هنا قبل القراءة لطفاً ملاحظة الفارق اني اتكلم عن السياسة فقط وليس عن الجهاد والثورات ضد الظلم ،والدفاع عن الحرمات، وايضاً ليس عن البعد الروحي للعقائد بل بالحقيقة انا في صدد الدفاع عنها، فهناك بون شاسع بين الأمرين والكلام هنا يقع حول المشاركة بالحكم والسياسة فقط.اي حولة ازمة الهوية في قبالة المنصب والحكم.
بحث موجز / التشيّع والسياسة
((بترو كيمياء الاستحمار الصفوي قد صنعت من الدّم ترياقاً/ علي شريعتي)).
نظرة النقد ذات الأهمية البالغة لدي ان لايدخل الدين في السياسة اي دين كان وبشكل خاص مذهب التشيع ان لا يزج نفسه برجاله الممثلين لذلك المذهب بالسياسة او الاتصال بالحكم من بعيد او قريب وَذَلِك لخصوصية ذلك المذهب على مر التأريخ وانجازاته بمعزل عن آلة الحكم والرئاسة، وهناك اعتبارات عدة منها؛
كل الموانع المتوفرة بالسياسة هي موانع بالغة الاسف والسخف والرذيلة وهذا مما لاشك فيه مانع مغلق عن تقمص دور المصلح في ثوب سياسي اياً كان وبالتالي الانعطافة التي ستؤثر على قوام ذلك المذهب التربوي والروحي بشكل كامل وعام وليس فقط على ممثليه وهذا مايدخل النظرية بمؤسسيها الإصلاء بدائرة الشَّك والنقد وإنسحاب المذهب بنسخته الاصيلة الى النسخة السياسيّة الدخيلة، ليؤدي الى خلق النفاق المطلق بالتعامل والتصرفات.
يقول علي الوردي في كتابه وعاظ السلاطين (( هناك ميزة يتميز بها عُلماء الشيعة على اقرانهم من علماء السنّة، وذلك انهم يشكلون مواقع متحررة من الجانب الإقتصادي وألاجتماعي؛ ليسوا موظفين عن احد ولاتابعين لحكومة ولامرتبطين بمؤسسة رسمية، اذ هم يرتبطون بعوام الناس، العوام هم الذين يديرون شؤونهم ويمنحوهم القدرة، لذلك هم دائماً ينطلقون من اعماق الجماهير. فعلماء الشيعة دائما مع الناس بوجه الحكومات)). ولا اعلم ماذا سيقول علي الوردي الآن!
لا ربط بين الادعاء والتطبيق في مجال السياسة . ( الادعاء ) ما يكون مصداقه العمل وهذا العمل كان مدار الورعين المؤسسين للمذهب والذي اخذوها من المعصوم، وكل توصيفاته كانت ليس لأجل الوصف بل كانت اعمال حقيقيّة تتمثل بالتطبيق العملي الصادق واخلاص النية القلبية ومن ثم العمل بها وما اعنيه هو كل الأفعال الإنسانية والرياضات الأخلاقية ابتدائا بالزهد والتقوى وليس انتهائها بإماطة الاذى عن الطريق والنصح والتراحم ونكران الذات والتصدي للحيف والظلم،وغيرها هَذَا الأدعاء تجده فعلياً ويقيناً موجود لدى قادة المذهب مراجعه المتأخرين، ومن ثم منظريهم ( العلماء) وكانوا بعيدين عن الآلة السياسية لعلمهم بتبعاتها المنحطة وليس لعدم تمكنهم منها. اما اليوم فالعكس بكل ماذكرت موجود بشكل دقيق وليس ضمنيا،وهذا ما أضعف التوجه القلبي لدى العوَّام والارتكاز فقط على الادعاء دون عمل او حقيقة عمل منوطة ومشروطة بالقادة المؤسسين،وهذا لعمري انكسار فضيع في الفكر وانهزام للقضية وخيانة لها لان قادة أليوم قبلوا ان يكونوا رِجَال متحدثين بأسم المعصوم من مصدر حكم وكرسي وسياسة وهذا وحده يكفي ان يكون خِيانة! لانه بعيد كل البُعدعن التطبيق.
