الملاهي والمنتديات الليلية، كانت تعمل في العاصمة بغداد قبل الغزو الأميركي ، وهذه الأيام استعادت النوادي نشاطها تحت لافتة منتديات إعلامية ، وتوزعت بين أحياء محددة في العاصمة ، واكثر روادها من الشباب ، وفي رمضان تغلق أبوابها في اطار تنفيذ قرارات وإجراءات رسمية لاحترام قدسية الشهر .
في تسعينات القرن الماضي صدرت أوامر تلزم المنتديات الليلية والملاهي بان تكون النمرة الأخيرة من البرنامج "ذات طابع وطني " ، ببث أغنيات تجسد التفافالعراقيين حول قيادتهم ، واستعدادهم لمواجهة الأعداء ، وتحديهم الحصار الجائر ، ومن يحاول تجاهل تنفيذ الأوامر من أصحاب الملاهي والمنتديات ، يجد نفسه تحت طائلة المساءلة والاستجواب ، والشخص المكلف بتنفيذ تلك الأوامر يدعى "مسؤول الفيشة " ومهمته تشغيل مسجل يبث الأغاني يربط بأجهزة مكبرات الصوت ، فيحفز "المشاعر الوطنية في النمرة الأخيرة" ، وبعدها يتوجه الرواد الى اقرب مطعم لتناول الباجة ، و"الفنانات" يغادرن المكان بصحبة بعض الزبائن .
"مسؤول الفيشة" حاضر في كل مكان وزمان ، وخاصة في المنطقة العربية ، وبالتحديد الأنظمة رافعة شعار مواجهة الإمبريالية والصهيونية عبر خطب زعمائها ، فيما تقع سفارات إسرائيل في عواصم عربية وعلى مقربة من القصر الجمهوري ، وهنا يأخذالإعلام الرسمي بقيادة "ابو الفيشة" مسؤولية الترويج وتلميع صورة السلطة، لتبدواجمل بنظر المجتمع الدولي بتبنيها جملة إصلاحات ، والعمل بموجب مبدأ الشراكة في إدارة البلاد ، والتداول السلمي للسلطة عبر صناديق الاقتراع ، أما الرسالة الموجهة الى الداخل وعلى وفق نظرية "ابو فيشة" فتتمثل بأهمية الالتفاف حول القيادة ، وإعلان الولاء المطلق ، والابتعاد عن المطالبة بتحسين الأوضاع الاقتصادية ، لان البلاد مستهدفة من قبل أعداء الخارج ، والسبيل الوحيد لتحقيق النصر التمسك بالمواقفالوطنية ، على طريقة النمرة الأخيرة .
"مسؤول الفيشة " عندما يكون في موقع رسمي ، يتصور بان جميع وسائل الإعلامأصبحت تحت سيطرته ، ولابد ان تأخذ بنظر الاعتبار توجيهاته في قيادة معركة مواجهة الإعلام المضاد ، وفضح تخرصاته ودوره في التضليل وبث الأكاذيب ، بعض المؤسسات تستجيب لأوامرابو الفيشة ، لأنها تريد الحفاظ على حبل المودة ،مع كبار المسؤولين ، للحصول على المزيد من المكاسب الشخصية من سيارات مدرعة وايفاداتالى دول خارجية ، والإقامة في منازل عقارات الدولة .
مواقف معظم القوى السياسية تجاه الإرهاب معروفة ، ولا تحتاج الى تزكية من احد ،ووسائل إعلامهالاتحتاجايضاالى نصائح وارشادات ووصايا "ابو الفيشة " لإثبات اصطفافها مع الإرادة الشعبية ، في القضاء على الجماعات المسلحة بكل أشكالهاوأنواعها ومسمياتها ، وطالبت بتنظيم الحياة السياسية في العراق بإقرار التشريعات المتعلقة بضمان ترسيخ النظام الديمقراطي ، وتوطيد السلم الأهلي ،في دولة المواطنة، وإلغاء دور ابو الفيشة ومزاعمه في بث الروح الوطنية في النمرة الأخيرة.
مقالات اخرى للكاتب