اينما يذهب المرء يواجه بالحديث عن اجور الطاقة الكهربائية المرتفعة بعد التسعيرة المفروضة من قبل وزارة الكهرباء في البيت والمحل والمصنع والفندق لا حديث الا عن ذلك والتذمر والاستياء من التسعيرة الجديدة غير المنصفة ، حتى ان البعض اضطر الى عدم دفع فواتير الكهرباء وتأجيلها لانه لم يحسب حسابه لهذا المبلغ الباهظ.
في ندوة مع احدى القنوات الفضائية حاول الناطق باسم وزارة الكهرباء مصعب المدرس ان يسوق التسعيرة ويدافع عن وزارة الكهرباء ، طبعا هذه وظيفته ،ويلقي اللوم على اصحاب الفنادق في كربلاء الذين لا يقتصدون باستهلاك الطاقة بذل جهداً لتبرير ما لا يبرر بل عد المسألة تقتصر على محافظتي النجف وكربلاء وتغافل عن المذكرات والمطالب التي تقدم بها اصحاب الشأن في بغداد وغيرها من المحافظات من شكاوى تنم عن غضب واستياء. ومما ساقه ان سعر الوحدة الكهربائية ارخص مما هي عليه في دول المنطقة، وان الانتاج تتضاعف عدة مرات عما كان عليه في زمن النظام السابق، وايضاً كالعادة رأى المسألة من زاوية محددة كي يثبت ان الوزارة على حق وقدمت منجزاً كبيراً ولكنه عجز عن اقناع مقدم البرنامج ومحاوره ممثل رابطة الفنادق في كربلاء ونحن مجموعة من المشاهدين كنا نتابع البرنامج.
ان المبالغ التي استثمرت في القطاع الكهربائي كبيرة جداً وكان يفترض ان تصل الى اكثر من 20 الف ميغاواط وليس 14 الف ميغاواط التي كما يدعي ، بما في ما كان ينتج سابقا، وهو رقم مشكوك في صحته وهذا لمدة ثلاثة عشر عاماً.
اصحاب الفنادق في كربلاء يقولون ان القوائم التي يدفعونها كانت تترواح بين (1-2) مليون دينار الان باتت تصل الى اربعين مليون، وهو مبلغ يفوق ما يرد للفنادق حتى لو كانت ممتلئة كلها شهرياً.
الوزارة ضربت الاقتصاد الوطني في الصميم حين رفعت سعر الوحدة الكهربائية الى مبالغ خيالية زادت من كلفة المنتج في الصناعة والزراعة والخدمات.. والطاقة عنصر من عناصر الانتاج الذي ينبغي ان يكون بسعر كي تنافس الصناعة المحلية والصناعة الاجنبية.
الواقع ان هذه التسعيرة ستدفع البلاد ليس نحو التصنيع والاكتفاء الذاتي منه، وانما الاستيراد وتوقف الصناعات المحلية والزراعة وغيرهما التي هي اصلاً تعاني من مشكلات جمة على اكثر من صعيد وتتطلب دعماً لمساعدتها على المنافسة وسياسة الاغراق التي تتعرض لها من دول الجوار والعالم.
من هنا وزارة الكهرباء لا تقف مع استراتيجية للنهوض بالاقتصاد الوطني بتوفير طاقة بسعر متهاود هي لا تفكر الا بتعظيم مواردها على حساب فئات شعبنا كلها كان يمكن لوزارة الكهرباء ان تحسن جبايتها للطاقة المستهلكة وازالة التجاوزات على الشبكة والمحاسبة الصارمة عنها، والالتفات الى دوائر الدولة التي بذمتها ديون هائلة الى جانب الاستهلاك الكبير من دون مبرر. الحل المنصف الذي يراه الناس بتسعيرة معقولة ودعم مناسب لمستويات محددة تكفي الحاجة غير المسرفة في الاستهلاك مع مراعاة الاستهلاك التجاري والصناعي والزراعي باسعار تمكنه من الانتاج بكلفة غير مثقلة بالتسعيرة المقررة الآن.
مقالات اخرى للكاتب