(( ياله من مقلب كبير! تشيع في الظاهر هو اكثر أصالة من التشيع الأصيل وفي الباطن لاينفع الناس ولا يضر أعدائهم! علي شريعتي).
علي لم يكن رجل سياسة هذه الحقيقة التي يجب ان يعرفها الجميع وان اختلفت في هَذَا المضمون مع المتأخرين والمتقدمين هذه الحقيقة التي يجب ان نعمق البحث فيها، لسبب بسيط ماكان علي رجل دنيا ليكون رجل سياسة ودولة، وماهذا الاجحاف بحق علي ان نقزم كونيته العظيمة ونُفَصّلها على انها دولة وسياسة فحسب،وماهو إلا تأويل سطحي من ينظر ان علي كان رجل دولة او سياسة،ليحقق بأسم علي دولة متخلفة زائفة، مرتبة الامامة له وللمعصومين هي حلقة الوصل بين النبي صاحب جبرائيل ومن ثم المعصوم نبي بلا وحي،فالامامة تمتلك مفاتيح الأسرار الإلهية وسبل اليقين وهي بذلك تمتلك سبل النجاة، فاي دولة ومنصب وزعامة كان فيها المعصوم؟! انها سرقة لاسم علي وما اعظمها من سرقة! غاية ما في الأمر ان هذا الزعيم الروحي الأخلاقي وجد نفسه مخول من السماء ومن ولاه بالإمامة ان يتحدّث و يربي، ان يصنع قيم ويوجه الأشتر وغيره لما هو اهم من ادارة شؤون دولة او إستخدام السياسة في حكم ما، كان الرجل يريد ان يمضي بالبشرية الى حدود الارتقاء والتمكين بعيداً عن بيت المال وجحافل الخلافة، لخلق مجتمع يزحف نحو عالم الاخرة وهو مطمئِن بقضاء الله وقدره عارف بحدود الإنسانية بينه وبين غيره.غير ظالم لا لنفسه ولا للآخرين في حياة آمنة، مستشعر سجن الحياة ودنائتها في قبالة عالم الخلود، وان كان خليفة فالخلافة شَيْء والامامة أمر أخر، الخلافة حكم وسياسة وهذا ماسمح به الرب ان يقع، لكن الإمامة ولاية تكوينية تربوية وجودية للبشرية، فأي منصب ودولة المعصوم يريد او يسعى لها!؟ لا تربية ولا ارتقاء ولا نهضة فكرية من خلال الحكم والدولة والسياسة، والكلام هنا لايخص بكل تأكيد دفع الظّلم ولا الثورات ضدّ الظالمين هناك فرق بين الحُكم والسياسة ورفض الظّلم والثورة ضده، فكيف تشاء ارادة الله ان تضع الامامة بالحكم والدولة؟ لتعرف حينها لماذا لم يكن للمعصوم حكم؟ لانها على طرفي نقيض مما تم تكليفهم به في الصعود بالانسانية نحو السماء، اليس في النص القديم ان المعصوم بعد النبي والنبي هو مرسل لخير البشرية وهدايتهم، من يضع النبي ويجعله رئيس جمهوريّة؟! انه نبي ياقوم... فهل تعرفون الفرق بين رجل ينزل عليه وحي وبين رجل تخلقه الأذهان ليصعد الى كرسي الحكم ويكون اموي او عباسي او رئيس حزب! وعلي بالنص ( امير للمؤمنين) يعني امام وبمنزلة هارون من موسى فحكم علي كحكم محمد بالرسالة السماوية وليس الرسالة السياسية فمالكم كيف تحورون؟!! اراد ولا زال يريد علي ان يكون هناك متعلمين على سبيل نجاة وربانيون لاسياسيون!!! ولاحول ولاقوة الا بِاللّه.
،اي قوة ستبقى للمذهب واي ثِقَة ستبقى!
