بغداد – قرر التحالف الوطني العراقي البدء بالترويج لمشروعه الإصلاحي السياسي، بين السياسيين العراقيين بعد أن أخذ الضوء الأخضر من رئيس الجمهورية جلال الطالباني على بنود المشروع والذي جاء على أنقاض مطالب جبهة أربيل والنجف بسحب الثقة البرلمانية عن نوري المالكي.
وعلى الرغم من تباين المواقف حول المشروع الإصلاحي للتحالف الوطني بين اشتراطات القائمة العراقية على ضمان تنفيذ أستحقاقات سابقة تم الإتفاق عليها، ومطالبة التيار الصدري بسقف زمني لتنفيذ الإصلاحات، ودعوة الأكراد لمواجهة الديكتاتورية بالحوار، فإن التحالف الوطني حصل على تأييد كبير من الكتل السياسية للمضي قدما بمشروعها الإصلاحي. وقالت إن هيئتها السياسية عقدت اجتماعا برئاسة إبراهيم الجعفري وبمشاركة جميع الكتل المنضوية في التحالف حيث استمعت إلى تقرير مفصل قـدم من قبل لجنة الإصلاح عما أنجزته من عملها الذي تضمن "مقترحاتها الهادفة إلى بلورة مشروع الإصلاح السياسي واقتراح الحلول الناجعة للمشكلات الراهنة".
وأضافت انه بعد مناقشة مستفيضة لما ورد في تقرير اللجنة فقد قررت الهيئة السياسية للتحالف تخويلها الاتصال بالقوى السياسية الأخرى وإجراء الحوارات اللازمة معها حول مشروع الإصلاح.
وقد شددت الهيئة السياسية للتحالف الوطني على أهمية التهدئة الإعلامية لجميع الأطراف وتجنب كل ما من شأنه إثارة الحساسيات وتعكير أجواء الحوار.
وتقول مصادر سياسية إن هذه الإتصالات التي ستجريها لجنة الإصلاح تهدف إلى إطلاق رسائل تطمين للشركاء والفرقاء السياسيين، بتصميمها على إجراء الإصلاحات لتكون بديلا عن سحب الثقة من حكومة رئيس الوزراء المالكي التي تطالب بها قوى سياسية.
وكانت الهيئة السياسية للتحالف اتفقت في 21 من الشهر الماضي على تسمية أعضاء لجنة الإصلاح السياسي لتضم كلا من بهاء الأعرجي من التيار الصدري وخالد العطية وعباس البياتي وحيدر العبادي من ائتلاف دولة القانون إضافة إلى ممثلين عن مكونات التحالف الأخرى.
وستعمل اللجنة على وضع الأسس المقترحة للإصلاح السياسي في البلاد والعمل على إصدار 11 قانونا مهما من بينها تشكيل المفوضية العليا المستقلة للانتخابات وقانون الانتخابات، وقانون الأحزاب السياسية وقانون النفط والغاز، وقانون تجريم البعث، وقوانين الأمن الوطني، ومكافحة الإرهاب وتعديل قانون الاستثمار، وقانون البنى التحتية، وقانون الضمان الاجتماعي، وتسمية الوزراء الأمنيين، إضافة إلى المصادقة على تعيين وكلاء الوزارات والمستشارين وقادة فرق الجيش ومعاوني رئيس أركان الجيش.
من جانبها أكدت القائمة العراقية على لسان مستشارها السياسي الدكتور هاني عاشور ان تنفيذ الاستحقاقات يجب ان يسبق تنفيذ الاصلاحات ويكون تمهيدا لها مشددا على ضرورة عدم الخلط بينهما بمحاولة تحويل الإستحقاقات إلى قضية نقاش بين الكتل تحت ذريعة تحقيق إصلاحات سياسية قد لا تتحقق فعلا.
وقال عاشور في تصريح صحافي مكتوب، إن تنفيذ الإتفاقات السابقة ومنها اتفاق أربيل بكل تفاصيله وتسمية الوزراء الأمنيين وتحقيق التوازن في مؤسسات الدولة واتخاذ القرارات بشراكة وطنية، وإيقاف الاعتقالات العشوائية، وتعديل الدستور وإصلاح النظام القضائي جميعها استحقاقات وطنية فرضتها نتائج الانتخابات الماضية ولا فضل لأحد فيها على الآخر.
