منذ ان هوى ذلك التمثال الكريه للمجرم صدام حسين في التاسع من نيسان 2003 لينهي حقبة من احلك ما مرّ به العراق وشعبه حتى ساعته من سنوات، واذا بالكرد الفيليين يتنفسون حالهم حال باقي مكونات شعبنا المضطهد وخصوصا من الذين خارج المحافظات الاربع البيضاء الصعداء. حالمين بغد افضل لبلدهم في ظل نظام ديموقراطي حقيقي راهنوا عليه لاكثر من عقدين، ليعيد لهم كرامتهم المهدورة وحقوقهم المغتصبة وانسانيتهم التي امتهنت على يد جلادي بغداد. حالمين بمعرفة مصير ابنائهم الذين اختطفتهم عصابات الجريمة المنظمة البعثية والذين ضاع اثرهم ولليوم. وكيف لا يحلمون، بل وكيف لا يحولوا حلمهم هذا الى حقيقة لينسجوا منه آمالا كبيرة في ان يعيد حكام بغداد الجدد من الذين قاسموهم شظف العيش والغربة وقساوتها جزءا ولو يسيرا مما فقدوه، كيف لا يحلمون وكانوا حتى ساعة رحيل الطغاة رقما وقاسما مشتركا بين الاحزاب والقوائم التي حكمت وتحكم بغداد لليوم. كيف لا يحلمون وهم كردا وشيعة اي من الذين ورثوا حكم العراق. فهل تحقق الحلم الفيلي بعد ان اصبحت المحافظات البيضاء كردية وشيعية؟
قبل ان استمر بمقالتي - بمرارة - مما آل اليه الوضع الفيلي اليوم بفضل عدم انتهاج الفيليين انفسهم سياسة حكيمة تنجيهم من عذاب ذوي القربى الاليم، الذين برعوا وابدعوا ايما ابداع في الضحك على ذقونهم منذ 9 نيسان 2003 ولليوم. اود ان اذكّر الفيليين ببعض مواقفهم البطولية وهم يواجهون طغيان البعث بل وحتى النظام الملكي في عقر دارهما. فلكم ايها الفيليون مواقف كتبها تاريخ العراق الحديث بحروف من ذهب وستظل تشع ضياءا رغما عن انف الحاقدين، فقد كنتم من المساهمين البارزين في نضالات شعبنا العراقي بعد ان انخرط شبابكم حينها في اتون المعترك السياسي، ولتقدم حينها مناطق سكناكم في شارع "غازي " الكفاح لاحقا اروع صور البطولة عندما قاومتم حكومة ارشد العمري وحرقتم مركزي شرطة باب الشيخ وقنبرعلي واسكتّم نيران الشرطة التي حصدت ارواح 12 شهيدا وقتها. وفي العام 1963 وعندما ساهم الاخرون بشكل مباشر وغير مباشر في اجهاض تجربة 14 تموز الخالدة وكانوا شهود زور على اعدام خيرة من انجب العراق من زعماء وهو الشهيد النزيه عبد الكريم قاسم، كان ابن لكم وهو الشهيد "هاشم غلام علي" اول من يستشهد دفاعا عن الثورة في باب وزارة الدفاع، لتتمترسوا بعدها في منطقة "عگد الاكراد" وتقاوموا قطعان الحرس القومي ببطولة نادرة وباسلحة بسيطة قواتهم المدججة بالاسلحة الخفيفة والدبابات، ولتكونوا آخر من يرمي رصاصة في وجوههم وصدورهم التي حملت تجاهكم الحقد والضغينة، والتي ترجموها بعد 7 سنوات في اول عملية ترانسفير في منطقة الشرق الاوسط بالعصر الحديث على غرار صهاينة اسرائيل. ولم تتوقف بطولاتكم حتى وانتم اسارى زنازين اسوأ سجون العراق واكثرها رعبا، حين انتفضتم في الواحد من أيار 1980 ضد آلة البعث الهمجية في سجن ابو غريب اثر تهجير عوائلكم المسالمة الطيبة وسجنكم فيه، مجبرين سلطات البعث على التفاوض معكم واطلاق سراح قسم لا يستهان به منكم، في وقت لم يكن يجرؤ فيه سجين واحد (وله الحق لدموية السلطة) في ان ينبس في ذلك السجن الرهيب ببنت شفة.