يذكر علي شريعتي في كتابه التشيع الصفوي
((ان علماء التشيع ظلوا على مدى عشرة قرون امناء على لواء النهضة الحسينية وظلوا طوال هذه القرون ( قريبين من الناس) متاخمين لحياة المجتمع، ويشعرون بآمال الناس ويتحسسون آلامهم، ولهذا السبب بالذات كانوا طوال هذه الفترة بؤرة خطر في نظر الحكومات الفاسدة وهاجساً يقض مضاجع الحكام، ولكن ما اصبح علماء الشيعة ( قريبين من الحاكم) حتى زال خطرهم ولم يعودوا يشكلون مصدر قلق للحكومات، لقد تغيرت المعادلة))،هنا يذكر شريعتي هذا القول في تجريم التشيع الصفوي رغم انه ميال في اكثر شطحاته الى الحكم السياسي بنسخته العلوية ورغم الاختلاف معه في قراءة المصدِّر اتفق معه في شطر تصدير التشيع الصفوي بنسخته الحديثة والفارغة المضمون والتي تحمل ملامح التسلط والحكم والتلاعب بالمناصب والة السياسة فلا اعلم ماذا سيقول اليوم اعتقد انه ستخلى عن فكرة السياسة ايضاً.
لا مطلق في عالم الإمكان كل شَيْء هنا نسبي حتى الحقائق هي نسبية على اقل تقدير هي محددة بحدود الإمكان والوجود الذي بدوره هو محدود ويعاني الحدوث والفناء،ونتيجة هذا النسبي انه يمكن ان يبقى نسبي ويمكن ان تتضاعف نسبيته بدرجات اعلى ليقترب من القمّة، هذه القمة هي مرحلة انتهائه وانهياره وشيخوخته ومن ثم موته، الفكرة والأيدولوجية والنظرية نفس الحال تعاني هذه النسبية فبينما تراها بفعل مؤثرات عدة هي مركز التطلع وقبلة الجماهير وملاذ الحيارى والمحتاجين كما هي ايضاً ملاذاً للمؤمنين بها والميسورين لأنها فكرة ونظرية خارج البعد المادي وقريبة من التطلعات الروحية والأخلاقية ما ان تتسع وتأخذ بمضاعفة نسبيتها عن طريق قادتها او منظريها وتأخذ جانب الحكم والسياسة عند ذلك تكون قد استقرت على نحو ما، واخذت بنفاذ مفعول التطبيق العملي لها نتيجة استقرارها وعدم حاجتها للتنظير والتطبيق ولكونها اخذت منافعها وحصدت مكاسبها بشكل يمثل أعلى حالة من الهرم (النسبي) وهو الحكم والدولة والسياسة ومن ثم يظهر التصادم الواقعي بين النظرية وطريقة تطبيقها لنموها وتضاعفها في غير مكانها الحقيقي لذلك تكون عرضة للنفاق والازدواجية والنقد ومن ثم الانهيار بطريقة بشعة تختلف كل الاختلاف عما كانت تنظر له سابقا وما تدعيه والسبب هو التضاعف نحو النسبية ولا مطلق مطلقاً هنا في الأرض ولا تطبيق للمطلق الحقيقي ( ارادة الله ومن ثم المعصوم ) عن طريق السياسة والدّولة.لذلك اتجه من تصدى للمذهب بعد السقوط لنظرية فارغة المحتوى لم تنجح في ايران نفسها في خلق مجتمع فضائلي صادق يحمل سمات ما اراده علي سوى هيئة الحكم فقط واسم الجمهورية وتصدير نسخة خارجة عن النص الأصليو دون محتوى للتطبيق الاجتماعي ولا واحد بالمئة،فأراد المستفيدون ان يصدروا التجربة بشكل مادي بعيد وبنسبيته التي ذكرتها وبأسم ال الْبَيْت،ولامطلق ولاحقيقة مطلقة بما ارداوا كلها كذب