بغداد – يلجأ نوري المالكي في إدارته لأزماته السياسية مع خصومه ومناوئيه إلى ممارسة الضغط عليهم من خلال التلاعب بالملفات الرئيسية المتصارع عليها وتشكيل قوة عسكرية وأمنية، وإطلاق مجموعات وميليشيات مسلحة تابعة له، تقوم بتنفيذ أعمال خطف وقتل وتدمير في مناطق محددة من العراق تشكل الركيزة الأساسية في صراعه مع خصومه السياسيين في تلك اللحظة، وتدعم تحركه في التلاعب بتلك الملفات المتخاصم عليها.
فبعد ميليشيا فرسان دولة القانون التي عاثت قتلا وخطفا وتدميرا في البصرة والعديد من المدن العراقية، عاد نوري المالكي اليوم من أجل تشكيل كيان عسكري من داخل الجيش العراقي يدين له بالولاء أطلق عليه أسم "قيادة عمليات دجلة" مهمته الرئيسية إدارة الصراعات مع خصوه الأكراد في المناطق المتنازع عليها.
ويرى مراقبون ومحللون سياسيون أن المالكي يدرك جيدا أهمية المناطق المتنازع عليها في ديالى والموصل وكركوك بالنسبة للأكراد، وموقعها من التفكير الإستراتيجي الكردي، وأن المالكي يريد أن يضغط على الأكراد من خلال تشكيل هذه القيادة التابعة له وربط محافظة ديالى بكركوك أمنيا وعسكريا.
واضافوا ان المالكي أشعل من خلال هذه القوة العسكرية الجديدة نار صراع جديد في بلاد الرافدين وهو صراع السيطرة على المناطق المتنازع عليها ومن الممكن تطور هذا الصراع قريبا، إلى حرب شاملة تفضي إلى عملية تقسيم البلاد إلى دول متعددة وهو المشروع البريطاني الصهيوني الأمريكي الذي يجري تنفيذه في العراق منذ عام 2003 وحتى اليوم ويديره بشكل مباشر وزير الخارجية الأمريكي الأسبق الصهيوني هنري كيسنجر.
الأكراد من جانبهم وبعد إعلان المالكي عن تشكيل هذه القوة العسكرية التابعة له، أنتفضوا مشككين من أهداف هذه الخطوة ومحذرين المالكي من التلاعب بملف المناطق المتنازع عليها. وقال عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي عن التحالف الكردستاني شوان محمد طه أن توقيت إعلان تشكيل هذه القوة العسكرية يثير الكثير من الاستغراب، مبينا إن "قضية تشكيل قيادة عسكرية جديدة باسم قيادة عمليات دجلة هي في الحقيقة ليست جديدة بل الجديد والمريب في الأمر هو توقيت إعلانها مع تصاعد الأزمة السياسية، ولاسيما أنها تتعلق بالمناطق المتنازع عليها طبقا للدستور العراقي".
وأضاف طه أن "أمر تشكيل هذه القيادة العسكرية إنما يعود إلى شهور خلت ولكن تم الإعلان عنها الآن وهي تعني ربط كركوك بديالى، أي الفرقة 12 بكركوك بالفرقة 5 في ديالى، وكلتا المنطقتين متنازع عليها، ولاسيما في ظل أزمة التفرد بالقرار العسكري والأمني من قبل دولة القانون، وهو ما يجعل المسألة ليست قضية عسكرية بحتة ذات طبيعة إجرائية وإنما هي أبعد من ذلك بكثير".
وأضاف طه أنه "إذا كان يريد القائد العام للقوات المسلحة معالجة المشاكل السياسية بنشر القوات المسلحة في المناطق المتنازع عليها، فإن هذا يعني في الواقع تأجيج هذه المشاكل وليس معالجتها".
وفي وقت أبدى فيه ممثلو عرب كركوك تأييدهم لتشكيل هذه القيادة، فإن الأمر من وجهة نظر التحالف الكردستاني مثلما أوضحه طه أنه "من شأنه أن يفاقم المشاكل بين الكتل السياسية التي أجمعت على عملية سحب الثقة عن المالكي، وهي التحالف الكردستاني والعراقية، وذلك من خلال إثارة مسألة تتعلق بالمناطق المتنازع عليها في توقيت غير مناسب"، مشيرا إلى أنه "حتى من الناحية العسكرية فإنه لا يوجد رابط أو ارتباط جغرافي بين كركوك وديالى على وفق خط مسار عمل الفرقتين حيث يمكن أن يكون هناك رابط جغرافي مع الفرقة الرابعة في تكريت وارتباط مع الفرقة الثانية في الموصل".
وأوضح طه أن "ربط فرقة 5 مع فرقة 12 جاء على شريط حدودي لمناطق متنازع عليها نبحث عن حل لها طبقا للدستور وليس من خلال ربط تعسفي وتحت تسميات معينة يمكن أن تخلق لنا المزيد من المشاكل السياسية في المستقبل". وأبدى طه تخوفه من أن "تقوم جهات معينة تسعى للتخريب بتأجيج الوضع الأمني في هذه المناطق وبالتالي فإننا سوف نبدأ بإطفاء الحرائق التي يمكن أن تنتج عن هذا القرار أكثر من بسط الأمن هناك".
من جانبه قال الناطق الرسمي بأسم مكتب القائد العام للقوات المسلحة العراقية ضياء الوكيل أن القيادة الجديدة ستضم جميع الأجهزة الأمنية والعسكرية في محافظتي ديالى وكركوك وسيتولى قياداتها عبد الأمير الزيدي.
ويتكون الجيش العراقي الحالي من 15 فرقة عسكرية معظمها فرق مشاة يقدر عدد أفرادها بنحو 350 ألف عسكري، ويملك ما لا يقل عن 140 دبابة "أبرامز" أمريكية حديثة الصنع، إضافة إلى 170 دبابة روسية ومجرية الصنع، قدم معظمها كمساعدات من حلف الناتو للحكومة العراقية، والمئات من ناقلات الجند والمدفعية الثقيلة وراجمات الصواريخ، فضلا عن عدد من الطائرات المروحية الروسية والأمريكية الصنع، وعدد من الزوارق البحرية في ميناء أم قصر لحماية عمليات تصدير النفط العراقي. كما يقدر عدد منتسبي وزارة الداخلية بنحو نصف مليون منتسب يتوزعون على عدة تشكيلات أمنية، هي الشرطة الاتحادية، وهي قوة عسكرية تتكون من أربعة فرق تضم كل واحدة منها عشرة آلاف جندي مجهزة بلواء مدرع، فضلا عن أفواج الطوارئ ولواء الرد السريع، كما يتكون جهاز مكافحة الإرهاب المرتبط بمكتب نوري المالكي الخاص من عشرة آلاف جندي، وهو جهاز يضم عددا من الوحدات الخاصة القادرة على مكافحة التمرد.