الشاب "ماجد رمضان كريم " الطالب في الجامعة التكنولوجية سُجِّل في عداد المفقودين في الشهر الثالث من العام 2007 ،عندما كان الاحتقان الطائفي في ذروته والقتل على الهوية في أوج نشاطه ، ولارتباط اسمه بشهر رمضان تتجدد أحزان أسرته ، بينما الآخرون يتبادلون التهاني واحدهم يخاطب الآخر بالقول" رمضان كريم " ولكن من دون ذكر اسم ماجد .
أسرة المفقود بذلت جهودا كبيرة لمعرفة مصيره ، وفشلت محاولاتها في الحصول على جثته لدفنه في مقبرة العائلة ، لتزور قبره في الأعياد والمناسبات الدينية كعادة العراقيين منذ عشرات السنين ، وما بعدها ، عندما أزاحت الحروب والاضطرابات الأمنية وتصاعد وتيرة العنف كل مظاهر الفرح ، واصبح الحزن حالة يشترك فيها الملايين.
غياب ماجد في بلد مثل العراق ليس حالة فردية ، بل شمل الآلاف من أمثاله ، والفجيعة بفصولها المأساوية مستمرة ومتواصلة بنجاح ساحق ، في ظل اضطراب أمني مزمن ، وادعاءات المسؤولين الأمنيين بان الوضع تحت السيطرة ، نتيجة توجيه ضربات موجعة للمجاميع الإرهابية وملاحقة ومطاردة الخارجين على القانون ، ونظرا لتكرار التصريحات وكثرة استنساخها عزف العراقيون عن سماعها، لأنها باعتقادهم لاتعكس صورة حقيقية عن الواقع وإنما هي مجرد إبراز عضلات فاشوشية لبعض "ضباط الدمج " حصلوا على رتبهم العسكرية بقرار من القيادة الحكيمة ، وبمنح هؤلاء وغيرهم صلاحيات إدارة الملف الأمني ، أغلقت مئات الشوارع العامة ، وانتشرت السيطرات ، حتى اصبحت بغداد خاضعة لسلطة العسكر ، وعلى الرغم من كل هذه الاجراءات ، وانفاق مليارات الدولارات على الملف الأمني ، مازالت الفجيعة حاضرة في المشهد وقصة ماجد قد تتكرر لتضاف أسماء جديدة الى قوائم المفقودين.
قبل أيام اعلن ديوان الوقف الشيعي ، وهيئة إفتاء أهل السُنّة والجماعة، تنظيم فعاليات دينية خلال شهر رمضان في العاصمة بغداد والمحافظات الأخرى ، لتوطيد السلم الأهلي ونبذ العنف وبما يعزز تماسك وحدة المجتمع بكل مكوناته . وابلغ الوقف الشيعي رجال الدين وأئمة المساجد بالعمل على توطيد تماسك وحدة العراقيين من خلال التركيز على التقارب بين المذاهب الإسلامية ، والتمسك بالكلمة الطيبة والتراحم بين شرائح المجتمع والتركيز على المشتركات بين المذاهب ، والابتعاد خلال هذا الشهر عن التشهير بين طوائف المسلمين.
أما رئيس هيئة إفتاء أهل السُنّة والجماعة الشيخ مهدي الصميدعي فأكد افتتاح دورات خلال شهر رمضان لتدريس العقيدة الإسلامية لمواجه الفكر التكفيري :"لكي نستطيع ان نوقف التكفيرية والفكر التكفيري على وجه التحديد وبذلك يمكن للعقلاء ان يبيضوا ساحة المجتمع الشيعي والسُنّي ويوقفوا سفك الدماء من الطرفين ، ونحن نقوم بدور المصلحين وهدفنا خدمة الشعب العراقي والحفاظ على وحدة المجتمع " . يحل شهر رمضان هذا العام في وقت مازالت البلاد تشهد فيه تصعيدا ملحوظا في تنفيذ أعمال العنف ، والكثير من الأُسَر تواصل البحث عن أبنائها المفقودين ومنهم "ماجد رمضان كريم ".
مقالات اخرى للكاتب