وأوضح ان تحويل الاستحقاقات إلى ما يسمى بالإصلاحات واعتبارها حلا للإشكالات السياسية وإخضاعها للنقاش او المساومة سوف يعيد العملية السياسية إلى الصفر ويزيد من الازمة، وأكد إصرار قائمته على أنه "لا حوار بشأن الاصلاح وعقد المؤتمر الوطني من دون تنفيذ الاستحقاقات المترتبة على الكتل لأن مبدأ التوافق السياسي الذي تشكلت بموجبه الحكومة الحالية ضمن اتفاقية اربيل لا يقل أهمية عن الالتزام بالدستور فكلاهما جاء بتوافقات وما الدستور العراقي الحالي الا نتاج توافقات سياسية وان أي رفض للاتفاقات السابقة ومنها اتفاقية اربيل يعني التشكيك في شكل العملية السياسية والحكومة الحالية وإنذار مسبق بتجميد الإصلاحات وتوقيفها".
وشدد عاشور على ان الإصلاح يجب ان يجري بشكل مفتوح ومعلن وبموافقة الكتل السياسية وليس بين أجزاء كتلة واحدة ومن طرف واحد وبرؤية واحدة، لأنه لن يكون آنذاك إصلاحا بل فرض وجهة نظر على الاخرين.
وأكد الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة الرئيس العراقي جلال الطالباني أن الحوار بين الكتل السياسية هو السبيل الوحيد لحل الأزمة السياسية في البلاد. وقال الناطق باسم المكتب السياسي للحزب إن المكتب يؤكد "سياسته المعلنة كما جاءت في الاجتماعات الأخيرة مع الحزب الديمقراطي الكردستاني الحليف، لمعالجة الأزمة الراهنة في العراق، والتي هي سياسة الحوار بين الأطراف السياسية العراقية كافة وقد سخر جل طاقاته لذلك على مستوى كردستان والعراق عامة".
وأوضح أن سياسة الاتحاد الوطني الكردستاني قد أقرت وأعلنت رسميا خلال الاجتماعات حيث لم يطرأ أي تغيير على موقف الاتحاد المتمثل في الحوار المتواصل مع جميع الأطراف السياسية، بهدف حلحلة الأزمة كما يؤكد على ذلك أيضا الطالباني.
وقال المتحدث باسم التحالف الكردستاني مؤيد الطيب أن أي إصلاح يخص البلاد بصورة عامة يجب أن يكون باتفاق جميع الأطراف وأن لا يقتصر على طرف دون الآخر موضحاً أن ورقة الإصلاح للتحالف الوطني ما زالت شأنا داخليا للكتل المنضوية فيه. وقال إن "التحالف الكردستاني سيكون له موقف من ورقة الإصلاح سواء بالرفض أم بالقبول في حال طرحها عليه من قبل التحالف الوطني".
وكان الطالباني وجه خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة عدة دعوات إلى الكتل السياسية لعقد اجتماع لحل الأزمة لكن سفره الحالي إلى المانيا للعلاج أخر ذلك في حين اتهمه نواب بالهروب من استحقاقات سياسية كان عليه تنفيذها في لعب دور لإنهاء خلافات الكتل.
ودعت كتلة الأحرار النيابية التابعة للتيار الصدري إلى وضع سقف زمني لتنفيذ عملية الاصلاحات السياسية التي يتبناها التحالف الوطني. وأشار الأمين العام للكتلة ضياء الأسدي إلى أنه حتى الان لا يوجد سقف أو جدول زمني خاص بالنسبة إلى عمل لجنة الاصلاح السياسي التي شكلها التحالف الوطني وقال "نأمل في الأيام المقبلة أن يكون هناك برنامج وجدول زمني واضح لهذا الغرض، وهذا ما أكد عليه زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر بأن الإصلاحات يجب أن تكون في وقت قصير لأنه ليس لدينا المزيد من الوقت لنخسره في عملية الإصلاح".
وأضاف في تصريح صحفي أن "على التحالف الوطني أن يكون جادا في عملية الإصلاح لأن الوضع السياسي الراهن لا يتحمل التسويف والمماطلة حيث إن كل الأطراف المشاركة في العملية السياسية تدرك بأن هناك ضرورة ملحة لحلحلة الأزمة من خلال وضع خطة وبرنامج ومن ثم تطبيقهما، واذا لم تكن هذه الخطوات فإننا سنتأكد من ان التحالف غير جاد هذه المرة في عملية الاصلاح لاسيما وانها اصبحت مطالب عامة وجماهيرية وللأطراف السياسية المشاركة في العملية السياسية"