وهراء وتسخيف للعقول وطلب مصالح سيدفع ثمنها المذهب وتاريخه العريق والمجتمع والاجيال القادمة والواقع الذي نعيشه جرّاء تأويل وفلسفة القضية لما تشتهيه نفوسهم الأمارة بالذنب والسوء. المطلق الوحيد الذي اراده محمد وعلي والحسين والرضا لم يكن هنا وليس في الدولة وليس بالسياسة وما كانوا طالبيها او ساعين لها لا والله اقولها عن علم ووعي وابرئ ذمتي امام الله والتأريخ كانوا رجال ودعاة سلوك نحو اللَّه ورفض الحيف والظلم وعدم التغاضي والتراضي والمشاركة، وهذه هي المطلقة الوحيدة في عالم الإمكان هو السعي والتوجه غير المحدود بحدود لاسياسية ولادنيوية نحو الحق تعالى وهذا التوجه يتركز بالضرورة على ما يريده الأنبياء وماقاله الفلاسفة والحكماء واهل البيت من سلوك الفرد والأمة نحو تكامل الى وجه الله تعالى بالخلق والسلوك والتصرف والعمل،التخلق بصفات الله واطاعته ليكون الفرد مثّل للحق تعالى ( عبدي اطعني تكن مثلي) وهذه الحقيقة المطلقة الوحيدة الَتِي لم ولن تكون نسبية يوما ما وهي اصلاً غير نسبية بطبيعة حالها فالتوجه نحوها سيكون نسبي بكل تأكيد لكنه سيكون مطلق بعد النتيجة والنتيجة هي بعد عالم الدنيا عالم مابعد الموت عالم اللانهاية ودار الآخرة ودار الخلود والأعمال ( يوم تجزى كل نفس ماكسبت). فأي دولة بهذه الحقيقة واي سياسة واي منصب واي كرسي يارجال الله المزعومين!!! واي حقيقة تريدون ان توهموا الناس بها وهي حقيقة كاذبة بعيدة عن هدف النبوة وال الْبَيْت! الحُكم؟ خذوه لكم لكن لا توظفوا التراث والأسماء والأصالة والتأريخ العميق للأنبياء وال البيت فِيه،لان ماتدعون له وتروجون له بأسمائهم هو نسبي وليس هو المقصود من اهدافهم ولامن اهداف الله الذي بعثهم من أجلها،بهذه النتيجة اصبحت الأمور متجه نحو الإنهيار والنقد والشيخوخة ومن ثم الموت على ايدي هؤلآء المستخدِمين للأسماء العظمية من اجل المنصب والكرسي والحكم والسياسة وما كانت ارادة السماء ان يصبح عليّ اسم دولة او كرسي حكم ولا اراد عليّ منهم ان يتحدثوا بأسمه دون يقين وتطبيق حرفي! خلف جدار او خلف سياج او خلف زجاج او بقاعات تتلاطم بها امواج البرد والراحة في درجات الحرارة العالية في الخارج،واليتامى والفقراء والحفاة خارج وعي المتحدثين بأسم من ارقع مدرعته حتى استحى من راقعها، والمتحدثين بأسم من كان يتذكر الآخرة بالملح والشعير والتمرة! عن اي قيم تتحدثون واي زهد تمارسون .استمروا في تصوير انفسكم من اجل الرياء والسمعة والدنيا والسياسة وانتم أعلم من كاتب هَذَا المقال ببعد هذه الممارسات عن الهدف الأكثر أهمية مما تفعلون لكن هيهات هيهات انها الدنيا التي غرتكم وخدعكم المنصب والمال وكذبتم على الله ورسوله! لذلك انا اكتب من جانب تحقيقي وصفي لما حصَّل ولست معنياً بهذا الصّراع الا في حدود التتبع والنقد والإشادة لما يمليه علي قلمي مع ضميري.
