن المراهنة أصبحت على الفرقة بين العراقيين، وكان اصدقاء أميركا قد صوروا الحال بين العراقيين ببركان سرعان ما ينفجر 'طائفيا'، لذلك جرت عملية 'صناعة متقنة لفرق الموت الطائفي'، التي أولغت بدماء العراقيين، قتلت من قتلت وعذبت واختطفت واخفت وحرقت الأجساد،على أمل إدخال البلاد في دوامة العنف الطائفي.
في وقت مبكر، قالت الأصوات الوطنية إن الأميركيين يريدون العراقيين الوصول إلى قناعة بأن هذا الطرف يجب أن يطلب حمايته من الطرف الآخر، وإن اميركا تريد أن تنتقل من عدو محتل يقاتلها المقاومون ويصرون على إلحاق الهزيمة بها إلى قوة تحمي العراقيين من بعضهم، بعد أن أغاظت صورة التعاون بين العراقيين هذه القوات عام 2004 في المعارك والقتال ضد الأميركيين.
كانت خسائر أميركا في العراق عام 2005 كبيرة جدا، واقتنع قادة البنتاجون أن قواتهم على وشك الهزيمة، فنفذ جيمس ستيل آخر محاولاته في مدينة سامراء، التي تواجد فيها بوقت مبكر، إدراكا منه أنها حفنة البارود الذي سيشعل النيران الحارقة بين العراقيين، فألقى بحفنة البارود في فبراير 2006، وفي الوقت ذاته كثفت 'فرق الموت' من عمليات الاختطاف والقتل.
هذا جزء من الوجه الحقيقي لجيمس ستيل ومن ساعده وعاونه من أجهزة أمنية محلية وسياسيين ودول مجاورة.
مقالات اخرى للكاتب