بعد كل هذا النضال المجيد وانتم حملة هذا التراث الوطني الثر وهذه البطولات النادرة وبعد عشر سنوات على انهيار نظام القرية البعثي اراكم وللاسف الشديد قد نسيتم تاريخكم هذا، وها انتم اليوم كما العام الماضي والذي قبله ومنذ عشر خلت، وكما العام القادم وبعده على ما يبدو تتوسلون ساسة خانوا بكم الامانة، تناشدون ساسة يضحكون ملأ اشداقهم على سذاجتكم - اعذروني على هذا الوصف الذي هو اقرب الى الواقع - وانتم ترفعون اليهم نفس المطالب في نفس التاريخ من كل عام. عجبي لماذا لا تسألونهم عن مصير ابنائكم ولماذا لا يوجد لهم اثرا بين عشرات المقابر الجماعية التي اكتشفت لليوم؟ اسألوهم اين وجدتم رفات شهدائكم كي تشيعوهم بين الحين والحين في مواكب رسمية وشعبية ودينية؟ فهل ابنائكم خلقوا من صلصال بينما خلق ابنائنا من ماء فتبخروا؟ اسألوهم كيف استعدتم اموالكم وممتلكاتكم ولازلنا ننتقل من دائرة الى اخرى ومن وزارة الى اخرى ومن موظف مرتش كحكومته الى موظف مرتش آخر؟ قولوا لهم الم يقل (مالكيكّم) ان ما صودر بقرار سياسي يعود بقرار سياسي؟ اسألوه واسألوا تحالفه الشيعي الذي تصوتون لهم ان كان الساقط صدام حسين قد صادر اموالكم وممتلكاتكم بقرار سياسي ام برلماني؟ اسألوا التحالف الكردستاني الذي له تصوتون اين انتم من سن القوانين التي تنصفنا عندما شكل (التحالف الكردستاني) والشيعة اغلبية كبيرة "ولا زالوا" وفي شهر عسل على سواحل دجلة المنطقة الخضراء؟ اسألوهم اين رفات شهدائنا وهل بخلنا يوما بارواحنا في سبيل قضية الكرد؟
اعذروني ايها الاحبة من انني لم اكتب مقالتي بصيغة "انا" كوني كرديا فيليا وهذا ليس لهروبي من ارومتي بل على العكس فمثلي من له الحق ان يتباهى كونه فيليا، وانا كما انتم ابن اولئك الرجال البواسل الذين سطروا آيات البطولة في سجون العراق ومعتقلاته وذرى جبال كردستان ليرسموا غدا افضلا لشعبهم ووطنهم. ولكنني كتبت بصيغة انتم لأميز نفسي "وهذا من حقي" مع القلة من الفيليين الذين لم يمنحوا ولن يمنحوا اصواتهم في اية انتخابات للذين خانوا قضيتنا، لن اتوسل الى لصوص وقتلة وسيسأل اكثركم من هم اللصوص والقتلة. لأقول ان اللصوص هم من لا يريدون اعادة اموالكم وممتلكاتكم لكم بعد ان استعادوا اموالهم وممتكاتهم ونهبوا كما البعث خزائن العراق، والقتلة هم من قتلوا الامل في صدور المرأة الفيلية وهي تبحث عن عظام ابن واخ وزوج وحبيب. شخصيا سأقطع اصابع يديّ لو صوتت يوما الى من قتل الامل في صدر اية امرأة فيلية، فانتخبوا من تشاؤون على ان لا تتوسلوا او تناشدوا احدا بعد اليوم.
ما أقبح الغدر من السلطان "الامام علي -ع-"
مقالات اخرى للكاتب