مذهب التشيع بادبياته خارج حدود نص نظرية الثورة الإيرانية والعمق التاريخي للامتداد الصفوي ودمجه مع القوميّة. وبالعودة للأصل هو ليس فكر دولة ولا فكر قائم على اسس سياسيّة الا في حدوده الدنيا بالدفاع عن بيضة الاسلام كما يصطلح الفقهاء عليه او ضمن بوادر الوعظ فحسب اكثر من ذلك ليس له طمع في مسك دولة بقدر مالديه نزعة سرمدية في ملئ الارض قسطاً وعدلاً هذه اهدافه الاكثر مستقبليّة وذات الامد الطويل جداً ولو تمعنت جيداً (بالقسط والعدل) تجده مستوحى من اكثر القوانين اعتدالاً ورحمة وعمقاً في التقبل العقلي والتطبيق الأخلاقي ومن كلام يقف له الكون احتراماً لإنسانية هذه القوانين والأكثر اهمية طرائق تطبيقها وكيفيتها في التطبيق، مرتكزاته العقائدية هي مرتكزات روحية سامية وايضا فلسفيّة وكلامية وعقائدية( توحيد، عدل، نبوة، امامة، معاد). ولا اعلم هل يريد اتباع المذهب من السياسين تطبيق الإمامة بالدولة؟ لابأس بذلك لكن اين الإمام المعصوم؟ لو تنزلنا بوكيله فأين الوكيل واعماله من المعصوم وتصرفاته وتقريره وكلامه؟ ومن ثمّ من قال ان المعصوم هو حاكم دولة او رئيس جمهورية او حزب؟! ماهذا الافتراء؟ كما ان المذهب لايملك نظرية جهادية ولا نظرية غزو ولا اصطلاحات حكم ودولة وسياسة ماخلا دولة اخر الزمان وهذه ظروفها وشروطها معروفة وواضحة. واخشى كل الخشية ان يأتي لي نصف باحث بعقل قاصر ويرى ان هؤلآء الساسة هم من يمهد لتلك الدّولة!!! عندها يصبح لزاماً اعادة انتاج فكر وثقافة وضخ جديد لعمق المذهب واصالته واعادة تصديره للمجتمع لأن هناك كارثة فكرية موجودة، وبالتعمن بشكل موسع بالادبيات والنظريات ذات الاسس الحقيقة لانطلاق المذهب، تجده هو مذهب يهدف الى اصلاح شؤن الفرد والأمة من خلال التّربية الروحية والسلوك الإجتماعي والتطبيق الفعلي لتلك الأخلاق والمبادئ على ارض الواقع مع الاهتمام بمحاسبة النفس وتقريعها لأنها مصدر المشاكل الداخلية للفرد والمجتمع، من بعد العنصر الخارجي وهو الشيطان،ونتيجة هذه النظريّة هو ايجاد طريق مستقيم بفعل هذه الممارسات ليضمن له عبور أمن الى عالم الآخرة والخلود فيها بلا جحيم، استطيع ان اقول ان مذهب التشيع الأصيل في عمق نظريته هو نهج غاية في الروعة والسعادة للسير نحو الحق تعالى في عالم الدنيا عند تطبيق الشروط المذكورة في كل كتب التشيع ونتيجته المرجوة من هذا السّير هي صمام امان أمن لعبور عالم الدنيا الى عالم الآخرة ( بنفس مطمئنة) وضمان تحقيق سعادة في الدارين، وهذا لايأتي إلا بالعمل الصَّالِح وخير من يجسد مضامين العمل الصالح تجدها في ادبيات هذا المذهب ورجاله القدوة او الاصلاء المطبقين فعلاً ومضموناً لهذه النظريات،اذن هو مذهب يتصف بتأمين مسار امن وسعيد لعالم مابعد ألموت وهذا هو الأهم جداً في نظرية محمد وعلي ان تخلق إنسان يعطي عمل متوج بكل الفضائل والقيم في عالم الدنيا لينال حصته من هذا العمل بعالم الآخرة وبذلك يكون حصل على حسنة في الدنيا وفي الآخرة بتعبير القرآن.هذه النظرية للناس العادية كما يعبرون "للعوام". اما الاكثر عمقاً هو السلوك الفرداني في عالم الإمكان والتوجه نحو فضائل أكثر أهمية وعمقاً من حسنة الدنيا والتوجه نحو الحق تعالى وهذا له درجاته ومقاماته ايضاً،لا اعلم جيل مابعد السقوط كيف حور النظرية وكيف قرأ نهج البلاغة وسيرة المعصوم ليؤسس مجتمع وقاعدة وأمة تنحرف عن مسار ((المراقبة والمحاسبة والمشارطة))،الى امة انتخابات وجماعة فلان وعلان وامة جُلَ تفكيرها صاحبنا على حق وهو المنقذ والمخلص لذلك فقط هو من يستحق ان يكون رجل الدولة والسياسة وغيره على باطل وليس ممثل شرعي للأمام المعصوم! ماشأن هذا بهذا ياقوم؟ بوصلتكم اين وجهتموها؟وماهذا التصدير المروع للفكر؟ اخذتم بيد الناس الى المهلكة والمحرقة والنفس اللوامة! لما وجد الناس ان الأب والزعيم الروحي لايفعل ما يقول ماذا تتوقع من الرعية! فلا سياسة ولا دولة في المذهب وكل الذي يحدث من تصدير للثورات هو هُراء وكذب وإستغلال للعوام،والمذهب وعالم الآخرة بذمتكم وكل من سيدخل النار ستكونوا سبباً في إدخاله الجَحِيم بسبب استبدال اليقين والحجج بآلة السياسة واستخدام المذهب كوسيلة لاسثماراتكم.
