Editor in Chief: Ismael  Alwaely

Editorial secretary: Samer  Al-Saedi

Journalist: Makram   Salih

Journalist: Saif  Alwaely

Journalist: Ibnyan   Azeezalqassab

Editor: Aboalhassan   Alwaely

Reporter: Abdulhameed   Alismaeel

مقالات وأبحاث
الاثنين, أيار 1, 2023
الثلاثاء, نيسان 25, 2023
الأربعاء, نيسان 19, 2023
السبت, نيسان 15, 2023
الجمعة, نيسان 1, 2022
الأحد, آذار 13, 2022
الأربعاء, شباط 16, 2022
الثلاثاء, شباط 15, 2022
السبت, حزيران 3, 2017
السبت, أيار 20, 2017
السبت, أيار 13, 2017
الجمعة, أيار 12, 2017
الاثنين, أيار 1, 2017
1
2
3
4
5
6
   
أطرقُ باب بيتٍ لا يعرفُ الحَزَن
الأحد, آذار 12, 2017
فاطمة ناعوت

هناك أسطورةٌ صينيةٌ تحكي عن سـيدة كانت تعيش راضيةً قانعةً مع ابنها الوحيد الذي هو قُرّه عين لها ولوحدتِها التي حلّت ببيتها بعدما فقدت الرجل والأهل والسند. وفي يومٍ حزين، جاء الموتُ واختطف روح ابنها دون مقدّمات. رفضتِ الأمُّ تصديق موت وحيدها، ولا سلّمت بأن الموتَ فعلٌ جازمٌ غيرُ قابل للاستئناف أو النقض. ذهبت إلى حكيم القرية وبكت بين يديه ثم طلبت منه أن يدلّها على وصفة سحرية تُعيد ابنها إلي الحياة. وتعهدت بأن تصنعها مهما بلغت صعوبتُها. 
أشفق الشيخُ الحكيم على المرأة الثكلى ورقّ قلبُه لحالها. اعتدل في جلسته وأخذ شهيقًا عميقًا، ثم شرد بذهنه بعيدًا، وقال: "حسنًا يا ابنتي. أحضري لي حبّة خردل واحدة. بشرط أن تأتي بها من بيت لم يعرف الحَزَن مطلقًا.”
انتعش قلبُ المرأة برذاذ الأمل والرجاء الوشيك في استعادة نجلها الراحل. فبدأت من فورها تدور على بيوت القرية بيتًا في إثر بيت، وتطرق بابًا من بعد باب، سائلةً عن طريدتها التي طلبها الحكيم الطيب: "حبّة خردل واحدة، من بيت لم يعرف الحزن أبدًا.”
طرقت السيدةُ أحدَ الأبواب. ففتحت لها امرأةٌ شابة، سألتها السيدةُ: "هل عرف هذا البيت حزنا من قبل؟" ابتسمت الشابّةُ في مرارة، وأجابت: “وهل عرف بيتي هذا إلا كل حزن؟" ثم راحت تحكي للمرأة الثكلى أن زوجها مات منذ عام، تاركًا لها أربعة من الأطفال الصغار. لا تعرف كيف تُطعمهم إلا ببيع أثاث الدار الذي لم يتبقَ منه إلا أقلُّ القليل.
فاض الدمعُ من عيني السيدة الثكلى، وراحت تواسي صاحبتها الأرمل أمّ اليتامى. ومع نهاية الزيارة؛ صارتا صديقتين، ولم تفترقا إلا وقد تواعدتا على تكرار اللقاء. قالت الشابة لرفيقتها الحزينة، سأنتظرك، فقد مرّ زمنٌ لم أفتح فيه بابَ بيتي لزائر ولا قلبي لإنسان أبثّه شكواي. 
قبيل الغروب، طرقت المرأة الثكلى بابًا جديدًا، ففتحت لها سيدةٌ على وجهها سيماءُ التعب. سألتها إن كان هذا البيتُ لم يعرف الحزن. ملأها الإحباطُ حين علمت من سيدة الدار أن زوجها طريحُ الفراش وليس في البيت طعام لصغارها. قررت المرأةُ الثكلى أن تساعد هذه السيدة الفقيرة. فذهبت إلي السوق واشترت بكل ما معها من مال طعامًا وبقولا ودقيقًا وزيتًا وسكرًا، ثم عادت إلى دار رفيقتها، وساعدتها في طهو وجبة ساخنة، واشتركتا معًا في إطعام الصغار. ثم ودّعتها على وعدٍ بزيارتها في مساء اليوم التالي. 
حينما أشرق الصبحُ، جالت المرأة بين أرجاء البلدة، لم تترك بابًا إلا طرقته، ولا بيتًا من بيوت الجوار إلا وددخلته لتسأل أهله إن كان بيتهم لم يعرف الحزن، حتى يأتي السؤال الآخر الذي لم يأت أبدًا: "حبة خردل واحدة"، فقط إن كانت الدار نقيّة بريئة من الفجيعة والدموع. من باب إلى باب أخبرتها الدورُ والأبوابُ أن رجاءها صعبٌ عسير يسكن قرّة المستحيل. 
خرجت من كل بيتٍ صفرَ اليدين مما جاءت من أجله، وملأت جرّة ذاكرتها بقصص كثيرة وحواديت ملؤها الحزن والشقاء والموت والقنوط، لكنها حصدت مع القنوط عددًا هائلا من الأصدقاء الذين جعلت مشروع حياتها القادم مساعدتهم وحل مشاكلهم والتخفيف من أحزانهم. 
ومرّت الأيام والسيدة لا توقفُ عطاءها وبذلها لفقراء قريتها وحزانى الجوار، حتى صارت صديقة لكل بيت من بيوت القرية. ويومًا بعد يوم، بدأت تنسى طريدتها التي ستُرجع لها ابنها الراحل. نسيت حبّة الخردل من بيت لا يعرف الحزن، لأنها أدركت أن ثمة حزنًا يسكن كل قلب. وحين ذابت في أحزان الناس بدأ حزنُها الشخصي يخفت مع الوقت، وأدركت حكمة حكيم القرية، وعبقرية وصفته السحرية. “الخروج من ال أنا"، نحو "ال هو وال نحن الجمعية". تلك هي حبّة الخردل التي تجعل أحزاننا تذوب مع أحزان الآخرين. 
لا أدري لماذا أتذكر تلك القصة الجميلة كلّما طرقتُ بابًا أعرفُ أن وراءه أمًّا ثكلى فقدت شهيدًا من شهدائنا في حربنا الصعبة مع الإرهاب. اللهم نقّ واقعنا من أعداء الحياة خصوم الفرح وكلاء الموت على الأرض.


مقالات اخرى للكاتب

 
أضف تعليق
نطلب من زوارنا اظهار الاحترام, والتقيد بالأدب العام والحس السليم في كتابة التعليقات, بعيداً عن التشدد والطائفية, علماً ان تعليقات الزوار ستخضع للتدقيق قبل نشرها, كما نحيطكم علماً بأننا نمتلك كامل الصلاحية لحذف اي تعليق غير لائق.
الاسم :

عنوان التعليق :

البريد الالكتروني :

نص التعليق :

1500 حرف المتبقية
أدخل الرقم من الصورة . اذا لم تستطع القراءة , تستطيع أن تحدث الصورة.
Page Generation: 0.36508
Total : 101