لم يكن أسوأ المتشائمين يظن أن تاريخ العراق الحديث سينقل لنا أستهتار زعيم سياسي قامر وحزبه "بشعبهما ووطنهما" كما المجرم المهووس بالسلطة والطاغية صدام حسين وحزبه، عندما قال بأنهم "البعث" جاءوا ليبقوا وأن تركوا العراق ، سيتركوه أرضا بلا شعب ولا موارد و برّ المجرم ومعه البعثيين الطغاة بقسمهم، إذ ما أن حلّ التاسع من نيسان من العام 2003 حتى كان العراق أرضا وشعبا صحراءا بلقع. فالدمار شمل ساعة رحيلهم الى مزابلهم ، الارض والانسان والتاريخ فكان إرثهم الباقي كارثيا ككارثة حكمهم التي مهّدت الطريق لأحتلال البلد وجعلته رهينة لسياسات القوى الدولية والاقليمية.
ما أن أنهار النظام الدموي البعثي إثر الاحتلال حتى أزداد تشاؤم الكثيرين من الحالمين ببناء عراق آخر جديد على أنقاض عراق البعث المجرم. فأصدقاء الامس وهم يناضلون ضد آلة البعث الهمجية تحولوا الى أعداء خصوصا وأن الاموال المعروضة للنهب من خزائن البلد فاقت بعشرات المرّات ما دخلت خزائن البعث "كان في حصار لما يقارب الـ12 عاما عدا فترة الحرب الصدامية الخمينية" بعد أن أرتفع سعر برميل النفط ليعبر حاجز المئة دولار. وبدلا من العمل على نبذ الأرث الصدامي البعثي والبدء ببناء نظام ديموقراطي حقيقي كفيل بأعادة بناء الارض والانسان، رأينا تراجعا شرسا عن كل ما كانت هذه الاحزاب تعمل من أجله وتبشّر به. وأهم ما رفضت أن تتركه من أرث كان تشبثها بالسلطة والعمل على الهيمنة عليها بأسم الديموقراطية التي ضاعت فجأة تلك التي جاء بها الامريكان كوصفة سحرية لتتحول بالنهاية الى "ديموقراطية توافقية" أو "ديموقراطية الأغلبية" واللتان تعنيان نظام محاصصة وسلطة طائفية على التوالي.
أن ما يجري اليوم بالعراق من أحداث خرجت في بعضها عن السيطرة جاءت نتيجة أستهتار مهووس آخر بالسلطة كسابقه، أي المقامر نوري المالكي وحزبه الحاكم اللذين يغامران كما اللذان سبقاهما " بشعبهما ووطنهما " من أجل الاستمرار بالسلطة وأن كانت على بقايا بلد دمّروه نتيجة رعونتهما وسياساتهما الطائفية. فالمالكي وهو يرث عشق صدام وحزبه المجرم للسلطة صرخ منتشيا ضاحكا مستهترا بالعملية السياسية و"بشعبه ووطنه" دون أن يستفاد من دروس التاريخ حتّى تلك التي عاصرها عن قرب، حين قال أمام مؤتمر عشائري بائس كبؤس سلطته " ما ننطيها "، في نزعة تسلطية تعتبر العتبة الاولى لدكتاتورية بغيضة تستطيع أن تنتصر بأية أنتخابات طالما تملك المال والسلطة والاعلام و ملفّات ساخنة جدا ضد الاصدقاء والاعداء كما صدام وحزبه. ولكي يبرّ المالكي كما صدام بقسمه بل وأكثر منه قال مؤخرا أن عدم مبايعته كخليفة للمنطقة الخضراء ستفتح أبواب جهنم على العراق. فهل جهنم لم تفتح (في عهدك وحزبك الحرامي) أبوابها وشبابيكها لتحرق العراق لليوم أيها المقامر؟ لنترك أيها المقامر بوحدة العراق وشعبه، كل أشكال جهنمك التي هددتنا بها لنبحث عن جهنم واحدة فقط ستكللكم بالعار الى نهاية التاريخ.
فهل هناك جهنم أكبر وأشد نيرانا من جهنم داعش التي هربت قواتك بأعتبارك "القائد العام للقوات المسلحة" من أمامها تاركة لهم مختلف أنواع الاسلحة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة؟ هل هناك جهنم أكبر وعصابات داعش تهدد بأحتلال بغداد وأنت لازلت تريد أن تكون رئيسا للوزراء على الرغم من رفض حتّى رفاقك بالبيت الشيعي وعدم التوافق عليك من قبل بقية المتحاصصين؟ هل هناك جهنم أكبر وثلث مساحة " بلدك " تعيث بها العصابات الداعشية فسادا وقتلا وتدميرا؟ نعم أيها المستهتر بالوطن والشعب هناك جهنم أكبر من كل أشكال جهنم التي جئنا على ذكرها ولا يُمر بها مرور الكرام الا الذين لا كرامة لهم مثلك وحزبك، وهي جهنم داعش بحق أبناء شعبنا وخصوصا المسيحيين والأيزيديين منهم.
هل تعرف أيها الفاشل والمهووس بالسلطة أن عصابات داعش قد فتحت سوقا للنخاسة لبيع بنات " شعبك ووطنك " في الموصل التي هربت منها كجرذ؟ وهل تعرف أن شذّاذ الآفاق من هذه العصابات أغتصبت لليوم المئات من نساء " شعبك " دون أن يرف لك جفن؟ هل تعرف أن هذه العصابات من الممكن أن تحتل العاصمة وأنت وبقية المتحاصصين لاهون بتقسيم السلطة والمناصب .
بأي جهنم توعدنا، وهل هناك جهنم أعظم من مصيبتنا هذه أيها النرجسي والصدامي أرثا. أن رئيسا لوزاء دولة تغتصب بنات شعبه و تباع كجواري في سوق النخاسة ولن يستقيل بل ويقاتل للأستمرار بالسلطة ليس سوى مجرم أو معتوه.
جاء في كتب السيرة أن عبد المطلب بن هاشم خرج الى أبرهة الحبشي وهو قرب مكة يطالبه بأعادة أبله التي أخذها جنوده، فقال أبرهه: من هذا، فقالوا: أنه عبد المطلب بن هاشم من سادات مكّة وصاحب العير. فقال له أبرهة: سقطت من عيني جئت أهدم البيت الذي هو دينك ودين آبائك وعصمتكم وشرفكم في قديم الدهر فألهاك عنه ذود أخذ لك، فقال له: أنا رب الأبل وللبيت ربّ يحميه. وذكرت لنا كتب التاريخ بأسهاب نهاية الحادثة ومعجزات "السماء" وطير الأبابيل لينكسر جيش أبرهة ويفوز عبد المطلب بأبله.
واليوم حيث الدواعش على أعتاب بغداد نراك تريد حكم الخضراء "الري" أما العراق فله ربّا "يحميه "!! متناسيا على ما يبدو أن لا معجزات بالعالم اليوم، الا السياسة العقلانية والناضجة متسلحة بأرادة وطنية وشعبية وقوة عسكرية يعتد بها وأنت لا تمتلكها.
أليس من العار أن لا تطالب ببنات ونساء وأطفال بلدك وهناك في التاريخ من يطالب بأبله!؟
مقالات اخرى للكاتب