في مذهب التشيّع اكثر الأمور دقة ذات التركيز العالي هو نكران الذات والإيثار وقد يكون هذا اول دروس هذا المذهب في ايصال اول مبدأ سامي للبشرية وكان هذا الإيثار في مواطن كثيرة ومتعدّدة،( قاعدة ويؤثرون على انفسهم ولو كان بهم خصاصة)،كانت نتائج هذا الإيثار والخصاصة ليست دنيوية وليس هناك وعد من قبل الله للمؤثرين بالدنيا وان كان هناك اثر مترتب عليه فهو ليس بالقدر ذو الأهمية بقدر ما سيترتب عليه من مراتب ومقامات في عالم الآخرة هذا هو المهم جداً والاكثر اعتباراً وسمواً في ادبيات المذهب وسير المعصوم،من مايترتب عَلَيْه في هذا ألعالم.والشواهد كثيرة ومن كان مطلع وكلامي للمطلعين طبعاً انه سيفهم مقصدي، لذلك هَذَا المذهب لم يوعد بكرسي بالدنيا ولا بخدمة نضال وكفاح في الدنيا ولا بولاية دنيويّة لمن يؤثر على نفسه او يناضل من اجل البشريّة ولا يعده ان يكون رجل دولة او سياسي من الطراز الأول. ومن يدعي ذلك فهو كذاب أشر!.كل هذه أشياء متدنية بنظر مذهب التشيع بل واطئة وليست ذَات أهمية بل من يطلبها يكون من طلاب الدنيا وليس له في الآخرة من شَيْء! وبناءاً على ذَلِك تجد علي والحسين وحتى فقهاء العصور للمذهب ليسوا مطالبين بتعويض سياسي او منصب يحمل صفة حكومية او حوزوية على ما ادوه من واجب تجاه أمتهم، انهم يعلمون جيداً ان مبدأ الإيثار والخصاصة والتصدي هو لباسه الزهد والورع والتقوى والتطبيق العملي دون المطالبة بتعويضات دنيويّة او ذات صفة حكومية،هناك طريق أهم من هذا وهم على علم ان مايسعون له ليس في الدُنيا ان التعويض هو هناك في عالم مابعد الحياة ( ليجزيهم الله احسن ما عملو ويزيدهم من فَضْلِه)،فأين الإيثار والخصاصة ونكران الذّات في السياسة ايها المتشرعة!!! ولماذا بأسم المذهب كل ذلك يحصّل؟ انه تفريغ لمحتوى المذهب وبالتالي مؤامرة اخرى.
في الخاتمة البعد الروحي والعقلي هو صانع الفكر وهو اكثر اهمية في صياغة وصناعة امة وأفراد من البعد السياسي ودرجة التصاق الناس بالبعد الروحي هي اكثر واحوج من زجهم في البعد السياسي فذاك اكثر وسع وديمومة والثاني ليس فيه من التربية من شَيْء.ونعلم جيداً ان البعد الروحي لايمكن ان يكون مؤثر من قبل مشايخه إلا ان يتصف بالتطبيق العملي واتصافه بشروطه بدقتها والا أصبح تسطير لشعارات فارغة ويدخل الأتباع في حيرة وشك ولايقين ومن ثم النفاق العملي!
هناك الكثير بقى عندي لم اقوله لكني سأتوقف في هذا المقال الى هذا الحد ولا يهمني من يقرأه او من لم يقرأه لاني دائماً اكتب بمبدئ افراغ مافي الذِّمة فحسب.
مقالات اخرى للكاتب