وفقا لتقرير مركز ستراتفور للدراسات الإستراتيجية والأمنية سيتواصل عدم الاستقرار في العالم العربي خلال العقد المقبل، وان المنافسة الإيرانية التركية ستنمو في المنطقة وتشكل معظم التضاريس للأوضاع السياسية في منطقة الشرق الأوسط. ويبين تقرير للمركز عن توقعاته للعقد المقبل أن منطقة الشرق الأوسط لا سيما المنطقة الواقعة بين بلاد الشام وإيران، جنبا إلى جنب مع شمال أفريقيا - ستشهد أعطالا وطنية، بمعنى ان الدول التي نشأت على أسس وطنية وعلى نحو الذي رسمت فيها حدودها كما وضعتها القوى الأوروبية في أوائل القرن العشرين ستنهار على أسس الهوية دون وطنية إلى مكونات تحددها القرابة والعشائرية والقبلية أو على أسس دينية أو طائفية مذهبية. كما أن الصراعات والحروب ستسيطر على أجزاء كبيرة من المنطقة. ويتوقع التقرير أن "اللبننة" ستعمم في المنطقة، بمعنى أن الأوضاع في لبنان ستنتشر في أجزاء عديدة من المنطقة، حيث تتوقف الحكومة المركزية عن العمل، أي تتحول الحكومة إلى ضريح سياسي وتؤول سلطاتها إلى فصائل وقوى متحاربة لا يستطيع أي منها هزيمة الآخر،، فضلا عن نشوب حروب أهلي.. ومعارك بالنيابة عن أطراف خارجية تتلاعب بالأطراف المحلية وتوفر لها الدعم المالي لاستمرار النزيف وليستمر فراغ السلطة في المنطقة التي تنتشر بين ثناياها التنظيمات الإرهابية والجهادية.
وعلى الرغم من ان التوقعات ستتجه نحو الولايات المتحدة من أجل استخدام قوتها ولو بشكل محدود في المنطقة بغية ضبط الأوضاع في المنطقة، ولكن ذلك لن يحدث – كما يشرح تقرير مركز ستراتفور -، وان حدث فهو يحدث بشروط ومقابل ثمن. وفي التفاصيل يوضح التقرير أن تركيا ستطلب مساعدة الولايات المتحدة لضبط الأوضاع في جنوبها في المنطقة العربية، غير ان الولايات ستشترط ثمنا لذلك.. والثمن سيكون تعاونا مشتركا أمريكيا تركيا في إدارة البحر الأسود فضلا عن توسيع الطريق لتعاون مشترك لتمديد خط الاحتواء لروسيا في مناطق أوراسيا ما بين جورجيا وأذربيجان.
ويشير التقرير إن إيران ستحاول تحمل العبء أو الاستفادة من أوضاع المنطقة، غير أن أوضاع إيران في تلك اللحظة لن تؤهلها لأداء وظيفة في هذا الإطار لأسباب بعضها اقتصادي وبعضها عسكري وسياسي فضلا عن الأسباب الجبولوتكية. كما أن المملكة العربية السعودية ستظل تلعب دور المعوق للمطامح الإيرانية. وفي كل الأحوال المنطقة ستشهد بناء تحالفات متغيرة تربط بين المنطقة المحيطة بــإيران وتركيا في المشرق العربي وشمال أفريقيا، كما ان تركيا ستبقي خياراتها مفتوحة للعمل مع كل من إيران والمملكة العربية السعودية حسب الحاجة. ومهما كانت ديناميكية المحاور والتحالفات المتغيرة فإن تركيا ستكون في المركز منها.
ويتوقع التقرير أن غياب التوازنات السياسية الداخلية في دول المنطقة سيكون العامل الأساسي في كل التقلصات والاضطرابات التي تشهدها المنطقة،، فيما ستلعب العوامل الخارجية أدوارا مساعدة في الفوضى التي ستشهدها المنطقة. ويميل التقرير إلى اعتبار تركيا هي الوحيدة التي ستنجح في إيجاد التوازن السياسي الداخلي. وسيساعدها في ذلك ظهور حكومة جديدة خلال السنوات القادمة..
مقالات اخرى للكاتب